اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: رد: سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم الخميس أكتوبر 21, 2010 6:49 pm | |
| سلسلة من أساليب التربية بالقرآن الكريم
الاعتراف بالخطأ
الدكتور عثمان قدري مكانسي هو فضيلة يفتقر إليها الكثير من الناس، بل إنه شجاعة يقدم عليها المنصف الجدير بالاحترام . فمن اعترف بخطئهأقرَّ بإنسانيته . فالإنسان خلق من عَجَل ، وفيه عنصر الخطأ ، ومن أقرَّبخطئه قمين أن يصلح ما أفسده . أما الذي يخطىء ، ويدعي العصمة ، ولا يقرُّبما اقترفَ ففيه لؤم ولا أمان له .
ـ فهذا أبونا آدم وأمنا حواء ، حين انجرّا وراء إبليس بعد أن أقسملهما أنه صادق ، فأكلا من الشجرة ، وبدت لهما سوءاتهما اعترفا بالخطأ ،فأقرّا بذنبهما ،قال تعالى: { قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} (الأعراف) ، وقد عفا الله تعالى عنه وزوجته حين أقرا بالخطأ ،قال سبحانه: { فَأَكَلَامِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِعَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)}(طه) . ـ وهذه امرأة العزيز حين أبى يوسف عليه السلام أن يخرج من السجن إلا إذابُرِّئَت ساحتُه ، يستدعيها ، وصاحباتها الملكُ ويسألهن ،قال تعالى : { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَـصَ الْحَـقُّ أَنَارَاوَدْتُهُ عَـنْ نَفْـسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) }(يوسف) . ـ هذا سيدنا موسى عليه السلام يستنجده اليهودي في خصامه مع القبطي ،قال سبحانه : { وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُالَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىفَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّمُضِلٌّ مُبِينٌ (15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (17) }(القصص) . 1ـ علم موسى أنه أخطأ ، ولم يكن يقصد قتل القبطي . 2ـ نسب هذا الفعل إلى الشيطان ، ووسوسته . 3ـ استغفر ربه وأناب إليه ، فتاب الله عليه . 4ـ عاهد ربّه أن لا يعود إلى مثل هذه الأمور . وعلى هذا فإن موسى عليه السلام حين أتى فرعون يدعوه إلى عبادة الله وحدهاستنكر فرعون أن يكون القاتل نبياً ، وذكَّره بقتله القبطي ، قال تعالى :{وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) }(الشعراء)، فما كان من موسى عليه السلام أن اعترف بذلك ، قال سبحانه : { قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21)}(الشعراء) . ونسي فرعون ، أو تناسى أن موسى عليه السلام قتل المصري خطأ أمّا هو فطاغيةمجرم قتل عشرات الآلاف من المصريين ، واستعبد بني إسرائيل ، وكان يقتلالمواليد من الذكور لِحُلُم رآه ـ قتلهم عن قصد ـ لكنّ الإنسان لا يرىذنبه مهما كبر ، ويرى ذنب غيره مهما صغر . ـ وذهب موسى مع الرجل الصالح ليتعلم منه ( في قصة موسى مع الخضر في سورةالكهف ) فلما استعجل العلم مرتين ، مرّة في خرق السفينة ، ومرّة في قتلالغلام رأى في المرة الثالثة أنّه أخطأ ، قال تعالى : { قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) }(الكهف) .
ـ والله سبحانه وتعالى وعد المخطئين الذين فعلوا ما فعلوه عن جهل ، وسوء تقدير ، ثم استدركوا ، فتابوا ، بالمغفرة والرحمة ، { ثُمَّإِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوامِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌرَحِيمٌ (119) }(النحل) .
ـ وهؤلاء أصحاب الجنة لم يكونوا كأبيهم كرماً ، وفضلاً ، وإحساناًفبخلوا على الفقراء أن يعطوهم نصيبهم ، فاتفقوا على قطف ثمارها وبيعها قبلمجيئهم ، فأحرق الله زرعها نكاية بهم ، وجزاء لهم على شحهم ، وبخلهم ، قالتعالى: { قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32) }(القلم). فاعترفوا بخطئهم ، وأنابوا إلى ربهم واستغفروه ، وأقروا بظلمهم المساكين ، وظلمهم أنفسَهم .
ـ هؤلاء أقروا بما فعلوا في الدنيا ، وما زال في الوقت متسع وإنأنابوا واستغفروا رضي الله عنهم ، ولكنْ في الآخرة لا ينفع الندم ، ولايفيد الاستغفار ، ففي الدنيا عمل ، وفي الآخرة حساب ، قال تعالى : { وَلَوْتَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْرَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّامُوقِنُونَ (12)}(السجدة) . فبماذا يجيبهم الله سبحانه وتعالى ؟ إنه سبحانه يعاقبهم ويوبخهم : { فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14)}(السجدة) . وهؤلاء المجرمون ، وهم في العذاب الشديد يدعون على أنفسهم ، فهم الذينأوقعوها في جهنّم ، فيخبرهم الله تعالى أنه يكرههم ، ويمقتهم أكثر ممايكرهون أنفسهم ويمقتونها : { إِنَّالَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْمَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ(10) قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِوَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىخُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11) ذَلِكُمْ بِأَنَّهُإِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِتُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12)(غافر) .
ـ وتعالَ معي من قريب نلحظ هذه الصورة ، وهذا النقاش بين ملائكة العذاب ، والكفار الذين اعترفوا بما اقترفوا ، قال سبحانه : { وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8 قَالُوابَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُمِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)}(الملك) . فالاعتراف إذاً بالخطأ وفي الوقت المناسب ينجي من اقترفه في الدنيا حينيسامحه من أساء إليهم أما الاعتراف في الآخرة ، فهو على نوعين : الأول : الخطأ في العقيدة كالكفر بالله والشرك به ، فهذا لا غفران له .
الثاني : الخطأ في التصرف ، فالله غفور رحيم نسأله أن يغفر لنا خطايانا أَنْ كنا من المؤمنين .
يتبع
| |
|