|
| المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم الأربعاء أكتوبر 20, 2010 11:24 pm | |
| المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء الأول- القرآن
الدكتور خالد العبيدي
توطأة لعل المتبحرين في علوم القرآن الكريم يجدون أنه يرسم لوجة تكاملية من علومشتى بدءاً من فهم معنى وأسلوب نزوله وتلقينه وأسلوب قراءته وتدبره، وليسانتهاء بأصناف فنونه وإعجازه. ونظراً لأهمية توضيح العلوم القرآنية في موضوع فهم العلوم الإعجازيةالمختلفة فقد ارتأينا أن نخصص مسلسلاً كامل نلخص فيه بعض العلوم القرآنيةوتكاملها ووحدتها بدءاً من القرآن أسمائه وصفاته وتنزلاته، الوحي، مروراًبعلوم القرآن الكريم كأسباب النزول، المحكم والمتشابه، المكي والمدنيوالصيفي والشتائي، مراحل جمع القرآن الكريم، علم القراءات والتجويد، علومالتفسير والتأويل وغير ذلك. القرآن الكريم هو معجزة الإسلام الخالدة، أنزله الله تعالى على محمد – صلىالله عليه وسلم – ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى الصراطالمستقيم، فكان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يتلقاه من جبريل – عليهالسلام – ويبلغه إلى الصحابة – رضوان الله عليهم – وهم من العرب الخلص،فكانوا يفهمونه بسليقتهم، وإذا التبس عليهم فهم آية من الآيات القرآنيةرجعوا بها إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – وسألوه عنها. فكان يجيبهم على أسئلتهم، كما ورد في الحديث الشريف الذي رواه الشيخان وغير هما عن ابن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية: { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم.....}سورة الأنعام: آية 82 قال : شق ذلك على الناس فقالوا: يا رسول الله وأينالا يظلم نفسه ؟ قال: إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح:{ إن الشرك لظلم عظيم } سورة لقمان آية: 13 إنما هو الشرك )). وختم الله تعالى بهذا القرآن الكتب السماوية التي أنزلها على رسله، كماختم بمحمد –صلى الله عليه وسلم – الأنبياء والرسل وامتاز القرآن عن سائرالكتب السماوية السابقة بأن تولى الله بنفسه حفظه وصيانته فلا يأيتهالباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا يتطرق إليه تحريف ولا تبديل قال اللهتعالى: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) سورة الحجر آية: 9. وقال تعالى: ( وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد )سورة فصلت آية: 42. وقد جاء القرآن الكريم وافياً بجميع مطالب الإنسانية،حيث عالج مشكلاتها في شتى مرافق الحياة الروحية والعقلية والاجتماعيةوالاقتصادية والسياسية علاجاً حكيماً يتناسب مع الفطرة، لأنه من لدن حكيمخبير. وقد أتم الرسول – صلى الله عليه وسلم – تبليغه إلى أصحابه ومن ثمإلى الناس جميعاً. القرآن تعريف القرآن لغة واصطلاحاً القرآن لغة: قرأ تأتي بمعنى الجمع والضم. والقراءة ضم الحروف والكلماتبعضها إلى بعض في الترتيل، والقرآن، في الأصل كالقراءة، مصدر قرأ قراءةوقرأنا. قال تعالى: { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ }[ القيامة: 17- 18 . أي قراءته. والقرآن على أصح الآراء مصدر على وزنفُعلان، كالغُفران والشكران.، بمعنى القراءة. مصدر على وزن فعلان بالضم القرآن اصطلاحاً: هو كلام الله تعالى المعجز بلفظه ومعناه، المنزل علىالنبي محمد – صلى الله عليه وسلم – المبدوء بسورة الفاتحة المختوم بسورةالناس، المنقول بالتواتر، المتعبد بتلاوته، المتحدى بأقصر سورة منه. وهناك تفصيل آخر يعرف القرآن اصطلاحاً بأنه: هو كلام الله القديم، المعجز،المُنَزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، المكتوب بالمصاحف، المنقولبالتواتر، المُُتعَّبد بتلاوته . ومعنى ذلك : كلام الله القديم (العقيدة )، المعجز أي أن القرآن معجز بجملته ، كما أنه معجز بأي سورة منه ، ولو كانت أقصر سورة منه ، ولو عُرِّف القرآن بهذه الصفة " الكلام المعجز " لكفى ذلك لتمييزه والتعريف به . قال تعالى: { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً } [ الإسراء : 88 ]. ومعنى التواتر (مصطلح الحديث). وأما معنى المتعبد بتلاوته أي أن مجرد تلاوة القرآن عبادة يثاب عليها المؤمن.
الفرق بين القرآن والحديث النبوي والحديث القدسي يفرق العلماء بين القرآن الكريم والحديث النبوي بأن القرآن، لفظه ومعناهمن عند الله، أما الحديث النبوي فمعناه من عند الله تعالى ولفظه من النبي– صلى الله عليه وسلم – على الرأي الصحيح . والفرق بين القرآن والحديث القدسي بأنهما وإن كان كل منهما لفظه ومعناه منعند الله على الصحيح إلا أن الحديث القدسي لم يقصد بلفظه التحدي والإعجازولم يتعبد بتلاوته. فالقول في تعريف القرآن بأنه كلام الله المعجز يخرج الحديث النبوي والحديث القدسي. والجدير بالذكر أن القرآن يطلق على مجموع القرآن المكتوب في المصحف ويطلقعلى بعضه أي على كل آية من آياته، فإذا سمعت من يتلو آية من القرآن صح أنتقول: إنه يقرأ القرآن. قال تعالى: { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون } سورة الأعراف ـ آية 24. سبب تسمية هذا الكتاب بالقرآن ذكر بعض العلماء أن تسمية هذا الكتاب قرآنا ًمن بين كتب الله لكونه جامعاً لثمرة كتبه، بل لجمعه ثمرة جميع العلوم. قال تعالى: ( ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء ) سورة النحل: آية 89 . أسماء القرآن للقرآن الكريم أسماء كثيرة أوصلها البعض إلى نيف وتسعين اسما، اعتماداًعلى إطلاقات وصفات وردت في بعض الآيات كلفظ ( كريم ) في قوله تعالى إنه لقرآن كريم ) سورة الواقعة: آية 77 ولفظ مبارك في قوله تعالى: ( وهذا ذكر مبارك أنزلناه ) سورة الأنبياء: آية 50 لكن المشهور من أسمائه على الترتيب:- القرآن – الفرقان – الكتاب – الذكر – التنزيل. ومن أسماؤه وأوصافه: 1-القرآن:إشارة إلى حفظه في الصدر: { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [الإسراء: 9] . 2- الكتاب: إشارة إلى كتابته في السطور: { الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ } [البقرة:1-2 ] 3-الذكر: في قوله تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [ الحجر: 9 ] . 4- الفرقان: إشارة إلى أنه يفرق بين الحق والباطل: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا } [ الفرقان: 1] . أما أوصافه : 1- هدى: في قوله تعالى: { هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ } [ لقمان: 3 ]. 2- نور: في قوله تعالى: { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا } [ النساء: 174 ]. 3- شفاء: في قوله تعالى: { وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ } [ الإسراء: 82]. 4- حكمة: في قوله تعالى: { حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ } [ القمر : 5] . 5- موعظة: في قوله تعالى: { قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ } [ يونس: 57] . 6- وحي: في قوله تعالى: { إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ } [ الأنبياء : 45] . وهناك خمس وخمسون اسماً للقرآن . راجع: البرهان في علوم القرآن " للزركشي" نشأة علوم القرآن وتطوره استمر الصحابة رضوان الله عليهم – يتناقلون معاني القرآن الكريم وتفسيربعض آياته على تفاوت فيما بينهم، لتفاوت قدرتهم على الفهم، وتفاوتملازمتهم لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وتناقل عنهم ذلك تلاميذهم منالتابعين. وما روى عن الصحابة والتابعين يتناول: علم التفسير، وعلم غريب القرآن، وعلم الناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه،إلى غير ذلك مما له صلة بالقرآن الكريم. ويطلق على هذه العلوم ( علومالقرآن ). ولقد ظلت علوم القرآن تروى بالتلقين والمشافهة على عهد رسول الله – صلىالله عليه وسلم -، ثم على عهد أبي بكر وعمر – رضي الله عنهما -. وفي خلافة عثمان بن عفان – رضي الله عنه – بدأ اختلاط العرب بالأعاجم،فاقتضت الدواعي جمع المسلمين على مصحف واحد فتم ذلك، واجتمعوا على مصحفإمام حيث نسخ منه عدة مصاحف للأمصار، وأمر الخليفة عثمان – وباتفاق - معالصحابة حرق كل ماعداها دفعاً للخلاف والفتنة. ويمكن القول: أن الممهدين لعلم التفسير هم الخلفاء الأربعة، وابن عباس،وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبيّ بن كعب، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بنالزبير. وكلهم من الصحابة –رضوان الله عليهم – ومما تجدر الإشارة إليه أنما روى عنهم لا يتضمن تفسيراً كاملاً للقرآن، وإنما يقتصر على معاني بعضالآيات، بتفسير غامضها وتوضيح مجملها. ثم جاء دور التابعين حيث اشتهر منهم جماعة أخذوا عن الصحابة واجتهدوا فيتفسير بعض الآيات وعلى رأسهم: مجاهد بن جبر المكي، وعطاء بن يسار، وسعيدبن جبير، والحسن البصري، وزيد بن أسلم وعنه أخذ ابنه عبد الرحمن وغيرهم.وهؤلاء جميعاً هم الواضعون لما نسميه علم التفسير، وعلم أسباب النزول وعلمالمكي والمدني وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلم غريب القرآن. وفي القرن الثاني الهجري جاء عصر التدوين فألفت كتب في أنواع علوم القرآنوفي مقدمتها التفسير باعتباره أم العلوم القرآنية لما فيه من التعرض لهافي كثير من المناسبات عند شرح الكتاب العزيز . أول من كتب في التفسير يعتبر شعبة بن الحجاج وسفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح أول من كتبوا فيالتفسير، وكانت تفاسيرهم جامعة لأقوال الصحابة والتابعين. وهم من علماءالقرن الثاني الهجري. ثم تلاهم ابن جرير الطبري المتوفى سنة 310ه ويعتبر تفسيره من أجل التفاسير وأعظمها. وإلى جانب هذا التفسير المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنالصحابة والتابعين – رضي الله عنهم – نشأ التفسير بالرأي حيث فسر القرآنالكريم كله. أما علوم القرآن الأخرى ففي مقدمة المؤلفين فيها علي بن المديني شيخالبخاري، إذ ألف في أسباب النزول، وأبو عبيد القاسم بن سلام إذ كتب فيالناسخ والمنسوخ. وكلاهما من علماء القرن الثالث الهجري. ثم تتابع العلماءفي التأليف. ويرى بعض الباحثين: أن اصطلاح (علوم القرآن ) بالمعنى الجامع الشامل لميبدأ ظهوره إلا بكتاب البرهان في علوم القرآن لمؤلفه علي بن إبراهيم بنسعيد المشهور بالجوفي والمتوفى سنة 430ه، ويقع هذا الكتاب في ثلاثينمجلداً. ثم تتابع العلماء من بعده حتى عصرنا الحاضر يكتبون ويؤلفون في هذا الفن خدمة للقرآن الكريم. ومن أهمهم وأشهرهم ابن الجوزي المتوفى سنة 597هـ الذي ألف كتابه ( فنونالأفنان في عجائب علوم القرآن )، ثم بدر الدين الزركشي المتوفى سنة 824هـألف كتابه ( البرهان في علوم القرآن )، ثم جلال الدين السيوطي المتوفى سنة911هـ ألف كتابه المشهور (الإتقان في علوم القرآن ) . ولم يكن نصيب علوم القرآن من التأليف في هذا العصر أقل من العلوم الأخرى،فقد أقبل كثير من العلماء على تصنيف الكتب حول القرآن وتاريخه وعلومه،واتجهوا اتجاهاً سديداً في معالجة الموضوعات القرآنية بأسلوب العصر أمثالمصطفى صادق الرافعي في كتابه إعجاز القرآن، والشيخ محمد العظيم الزر قانيفي كتابه مناهل العرفان في علوم القرآن، بالإضافة إلى مؤلفات أخرى لا يتسعالمجال إلى ذكرها. تنزلات القرآن إن القرآن الكريم هو دستور الحياة الدنيوية والأخروية، شرعه الله تعالىلصالحها، وكان لا بد من واسطة تقوم بإبلاغ هذا الدستور، حتى يؤتي ثماره،إذ من غير الممكن أن يبلغ الله هذا الدستور مباشرة لكل فرد فرد، وكان منالممكن أن يتلقى الرسول – صلى الله عليه وسلم – القرآن عن ربه مرة واحدة،ودون واسطة، كما تلقى موسى – عليه السلام – ألواح التوراة. وكان من الممكنأن ينزل القرآن الكريم من الله تعالى على جبريل – عليه السلام – لينزل بهعلى محمد – صلى الله عليه وسلم – دون مراحل لهذا الإنزال. لكن الثابت أنللقرآن الكريم تنزلات ثلاثة هي: v الأول: نزوله إلى اللوح المحفوظ، بمعنى إثباته فيه من غير نظر إلى علووسفل. وكان هذا الإثبات والوجود في اللوح المحفوظ بطريقة وفي وقت لايعلمهما إلا الله تعالى ومن أطلعه على غيبه. وكان جملة لا مفرقاً. والدليلعلى ذلك قوله تعالى : { بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ }سورةالبروج: آية 21، 22. وحكمة هذا النزول تعود إلى الحكمة من وجود اللوحنفسه، فإنه السجل الجامع لما كان وما سيكون إلى يوم القيامة. v الثاني: نزوله من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، والدليل على ذلك قوله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر )سورة القدر: آية 1. وقد جاءت الأخبار الصحيحة مبينة لمكان هذا النزول وأنهفي بيت العزة من السماء الدنيا، كما تدل الروايات عن ابن عباس – رضي اللهعنهما – منها على سبيل المثال: ما أخرجه الحاكم والبيهقي عن ابن عباس -رضيالله عنهما – قال: ( أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا، وكان بمواقعالنجوم، وكان الله ينزله على رسوله – صلى الله عليه وسلم – بعضه في إثربعض ) v الثالث: نزول جبريل – عليه السلام – به على النبي – صلى الله عليه وسلم– منجماً في نيف وعشرين سنة . والدليل على ذلك: قوله تعالى : { نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين }سورة الشعراء: آية 193 – 194 ). والنزول تفخيم شأن القرآن الكريم، وشأن منأنزل عليه، فإن في تعدد النزول تأكيداً للثقة فيه ومبالغة في نفي الشكعنه. والذي يجب الجزم والقطع به: أن جبريل عليه – عليه السلام – نزل بألفاظالقرآن الكريم جميعها من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس، وتلكالألفاظ هي كلام الله وحده لا دخل لجبريل ولا لمحمد – عليهما السلام – فيإنشائها ولا في ترتيبها، فا لألفاظ التي نقرؤها ونكتبها هي من عند اللهتعالى. وليس لجبريل – عليه السلام – في هذا القرآن سوى إيصاله وحكايته للرسول –صلى الله عليه وسلم – كما أنه ليس للرسول –صلى الله عليه وسلم – سوى وعيهوحفظه وتبليغه، ثم بيانه وتفسيره، ثم تطبيقه وتنفيذه. ولقد نسب الله القرآن إلى نفسه في عدة آيات منها:{ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْءانَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } [ النمل: 6]. وقوله تعالى: { وَإِنْ أَحَدُُ مِّنَ الْمُشْرِكيَن اسْتَجَارِكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله } [التوبة :6]. ولعل حكمة نزول القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا تكمن في : أ- تفخيم أمر القرآن وأمر من نزل عليه، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم. ب- سر يرجع لإعجاز القرآن، في ترتيب القرآن في النزول، ثم ترتيبه فيالمصحف، حيث ينظره جبريل في سماء الدنيا وهو على ترتيب المصحف، ثم ينزلبآياته تباعاً على حسب الحوادث، فتوضع كل آية مكانها في المصحف وفقالترتيب في اللوح المحفوظ . وأما حكمة نزول القرآن منجماً من السماء الدنيا : أ- تثبت فؤاد الرسول صلى الله عليه وسلم وتقوية قلبه: كما قال تعالى: { كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ }[ الفرقان: 32] . فقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم في قوم جفاة، شديدة عداوتهم، كما قال تعالى: { وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمَاً لُّدّاً }[ مريم: 97]. وكانوا لا يكادون ينتهون من حملة أو مكيدة حتى يشرعوا فيتدبير أخرى مثلها أو أشد منها، فكانت تنزلات القرآن بين الفينة والأخرىتواسيه وتسليه، وتشد أزره وعزيمته على تحمل الشدائد والمكارة . ب- مواجهة ما يطرأ من أمور أو حوادث تمس الدعوة: كما قال تعالى:{ وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً }[ الفرقان: 33] وهذه حكمة جليلة لها أثرها البالغ في نجاح الدعوة، لمواجهةالوحي نفسه للطوارىء والملمات، ومن أهم ذلك ما يثيره المبطلون منالاعتراضات أو الشبهات، وهو الأصل الذي صرحت به الآية الكريمة : أي لايأتونك بسؤال عجيب أو شبهة يعارضون بها القرآن بباطلهم العجيب إلا جئناهمبما هو الحق في نفس الأمر الدامغ لباطلهم، وهو أحسن بياناً وأوضح، وأحسن كشفاً لما بعثت له. ت- تعهد هذه الأمة التي أنزل عليها القرآن: وذلك لصياغتها على النهجالإسلامي القرآني علماً وعملاً، وفكراً واعتقاداً وسلوكاً، تخلقاً وعرفاً.كما قال تعالى:{ وَقُرءاناً فَرَقنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [ الإسراء: 106]. ومن مظاهر هذا الجانب أنهم كانوا قوماً أميين لايحسنون القراءة والكتابة، فكانت الذاكرة عمدتهم الرئيسية، فلو نزل القرآنجملة واحدة لعجزوا عن حفظه. ث- التحدي والإعجاز. ج- تربية للرسول صلى الله عليه وسلم وتصبيره على أذى المشركين، وتثبيت قلوب المؤمنين وتسليحهم بعزيمة الصبر واليقين. تنجيم القرآن الكريم نزل القرآن الكريم مفرقاً حسب الوقائع والحوادث ومقتضيات الأحوال ، ويسميالعلماء القطعة التي نزلت دفعة واحدة نجماً ، كأنهم ينزهون القرآن عن لفظالتقطيع والتفريق ، ويشبهون أجزاءه بالنجوم ، من حيث إن كل نجم لهاستقلاله ، في الوقت الذي هو فيه جزء من مجموعة الكواكب . قال الإمام السيوطي: الذي أستقرئ من الأحاديث الصحيحة وغيرها أن القرآنكان ينزل بحسب الحاجة خمس آيات وعشر آيات وأكثر وأقل، وقد صح نزول العشرآيات في قصة الإفك جملة، وصح نزول ( غير أولي الضرر ) وحدها وهي بعض آية. وهذا التنجيم خاص بالقرآن الكريم من بين سائر الكتب السماوية. وأما حكم التنجيم، فلتنجيم القرآن الكريم – أي لنزوله مفرقاً على دفعات –حكم كثيرة بعضها يتصل بشخص الرسول – صلى الله عليه وسلم – وبعضها يتصلبالأمة، وبعضها يتصل بالنص القرآني نفسه أهمها فضلاً عما بيناه آنفاً: 1. تثبيت فؤاد النبي – صلى الله عليه وسلم – والدليل على ذلك قوله تعالى: { وقالالذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناهترتيلاً. ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً } سورة الفرقان: آية 32- 33. 2. تيسير حفظ القرآن الكريم على النبي – صلى الله عليه وسلم – وعلى أمته. والدليل على ذلك قوله تعالى: { وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً } سورة الإسراء: آية 106 3. التدرج بالأمة في تخليهم عن الرذائل، وتحليهم بالفضائل، والترقي بهم فيالتشريعات، فلو أنهم أمروا بكل الواجبات ونهوا عن جميع المنكرات دفعةواحدة لصعب عليهم. 4. مسايرة الحوادث والطوارئ في تجددها وتنوعها فكلما جد جديد نزل من القرآن ما يناسبه، وفصل الله لهم من أحكامه ما يوافقه. 5. تثبيت قلوب المؤمنين وتسليحهم بعزيمة الصبر واليقين، بسبب ما كان يقصهالقرآن الكريم عليهم من قصص الأنبياء والمرسلين، وأخبار الأمم السابقة،وبيان سنة الله فيهم. 6. الإشارة إلى مصدر القرآن وأنه كلام الله وحده وأنه تنزيل من حكيم حميد،فإن القرآن - رغم نزوله مفرقاً - مترابط أقوى ترابط كأنه عقد تم نظمه بدقةوإحكام تفوق قوى البشر. قال تعالى: { كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير }سورة: هود آية 1 . ولو كان هذا القرآن من كلام البشر وقيل في مناسباتمتعددة ووقائع متتالية وأحداث متعاقبة، لوقع فيه التفكك والانفصاموالتعارض وعدم الانسجام. قال تعالى: { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً } سورة النساء: آية 82. ]7. التحدي والإعجاز ولما عجب المشركون من نزول القرآن منجماً بين الله لهمالحق في ذلك، فإن تحديهم به مفرقاً مع عجزهم عن الإتيان بمثله أدخل فيالإعجاز، وأبلغ في الحجة من أن ينزل جملة ويقال لهم: جيئوا بمثله. أول ما نزل من القرآن الكريم وآخر ما نزل منه أصح الآراء في هذا الموضوع أن أول مانزل من القرآن الكريم على الإطلاق هو صدر سورة العلق { اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم } آية 1- 5. والدليل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم وغير هما عن عائشة – رضي الله عنها– قالت: ( أول ما بدئ به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من الوحيالرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حببإليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتحنث فيه الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك ثميرجع إلى خديجة - رضي الله عنها – فتزوده لمثلها حتى فاجأه الحق وهو فيغار حراء، فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ، قال رسول الله – صلى الله عليهوسلم -: فقلت ما أنا بقارئ، فأخذني فغطّني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلنيفقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثمأرسلني فقال: اقرأ، فقلت ما أنا بقارئ، فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهدثم أرسلني، فقال: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق )... مالم يعلم ) فرجع بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ترجف بوادره ).... الحديث . التحنث: التعبد، وأصله ترك الحنث، أي الذنب، وغطني: أي ضمني ضماً شديداً،حتى كان لي غطيط، وهو صوت من حبست أنفاسه بما يشبه الخنق، والجهد: - بفتحالجيم – يطلق على المشقة وعلى الوسع والطاقة، وبضمها: يطلق على الوسعوالطاقة لا غيره. وأصح الآراء في آخر ما نزل من القرآن الكريم على الإطلاق قوله تعالى: { واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون .....} البقرة: آية 281 لما رواه النسائي وغيره عن ابن عباس وسعيد بن جبير: آخر شيء نزل من القرآن: { واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله...} الآية . فقد روى أن النبي – صلى الله عليه وسلم – عاش بعد نزولها تسع ليال ثم مات. وقيل: إن آخر ما نزل هو قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } سورة البقرة: آية 278 لما أخرجه البخاري عن ابن عباس قال: آخر آية نزلت آية الربا. وقيل: إن آخر ما نزل قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه....} سورة البقرة: آية 282 لما روى عن سعيد بن المسيب: أنه بلغه أن أحدث القرآن عهداً بالعرش آية الدين. وجمع بين هذه الآراء الثلاثة بأنها نزلت دفعة واحدة كترتيبها في المصحف،لأنها في قصة واحدة، فأخبر كل عن بعض ما نزل بأنه آخر ما نزل والكل صحيح. أي إن : 1- أول ما نزل قوله تعالى: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } [ العلق:1]. وهذا هو الصحيح. 2- آخر ما نزل: قوله تعالى: { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } [ البقرة:281] وهذا أقوى الآراء وأرجحها في آخر ما نزل من القرآن مطلقاً. 3- الأوائل والأواخر المخصوصة : الأوائل المخصوصة : أ- أول سورة نزلت بتمامها سورة الفاتحة . ب- أول ما نزل في تشريع الجهاد: { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ...} [الحج: 39] . جـ- أول ما نزل في تحريم الخمر: { يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ...} [البقرة: 219] . د- أول ما نزل في الأطعمة: { قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا...} [الأنعام: 145] . -الأواخر المخصوصة : أ - آخر ما نزل يذكر النساء خاصة: { فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى...} [آل عمران: 195]. ب- آخر ما نزل في المواريث: { يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ...} [النساء: 176] . جـ - آخر سورة نزلت بتمامها: { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ } [النصر:1] . عن موقع الدكتور خالد العبيدي
| |
| | | اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: رد: المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم الخميس أكتوبر 21, 2010 6:33 am | |
| المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الدكتور خالد العبيدي
الجزء الثاني
الوحي
أ - تعريفه: لغة: الإعلام في خفاء بسرعة، تقول: أوحيت إلى فلان إذا كلمته خفاء . ومن معناه اللغوي • الإلهام الفطري للإنسان، كالوحي إلى أم موسى. قال تعالى: { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ }[اقصص:7] • الإلهام الغريزي للحيوان، كالوحي إلى النَّحل . قال تعالى: { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } [النحل: 68]. • الإشارة السريعة على سبيل الرمز والإيحاء. قال تعالى عن زكريا: { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا } [مريم: 11]. • وسوسة الشيطان وتزيينه الشرَّ في نفس الإنسان. قال تعالى: { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ } [ الأنعام: 121]. • أمر الله إلى الملائكة في قوله تعالى:{ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا } [ الأنفال: 12].
وأما شرعاً:هو كلام الله المنزل على نبي من أنبيائه بطريقة خفية سريعة، غير معتادة للبشر. وأما كيفية وحي الله تعالى إلى رسله فهو على عدة أشكال:
1-بواسطة جبريل عليه السلام 2-بغير واسطة
أ-مثل الرؤيا الصالحة في المنام. عن عائشة رضي الله عنها قالت أول ما بدىءبه صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلاجاءت مثل فلق الصبح. (فتح الباري شرح صحيح البخاري، رقم : 3 ). ب- التكليم الإلهي من وراء حجاب يقظة . قال تعالى: { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } [النساء: 164]. جـ- التكليم ليلة الإسراء والمعراج مباشرة بلا واسطة [ فتح الباري 1/19].
3- الدليل للحالة (أ) و (ب): { وَمَا كَانَلِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِحِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُعَلِيٌّ حَكِيمٌ } [الشورى: 51].
جـ- كيفية نزول جبريل عليه السلام على الرسول صلى الله عليه وسلم.
الحالة الأولى: يأتيه مثل صلصلة الجرس - هو في الأصل صوت وقوع الحديد بعضهعلى بعض ، ثم أطلق على كل صوت له طنين كما جاء في [ فتح الباري 1/20 ] -،وهو أشده على الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن هذه الحالة: انسلاخ منالبشرية الجسمانية واتصال بالملكية الروحانية. الحالة الثانية: أن يتمثل له الملك رجلاً، ويأتيه في صورة بشر، فإن جبريلعليه السلام قد تمثل في صور كثيرة ، منها : في صورة دِحية الكلبي ، وصورةأعرابي كما ذكرت ذلك كتب السير والسنن ومنها ما جاء في [ فتح الباري 1/19بتصرف ]. وهذه الحالة أخف على الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنها عكسالحالة الأولى، فهي الملك من الروحانية المحضة إلى البشرية الجسمانية دليل الحالتين: روت السيدة عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام سألالنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي فقال: رسولالله صلى الله عليه وسلم : " أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليَّ فَيَفْصم عني (أي يقطع ويتجلى ما يغشاني ) وقد وعيت عنه ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول. [فتح الباري شرح صحيح البخاري رقم: 2] . الحالة الثالثة: النفث في الرُّوْع (أي الإلقاء في القلب والخاطر). ودليل هذا ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: " أن روح القدس نفث في رُوْعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجَلها، وتستوعب رزقها …" الحالة الرابعة: دوي النَّحْل(صوت النحل). ودليل هذا ما قاله سيدنا عمر بنالخطاب: كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحيُ يُسمَع عندوجهه دويٌ كدوي النَّحْل …
د- آثار الوحي ومظاهره على النبي صلى الله عليه وسلم .
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: { لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } [ القيامة: 16]، قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة وكان يحرك شفتيه… فأنزل الله عز وجل: { لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ }[القيامة: 16-17] قال: جمعه لك في صدرك. فكان رسول الله صلى الله عليهوسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع ، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلىالله عليه وسلم كما كان قرأ.
ومن آثار الوحي أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي سُمع عندوجهه دويٌّ كدوي النحل. ومنها أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلعليه الوحي ثقل جسمه حتى يكاد يرضّ فخذه فخذ الجالس إلى جنبه.
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه: { لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } [ النساء: 95]. فجاء ابن مكتوم وهو يُمِلُّها عليّ، قال: يا رسول الله. والله لو أستطيعالجهاد لجاهدت-وكان أعمى فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وفخذهعلى فخذي، فثقلت عليَّ حتى خفت أن ترضّ فخذي، ثم سُرِّيَ عنه فأنزل الله:{ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ } [النساء: 95 ].(البخاري 2677) ومنها أنه صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي بركت به راحلته. عنعائشة رضي الله عنها قالت:إن كان يوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلموهو على راحلته فتضرب، بِجِرانها ( الجِران : باطن عنق الناقة). رواهالإمام أحمد وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه. وأما كيفية أخذ جبريل القرآن الكريم، فمن الأقوال المشهورة في هذاالموضوع: أن جبريل كان يحفظه من اللوح وينزل به إلى الرسول – صلى اللهعليه وسلم -، وقيل: إن جبريل تلقى القرآن من الله سماعاً ونزل بما سمع.
أما كيفية أخذ – الرسول – صلى الله عليه وسلم – القرآن من جبريل: فقد أخذالرسول – صلى الله عليه وسلم – القرآن من جبريل بطريقتين هما:
الأول: أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان ينخلع من صورة البشرية إلى صورة الملكية فيأخذه.
الثاني: أن جبريل كان ينخلع من الملكية إلى البشرية حتى يأخذه الرسول منه،والأول أصعب الحالين. فأحياناً كان الملك يأتي في مثل صلصلة الجرس فيغطالرسول – صلى الله عليه وسلم – ويتغير لونه ويشتد عرقه حتى ينحدر منه فياليوم الشديد البرد. وهذه الحالة كانت أشد حالات الوحي عليه. وهاتانالحالتان وردتا في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن عائشة أم المؤمنينرضي الله عنها أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى اللهعليه وسلم فقال: ( يا رسول الله.. كيف يأتيك الوحي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليّ، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول ) (صحيح البخاري) .
وابتدأ إنزال القرآن الكريم على الرسول – صلى الله عليه وسلم – بابتداءبعثته في سن الأربعين على الأصح، وانتهى إنزاله بقرب انتهاء حياته، فتكونالمدة التي نزل فيها القرآن الكريم نحو ثلاث وعشرين سنة، ثلاث عشرة منهابمكة وعشر بالمدينة.
عن موقع الدكتور خالد العبيدي
| |
| | | اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: رد: المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم الخميس أكتوبر 21, 2010 6:37 am | |
| المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء الثالث
مصطلحات ومعاني في علوم القرآن الكريم
1. النص: هو في اللغة الظهور والارتفاع, وفي الاصطلاح هو ما دل على معنىواحد لا يحتمل غيره (أنظر القاموس 2/319, والتعريفات للجرجاني 126, وشرحالتنقيح للقرافي ص36, وانظر أمالي الدلالات للشيخ عبد الله بن بيه ص83).ومثاله قوله تعالى { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }, (الاخلاص:1), وقوله تعالى {.... فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ .... }(البقرة: من الآية196) –أنظر الرسالة للإمام الشافعي فقرة 56,98-.
2. الظاهر: الواضح البارز, وفي الاصطلاح هو المعنى الذي يسبق إلى فهمالسامع من المعاني التي يحتملها اللفظ (أنظر لسان العرب لابن منظور 4/523,والتعريفات للجرجاني 143, وسلاسل الذهب للزركشي بتحقيق الدكتور محمدالمختار بن محمد الأمين ص196). وكمثال (الأسد) لأنه متردد بين الرجلالشجاع والحيوان المفترس, ولا أنه في الأخير أرجح وأقرب. ولاشتراك النصوالظاهر في الظهور والانكشاف لغة, وقع الخلاف بينهما اصطلاحاً, والفرقبينهما أن النص يدل على غاية الظهور, بينما الظاهر يدل على مطلق الظهور. يقول عبد الله بن بيه في كتابه (أمالي الدلالات ص90) ما نصه: ( إن الإظهارالمتعدي أقوى من الظهور اللازم, والنص من الأول والظاهر من الثاني, فالأولأعم من الثاني ويدل على أقصى غاية الظهور ومنتهاه, والظاهر يدل على مطلقالظهور).
3. المؤول: من آل يؤول, تقول آل الأمر إلى كذا إذا رجع إليه, ومنه قوله تعالى : { ....َأَمَّاالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُتَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَآمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوالْأَلْبَابِ } (آل عمران: من الآية7), أي طلب ما يرجع إليهمعناه. وفي الاصطلاح هو إخراج اللفظ عن ظاهره إلى وجه مرجوح يحتمله لدليلو قرينة أو قياس (أنظر التعريفات للجرجاني ص28, وتقريب الأصول إلى علمالأصول ص162). وهذا التأويل إن كان قوياً فهو الصحيح, وإن كان ضعيفاً فهوالفاسد, وهذا يعني أن ليس كل تأويل مقبول. وكمثل على التأويل الصحيح حملقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَاقُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَىالْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ..} (المائدة:من الآية6) على أنها تعني العزم على القيام إليها كما في نظيرها وهو قوله تعالى : { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } (النحل:98). وكذلك حمل الجار الوارد في حديث (الجار أحق بصقبه) على الجار المشارك لحديث (إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفاعة).
4. المنطوق: لغة اسم مفعول وهو الملفوظ, واصطلاحاً ما دل عليه اللفظ فيمحل النطق (أنظر نشر البنود على مراقي السعود 1/89). ومثاله الحديث الصحيحالذي أخرجه البخاري – 3/298- ومسلم –4/213- : (الولاء لمن أعتق), فمنطوقهإثبات الولاء للمعتق, ولا خلاف بين أهل العلم في الاحتجاج بالمنطوق (أنظرشرح الكوكب المنير 3/473, إرشاد الفحول للشوكاني ص178).
5. المفهوم: لغة اسم مفعول من الفهم, واصطلاحاً ما دل على اللفظ في غير محل النطق, ويقسم إلى: مفهوم موافقة: وهو إثبات حكم المنطوق به للمسكوت عنه, وينقسم إلى نوعين أولهما ما يعرف بـ (الأولى من المنطوق) مثل قوله تعالى {... فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا...} (الإسراء: من الآية23), فالنهي عن الضرب المفهوم أولى من النهي عنالتأفيف المنطوق. أما الآخر فهو المساوي مثل مساواة إتلاف مال اليتيمبأكله أو حرقه المنهي عنه في قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } (النساء:10) , وهو حجة وإن وقع الخلاف في تسميته (أنظر شرح الكوكب المنير 3/483, إرشاد الفحول للشوكاني ص179-183). مفهوم المخالفة: ويطلق عليه المفهوم غالباً, وهو إثبات نقيض حكم المنطوقبه للمسكوت عنه (مذكرة الشيخ محمد أمين الشقنقيطي ص237, وإرشاد الفحولص179, تقريب الأصول ص169), وهو حجة عند جمهور العلماء على خلاف في ترتيبه,وهو عشرة أنواع: - مفهوم العلة نحو (ما أسكر فهو حرام), أنظر البخاري 3/223. - مفهوم الصفة نحو (في سائمة الغنم الزكاة) أنظر البخاري 1/253. - مفهوم الشرط نحو قوله تعالى: {... وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ... } (الطلاق: من الآية6). - مفهوم الاستثناء نحو قوله تعالى: { وَلَقَدْأَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّاخَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ } (العنكبوت:14) . - مفهوم الغاية نحو قوله تعالى: {.... ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْل..} (البقرة: من الآية187). - مفهوم الحصر ومثاله الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم: (إنما الولاء لمن أعتق), وهو أقواها. - مفهوم الزمان نحو قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً } (المزمل:2) . - مفهوم المكان نحو قوله تعالى: {.... وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ... } (البقرة: من الآية187). - مفهوم العدد نحو قوله تعالى: {... فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ....} (النور: من الآية4). - مفهوم اللقب نحو (في الغنم زكاة), وهو أضعفها, وهو تعليق الحكم على أسماء الذوات. على أن ترتيب وتفصيل هذه الأنواع قد يختلف في مصادر أخرى وله شروط وقرائن .
6. العام: هو الشامل, وفي الاصطلاح, هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح لهدفعة بلا حصر (القاموس 4/194, سلاسل الذهب للزركشي, ص150). وأدوات العمومهي كل, جميع, أجمع والمعرف بالألف التي هي للجنس, وكذلك اسم الجمع مثلالقوم, الرهط). والنكرة في سياق النفي كقوله تعالى: { ذَلِكَ الْكِتَابُلا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ } , (البقرة:2). وفي سياق النهيكقوله تعالى: { فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً } (الإنسان:24) . أو في سياق الشرط مثل قوله تعالى: { وَإِنْأَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَكَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لايَعْلَمُونَ } (التوبة:6). أو في سياق الامتنان مثل قوله تعالى: { وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً },(الفرقان:48) . (راجع تقريب الأصول, ص 138-139, والمذكرة ص204-207).الأسماء الموصولة مثل (الذي, التي, وثنيهما وجمعهما, من, ما, أي, متى فيالزمان, أين وحيث في المكان, مهما).. (أنظر إرشاد الفحول للشوكاني ص115,والمذكرة ص205).
7. الخاص: لغة ضد العام, واصطلاحاً هو قصر العام على بعض أفراده لدليل,والتخصيص هو جعل الشيء خاصاً, وعرف اصطلاحاً بأنه: إخراج بعض ما يتناولهللفظ من الحكم بما يدل على ذلك قبل العمل به (راجع البرهان 1/400)..والمخصص هو الدليل الذي يتم به ذلك (شرح الكوكب المنير 3/277, بيانالمختصر شرح مختصر بن الحاجب 2/236).. ومخصصات العموم نوعان:
أ- متصلة وهي:
أولاً:الاستثناء, ومثاله قوله تعالى:{ وَالَّذِينَيَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَفَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةًأَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْبَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }, (النور:4-5). ثانياً: الشرط, مثاله قوله تعالى:{ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ }(النساء:من الآية11). ثالثاً: الصفة, ومثاله قوله تعالى: {....مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ.... } , (النساء: من الآية25) . رابعاً: الغاية, مثل قوله تعالى: {.. وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ.. } (البقرة: من الآية222) . ب- منفصلة وهي:
أولاً: العقل: { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }, (الزمر:62). ثانياً: الحس, وهو الدليل المأخوذ من الحواس. ثالثاً: منطوق الكتاب, كقوله تعالى: { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ...}, (البقرة: من الآية228). حيث خص بعمومه بقوله تعالى: {.. وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُن..} , (الطلاق: من الآية4). رابعاً: مفهوم الكتاب, كمفهوم قوله تعالى:{... فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ...},(الإسراء: من الآية23). وهو منع حبس الوالد في الدين, فيكون مخصصاً لقولهصلى الله عليه وسلم لي الوالد ظلم يحل عرضه وعقوبته). خامساً: منطوق السنة, مثل قوله صلى الله عليه وسلم (ليس فيما دون خمس أوسقصدقة), فإنه مخصص لقوله صلى الله عليه وسلم (فيما سقت السماء العشر). سادساً: فعل النبي صلى الله عليه وسلم: مثل ما ثبت من أنه كان يأمر بعضنسائه أن تشد إزارها ثم يباشرها وهي حائض, فعلم أن هذا مخصص لقوله تعالى:{.. وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْن.. }, (البقرة:من الآية222). سابعاً: إقراره صلى الله عليه وسلم: مثل استبشاره بقول مجزز المدلجي (هذه الأقدام بعضها من بعض). ثامناً: الإجماع على تحريم المملوكة إذا كانت أختاً من الرضاع, فيكون مخصصاً لقوله تعالى: {... أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.. }, (النساء: من الآية3). تاسعاً: القياس, مثل قياس العبد على الأمة في حد الزنا الوارد في قوله تعالى: {... فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَاب.. }, (النساء: من الآية25). فيكون هذا مخصص لقوله تعالى: { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ... }, (النور: من الآية2).. وهناك مخصصات وقع الخلاف فيها..( عن كتاب روضة الناظر ص127, والمذكرة ص218). 8. المطلق: مأخوذ من الإطلاق وهو الإرسال, وفي الاصطلاح: اللفظ المتناول لواحد لا بعينه باعتبار الحقيقة الشاملة لجنسه.
9. المقيد:المقيد لغة ضد المطلق, واصطلاحاً هو اللفظ الدال على الماهية الموصوفة بأمر زائد عليها). مثالهما قوله تعالى: {.... وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَان ِ ..}(البقرة: من الآية282). فقوله تعالى (شهيدين) مطلق, قيده قوله تعالى: { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ..}(الطلاق: من الآية2).
10. المجمل: المجمل لغة المجموع من قولهم: أجمل الحساب إذا جمعه, (اللسان11/127), بيان المختصر 2/359), وفي الاصطلاح هو ما لا يفهم المراد منلفظه, ويفتقر في بيانه إلى غيره), (أنظر تقريب الوصول ص162, وبيان المختصرشرح مختصر ابن الحاجب 2/359). مثاله القرء الوارد في قوله تعالى: { المُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ }(البقرة: من الآية228), لأنه متردد بين الحيض والطهر (أنظر شرح المختصر 2/362).
11. المبين: لغة الموضح, وفي الاصطلاح إخراج الشيء من الإشكال إلىالوضوح والتجلي, (أنظر القاموس 4/204, الرسالة للإمام الشافعي ص21 فقرة 53فما بعد, تقريب الأصول ص163). مثاله قوله تعالى: {.... أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ}, (الحجر: من الآية66), بعد قوله تعالى في بداية الآية {... } حيث أن هذاالأمر كان مجملاً ثم بين بما بعده. وأكثر البيان وقوعاً البيان بالقول,ومنه البيان بالفعل, وبالكتابة, وبالإشارة, وبالعقل, وبالحس, (أنظر أماليالدلالات ص 158).
12. الإفراد والاشتراك: مثل لفظ النكاح فإن جعل معناه مفرداً وهو الوطأأرجح من جعله مشتركاً بينه وبين العقد, (أنظر نشر البنود على مراقي السعود1/134).
13. التأصيل على الزيادة: التأصيل هو جعل الشيء ذا أصل, ومثال تقديم التأصيل على الزيادة قوله تعالى:{ لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ },(البلد:1). قيل إن لا هنا زائدة, فيكون أصل الكلام (أقسم بهذا البلد, وقيلأنها غير زائدة, فيكون التقرير:{لاأقسم بهذا البلد } نت لست فيه بل لايعظم ويصلح للقسم إلا إذا كنت فيه, وهذا أولى, (أنظر الجامع لأحكامالقرآن20/60). ثم إن القول بوجود زيادة في القرآن ولو بحرف مردود لعدةأسباب بينها العلماء الأفاضل ومنهم الدكتور أحمد الكبيسي، فيكون معنى (لا)هنا زيادة في التوكيد, والله أعلم.
14. الترتيب على التقديم والتأخير: مثل قوله تعالى: { والَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ..}(المجادلة: من الآية3). فظاهره أنه لا تجب الكفارة إلا بالوصفين المذكورينقبلهما وهما (الظهار) و(العود), وقيل فيهما تقديم وتأخير وتقديره ( والذين يظاهرون من نسائهم فتحرير رقبة ثم يعودون لما كانوا من قبلالظهار, سالمين من الإثم بسبب الكفارة, وعليه فلا يكون العود شرطاً فيكفارة الظهار. (أنظر تقريب الوصول ص 176), فيقدم الترتيب على احتمال معنىالتقديم والتأخير.
15. التأسيس والتأكيد: مثاله قوله تعالى : { فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }, (الرحمن:13). فقد كررت هذه الآية تأكيداً ومبالغة, وهذا على مقتضى ظاهراللفظ, ويلزم من ذلك أن تكون تكررت أكثر من ثلاث مرات, والتأكيد لا يزيدعلى ثلاث مرات, (أنظر التسهيل 4/83, 84), فيحمل الآلاء في كل موطن على ماتقدم قبل لفظ التكذيب, ويكون التكذيب ذكر باعتبار ما قبل ذلك اللفظ خاصة,وعلى ذلك فلا تأكيد في السورة وإنما يعتبر كل لفظ تأسيس, وكذا الحال فيماشابه ذلك في القرآن.(أنظر تقريب الوصول بتحقيق الدكتور محمد المختار ص176هامش 3, والجامع لأحكام القرآن 17/159-160).
16. البقاء على النسخ: مثال قوله تعالى: { قُلْلا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُإِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَخِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ.... }(الأنعام: من الآية145). فالحصر في الآية يقتضي إباحة ما عداالمذكور, ومنه كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير, وقد ثبت النهي عنذلك, فقيل إن هذا النهي ناسخ لإباحة ما زاد عن المذكور, وهو المفهوم منالحصر. وقيل أن الآية ليس فيها نسخ, وإنما زيدت عليها محرمات أخرىكالمنخنقة والموقوذة والمتردية وغيرها كما في قوله تعالى: { حُرِّمَتْعَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّلِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُوَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَاذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوابِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْدِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْدِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُالْأِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍلإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (المائدة:3), وعلى هذا أكثر أهل العلم. ونظيرتها نكاح المرأة على عمتها وخالتها, وهو زيادة على ما في قوله تعالى { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ }(النساء: من الآية24), ونحو ذلك. (أنظر الجامع لأحكام القرآن بتصرف7/115-116). فالقول ببقاء الإباحة المفهوم من الحصر أولى من القول بنسخه,وهكذا.
17. الحقيقة وترتيب الحقائق: الحقيقة في اللغة هي ما قرأ في الاستعمال علىأصل وضعه, والمجاز ضد ذلك, (اللسان 1/52). والحقيقة في الاصطلاح فهي اللفظالمستعمل في وضعه الأول في الاصطلاح الذي به التخاطب, (التعريفات ص 89),وأما المجاز فهو لغةً الجواز, واصطلاحاً هو اللفظ المستعمل في غير ما وضعله أولاً, لمناسبة بينهما مع قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي. (أنظر اللسان5/326, أساس البلاغة ص69, التعريفات ص202- 203, تقريب الوصول ص133).
18. تقديم الحقيقة على المجاز: الحقيقة مقدمة على المجاز, مثاله قول القائل رأيت أسداً), فإنه متردد بين الحيوان المفترس والرجل الشجاع,فحمله على الحيوان المفترس مقدم على الرجل الشجاع ما لم توجد قرينة صارفة.والحقيقة ثلاثة أنواع هي (شرعية, عرفية, لغوية), والشرعية مقدمة علىالعرفية, وهذه مقدمة على اللغوية. يقول الشيخ سيدي عبد الله في المراقي: إن لــم يـــكــن فمـطلــق العــرفي * واللفــظ مـحــمول عــلى الشـرعي بحث عن المجاز في الذي انتخب * فـاللغـوي على الجلي ولم يجــب
19. المتشابه: هو الذي يشبه بعضه بعضاً, إما من وجهة اللفظ أو من وجهةالمعنى (أنظر المفردات في غريب القرآن ص 254). وعرف بأنه ما لم يكن لأحدإلى علمه سبيل مما استأثر الله تعالى بعلمه دون خلقه, وذلك مثل وقت قيامالساعة وخروج يأجوج ومأجوج والدجال ونزول سيدنا عيسى عليه السلام, ونحوالحروف المقطعة في أوائل السور. (القرطبي 4/9-10, التعريفات للجرجاني ص200).
20. الاسرائيليات: وهي القصص والأخبار المنسوبة لبني إسرائيل, وهي على ثلاثة أقسام:
1- ما علمنا صحته مما بأيدينا بما يشهد له بالصدق فذلك صحيح. 2- ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه. 3- ما هو مسكوت عنه, ولا نعلم صدقه من كذبه فلا نؤمن به ولا نكذبه. (أنظرمحاسن التأويل 1/40, الاسرائيليات والموضوعات للشيخ أبي شهبة ص12, ابنكثير 1/.
21. الظن: هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض. (أنظر التعريفات للجرجاني ص 144).
22. اليقين: هو العلم الذي لا شك معه, وفي الاصطلاح: اعتقاد الشيء بأنهكذا مع اعتقاد أنه لا يمكن إلا كذا مطابقاً للواقع غير ممكن الزوال, أو هوالعلم الحاصل بعد الشك (أنظر التعريفات للجرجاني ص 259).
23. الصحابة:جمع صحابي وهو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً بهومات على الإسلام. (أنظر الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر ¼, مقدمة ابنالصلاح ص 146, الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8/235).
24. التابعون: جمع تابعي وهو من صحب الصحابي وحفظ عنهم الدين والسنن.(أنظر كتاب الثقات لابن حيان 4/3, مقدمة ابن صلاح ص151, الجامع لأحكامالقرآن 8/238-239).
المصادر
النص بالكامل مقتبس عن كتاب الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (تأريخهوضوابطه), عبد الله بن عبد العزيز المصلح, ط/1, هيئة الإعجاز العلمي فيالقرآن والسنة بمكة المكرمة, 1417هـ.
عن موقع الدكتور خالد العبيدي
| |
| | | اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: رد: المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم الخميس أكتوبر 21, 2010 6:41 am | |
| المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء الرابع
المكي والمدني والشتائي والصيفي
للعلماء في تعريف كل من المكي والمدني اصطلاحات ثلاثة:
الأول: وهو أدقها وأشهرها، أن الفرق بينهما بالزمن، فالمكي ما نزل قبلالهجرة. والمدني ما نزل بعد الهجرة، وتحدد الهجرة بوصول النبي – صلى اللهعليه وسلم – المدينة، وعلى ذلك فما نزل بمكة عام الفتح، أو عام حجةالوداع، أو بسفر من الأسفار بعد الهجرة هو من قبيل المدني. الثاني: أن الفرق بينهما بالمكان، فالمكي ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة، والمدني ما نزل بالمدينة. ويدخل في مكة ضواحيها، كمنى وعرفات والحديبية. ويدخل في المدينة ضواحيها كبدر وأحد. ويضعف هذا الاصطلاح لزوم الواسطة، إذ يلزم عليه أن ما نزل بسفر من الأسفاربعيداً عن مكة وضواحيها، وبعيداً عن المدينة وضواحيها لا يطلق عليه مكيولا مدني. الثالث: أن الفرق بينهما بأسلوب القرآن، فالمكي ما وقع خطاباً لأهل مكة،والمدني ما وقع خطاباً لأهل المدني؛ وهذا الاصطلاح تلزمه الواسطة أيضاًبصورة أكثر، فالآيات العامة التي ليست خطاباً لأهل مكة وحدهم، ولا لأهلالمدينة وحدهم لا تحصى.
مميزات وضوابط المكي والمدني:
وضع العلماء مميزات وضوابط للسور المكية والمدنية تسهل على المشتغل بعلومالقرآن أن يفرق بينهما. أما المميزات وهي غالبية فقد قالوا: يمتاز المكي: 1 – بالعناية بإثبات الوحدانية والرسالة والبعث والجزاء. 2 – بسرد أنباء الرسل وما لحقهم من الأذى، وأنباء أممهم وما نزل بهم منالعقاب تسلية للنبي – صلى الله عليه وسلم -، ووعيداً للمكذبين. 3- بمعالجة عادات المشركين القبيحة كالقتل ووأد البنات واستباحة الأعراض وأكل مال اليتيم. 4 – وبالإيجاز في الخطاب وقصر الآيات وقصر السور. ويمتاز المدني: 1 – بتفصيل أحكام الشريعة العملية في العبادات والمعاملات والحدود. 2 – بكشف حال المنافقين وهتك أستارهم وإنذارهم بالعذاب الشديد. 3 – بمجادلة أهل الكتاب في عقائدهم الفاسدة وإرشادهم إلى سماحة الإسلام. 4 – بالدعوة إلى الجهاد وبيان أحكامه. 5 – بالإطناب وطول الآيات وطول السور. ضوابط المكي هي: 1 – كل سورة فيها سجدة فهي مكية. 2 – كل سورة فيها لفظ (كلا ) فهي مكية، 3 – كل سورة في أولها حروف التهجي فهي مكية سوى البقرة وآل عمران، فإنهما مدنيتان بالإجماع وفي سورة الرعد خلاف. 4 – كل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم السابقة وقصة آدم وإبليس فهي مكية سوى البقرة. ضوابط المدني هي: 1 – كل سورة فيها حدود وفرائض فهي مدنية. 2 – كل سورة فيها إذن بالجهاد وبيان أحكامه فهي مدنية. 3 – كل سورة فيها ذكر المنافقين فهي مدنية سوى العنكبوت. مميزاته: 1- بيان العبادات والمعاملات، والحدود، والجهاد، والسِّلْم، والحرب، ونظام الأسرة، وقواعد الحكم، ووسائل التشريع. 2- مخاطبة أهل الكتاب ودعوتهم إلى الإسلام. 3- الكشف عن سلوك المنافقين وبيان خطرهم على الدين. 4- طول المقاطع والآيات في أسلوب يقرر قواعد التشريع وأهدافه ومراميه. تلك ضوابط المكي والمدني بالوصف، أما ضوابطه بالاسم فأحسن ما قيل فيها مانقله السيوطي عن أبي الحسن الحصار في كتابه الناسخ والمنسوخ حيث قال:المدني باتفاق عشرون سورة، والمختلف فيه اثنتا عشرة سورة، وما عدا ذلك مكيباتفاق. السور المدنية هي: البقرة، آل عمران، النساء، المائدة، الأنفال، التوبة،النور، الأحزاب، محمد، الفتح، الحجرات، الحديد، المجادلة، الحشر،الممتحنة، الجمعة، المنافقون، الطلاق، التحريم، النصر. وأن السور المختلف فيها اثنتا عشرة سورة هي: الفاتحة، الرعد، الرحمن،الصف، التغابن، التطفيف، القدر، البينة، الزلزلة، الإخلاص، الفلق، الناس. وأن ما سوى ذلك مكي، وهو اثنتان وثمانون سورة، فيكون مجموع سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة.
أمثلة للآيات المكية في سور مدنية وبالعكس
* آيات مكية في سور مدنية
1. سورة الأنفال كلها مدنية ما عدا قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ...} [الأنفال: 64]. 2. سورة المجادلة كلها مدنية ما عدا قوله تعالى: { مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ… }[المجادلة: 7].
* آيات مدنية في سور مكية
1. سورة يونس كلها مكية ما عدا قوله تعالى: { وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ..} [يونس: 40]. وقوله: { فَإِنْكُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَيَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْرَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ المُمْتَرِينَ * وَلا تَكُونَنَّ مِنْالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنْ الْخَاسِرِينَ } الآيتين [94-95]. 2. سورة الكهف مكية واستثنى من أولها إلى { جُرُزاً } [الكهف: 1-8]. وقوله: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ ...} [الكهف: 28] و { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا...} إلى آخر السورة [الكهف: 107].
ما حمل من مكة إلى المدينة وبالعكس.
* ما حمل من مكة إلى المدينة:
أ- سورة " الأعلى " حملها مصعب بن عمير (1)وابن أم مكتوم (2)رضي الله عنهما ب- سورة "يوسف" حملها عوف بن عفراء (3)في الثمانية الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة . ت- - ثم حمل بعدها سورة " الإخلاص ". ث- ثم حمل بعدها من سورة الأعراف قوله تعالى: { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ...} إلى آخر الآية [الأعراف: 158].
* ما حمل من المدينة إلى مكة:
أ- حملت آية الربا من المدينة إلى مكة، فقرأها عتاب بن أُسيد عليهم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا } [ البقرة: 278]. ب- سورة براءة حملها أبو بكر الصديق رضي الله عنه في العام التاسع عندماكان أميراً على الحج، فقرأها علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم النحر علىالناس. ت- قوله تعالى: { إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ ...} [النساء: 98]. إلى قوله { عَفُوًّا غَفُورًا } [ النساء: 99].
* ما حمل من المدينة إلى الحبشة
1- حمل من المدينة إلى الحبشة سورة مريم، فقد ثبت أن جعفر بن أبي طالب قرأها على النَّجَاشي. 2- بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جعفر بن أبي طالب بهذه الآيات إلى الحبشة { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ..} [آل عمران: 64] إلى قوله: { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ...} [آل عمران: 68].
معرفة المكي والمدني:
اعتمد العلماء في معرفة المكي والمدني على منهجين أساسيين: المنهج السماعي النقلي، والمنهج القياسي الاجتهادي. ويقصد بالمنهج السماعي النقلي ما يستند إلى الرواية الصحيحة عن الصحابةالذين عاصروا الوحي، وشاهدوا نزوله، أو عن التابعين الذين تلقوا عنالصحابة وسمعوا منهم كيفية النزول ومواقعه وأحداثه. أما المنهج القياسي الاجتهادي فهو الذي يستند إلى خصائص المكي وخصائص المدني. والنقل والعقل هما طريق المعرفة السليمة والتحقيق العلمي.
فوائد العلم بالمكي والمدني:
للعلم بالمكي والمدني فوائد أهمها: الاستعانة به في تفسير القرآن الكريم،والاستفادة منها في أسلوب الدعوة إلى الله تعالى، والوقوف على السيرةالنبوية من خلال الآيات القرآنية.
المكي والمدني من السور على ترتيب النزول.
العلق، ن، المزمل، المدثر، الفاتحة، المسد، التكوير، الأعلى، الليل،الفجر، الضحى، الشرح، العصر، العاديات، الكوثر، التكاثر، الماعون،الكافرون، الفيل، الفلق، الناس، الإخلاص، النجم، عبس، القدر، الشمس،البروج، التين، قريش، القارعة، القيامة، الهمزة، المرسلات، ق، البلد،الطارق، القمر، ص، الأعراف، الجن، يس، الفرقان ، فاطر، مريم، طه، الواقعة،الشعراء، طس النمل، القصص، الإسراء ، يونس، هود، يوسف، الحجر، الأنعام،الصافات، لقمان، سبأ، الزمر، حم غافر، حم السجدة فصلت ، حم عسق الشورى،الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف، الذاريات، الغاشية، الكهف، النحل، نوح،إبراهيم، الأنبياء، المعارج، المؤمنين، السجدة، الطور، الملك، الحاقة، سألالمعارج، النبأ، النازعات، الانفطار، الانشقاق، الروم، العنكبوت،المطففين، البقرة، الأنفال، آل عمران، الأحزاب، الممتحنة، النساء،الزلزلة، الحديد، القتال محمد، الرعد، الرحمن، الإنسان، الطلاق، البينة،الحشر، النور، الحج، المنافقون، المجادلة، الحجرات، التحريم، التغابن،الصف، الجمعة، الفتح، المائدة، براءة، النصر.
ما نزل في أماكن متعددة
1- ما نزل بالطائف: قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ...} [الفرقان: 45]. 2- ما نزل ببيت المقدس: قوله تعالى: { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } [ الزخرف : 45]. 3- ما نزل بالحديبية: قوله تعالى: { وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ } [ الرعد: 30 ]. ما نزل صيفاً وشتاءً:
* من الآيات التي نزلت في الصيف: أ- آية الكلالة: { يَسْتَفْتُونَكَقُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَلَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَاإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَاالثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءًفَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْتَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [النساء: 176]. ب- قوله تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ...} [المائدة: 3]. جـ- قوله تعالى: { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ ..} [البقرة: 281]. د- قوله تعالى: { لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاتَّبَعُوكَ ..} [ التوبة: 42]. هـ- قوله تعالى: { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } [ التوبة : 65]. و- قوله تعالى: { وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ..} [التوبة: 81].
* من الآيات التي نزلت في الشتاء:
أ- الآيات التي في غزوة الخندق من سورة الأحزاب، وهي قوله تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْجَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْتَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا } من الآية 9 وحتى الآية 27. ب- آيات الإفك: عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إنها نزلت في يوم شات: { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } [النور:11-22].
*ما نزل بالجُحْفَة: قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ } [القصص: 85 ].
عن موقع الدكتور خالد العبيدي
| |
| | | اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| | | | اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: رد: المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم الخميس أكتوبر 21, 2010 6:52 am | |
| المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء السادس
جمع القرآن الكريم
جمع القرآن كلمة قد يراد بها جمعه في الصدور وحفظه واستظهاره، فعطف الكتابة عليه عطف مغاير، وقد يراد به جمعهفي الصحف وكتابته وضم بعضه إلى بعض في سطور، فعطف الكتابة عليه عطف تفسير.
يطلق الجمع على معنيين:
1- المعنى الأول : جمعه بمعنى الحفظ في الصدور ، وهذا المعنى ورد في قوله تعالى: { لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } [ القيامة: 16-17]. 2-المعنى الثاني: جمع القرآن بمعنى كتابته في السطور، أي الصحائف التي تضم السورة والآيات جميعها. حفظ الصحابة للقرآن الكريم
توفرت للصحابة العوامل التي تجعلهم قادرين على حفظ القرآن وتسهل عليهم هذه المهمة ومن تلك العوامل:
1- قوة ذاكرتهم الفذة التي عرفوا بها واشتهروا، حتى كان الواحد منهم يحفظ القصيدة من الشعر بالسمعة الواحدة. 2-نزول القرآن منجماً. 3- لزوم قراءة شيء من القرآن في الصلاة. 4-وجوب العمل بالقرآن، فقد كان هو ينبوع عقيدتهم وعبادتهم، ووعظهم وتذكيرهم. 5- حض النبي صلى الله عليه وسلم على قراءة القرآن، والترغيب بما أعد للقارىء من الثواب والأجر العظيم. 6- تعاهد النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بتعليم القرآن: فكان الصحابةتلامذة للنبي صلى الله عليه وسلم يتعلمون منه القرآن، وكان النبي صلى اللهعليه وسلم شيخهم، يتعاهدهم بتعليم القرآن، فإذا أسلم أهل أفق أو قبيلهأرسل إليهم من القراء من يعلمهم القرآن، وإن كان في المدينة ضمه إلى حلقالتعليم في جامعة القرآن النبوية.
وسنعرض – بإيجاز – لحفظ القرآن الكريم وكتابته في ثلاثة عصور هي: عصرالنبي –صلى الله عليه وسلم -، عصر أبي بكر، عصر عثمان (رضي الله عنهما ).
المرحلة الأولى: الجمع الأول في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم :
1- حفظه في الصدور: وهو لون من الحفظ يدوم مع الزمان، لا يذهب بذهاب الإنسان، فلا بد أن يتحقق ما تكفل الله بحفظه: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر : 9]. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتلوا القرآن عن ظهر قلب لا يفتر لاسيما في الليل، حتى إنه ليقرأ في الركعة الواحدة العدد من السور الطوال.ولزيادة التثبيت كان جبريل يعارضه بالقرآن كذلك. قال ابن عباس رضي اللهعنهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون فيشهر رمضان، لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرضعليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن . وقال أبو هريرة: كان يعرض علىالنبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العامالذي قبض فيه … لقد اعتنى النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن عناية بالغة جداً، فكانكلما نزل عليه شيء منه دعا الكُتّاب - منهم: علي بن أبي طالب، وأبي بنكعب، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان- فأملاه عليهم، فكتبوه على مايجدونه من أدوات الكتابة حينئذ مثل: الرقاع، اللخاف، والأكتاف، والعسب .وقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم جهد هؤلاء الكتاب في كتابة القرآن فمنعمن كتابة غيره إلا في ظروف خاصة أو لبعض أناس مخصوصين. فتحقق بذلك توفر طاقة كبيرة لكتابة القرآن وترتيبه، كما أخرج الحاكم عنأنس رضي الله عنه: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن فيالرَّقاع… ومقصود هذا الحديث فيما يظهر أن المراد به تأليف ما نزل منالآيات المفرقة في سورها وجمعها فيها بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم .
جمعه في عهد الرسول –صلى الله عليه وسلم :
بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمياً في قوم أميين، وكانت معجزتهعقلية غير حسية وهي القرآن الكريم، فلم يكن بداً من اعتمادها أولاًوبالذات على الذاكرة والحفظ، لذلك حرص الرسول – صلى الله عليه وسلم - علىتلقيه أولاً بأول من جبريل بل حرص على أن يتعجل أخذه منه مخافة أن يتفلتمنه شيء حتى طمأنه الله تعالى، وضمن له جمعه في صدره، حيث قال تعالى: ( لاتحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه* فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه ) سورة القيامة: آية 16 – 19. ولم يكن ينفصم الوحي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – حتى يسارع إلىأصحابه، يقرأ عليهم ما أنزل، ويبلغهم ما أوحى إليه، ثم يتدارس معهم فيمجالسهم ويتلو معهم ما سبق نزوله من القرآن. وقد ثبت أن حفظة القرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا جمعاًغفيراً، فإن الاعتماد على الحفظ في النقل من خصائص هذه الأمة. وقال ابنالجزري شيخ القرّاء في عصره: ( إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوبوالصدور، لا على خط المصاحف والكتب أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة )
جمع القرآن بمعنى كتابته على عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم :
اتخذ الرسول –صلى الله عليه وسلم – كتاباً للوحي من أجلاّء الصحابة، كعلي،ومعاوية، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، يكتبون ما ينزل من القرآن على سعفالنخيل، وعلى صفائح الحجارة وعلى الخرق وعلى الجلود، ثم يتركون ما يكتبونفي بيته – صلى الله عليه وسلم -، وكلما نزل عليه شيء دعا بعض من يكتب عندهفيقول: ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا. وكان جبريل يعارض رسولالله صلى الله عليه وسلم بالقرآن كل سنة في ليالي رمضان. وكان الصحابةيعرضون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لديهم من القرآن حفظاً وكتابةً كذلك. وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم محفوظ في الصدور،ومكتوب في الصحف على نحو ما سبق، مفرق الآيات والسور، أو مرتب الآيات فقط،وكل سورة في صحيفة على حدة، بالأحرف السبعة الواردة،
لم يجمع القرآن في مصحف عام لعدة أسباب من أهمها:
1 - لأن الوحي كان يتنزل تباعاً فيحفظه القراء ويكتبه الكتبة، فلم تدعالحاجة إلى تدوينه في مصحف واحد، وكان – عليه الصلاة والسلام – يترقب نزولالوحي من حين لآخر. 2- وقد يكون منه الناسخ لشيء نزل من قبل، ولو جمع القرآن كله بين دفتي مصحف واحد لأدى هذا إلى التغيير كلما نزل شيء من الوحي.
المرحلة الثانية: الجمع الثاني في عهد سيدنا أبي بكر رضي الله عنه.
لعل من أهم دواعي كتابة القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه هي قصة الكذابمسيلمة، فقد ادعى النبوة رجل يقال له مسيلمة الكذاب، وتبعه قومه، وقويأمره بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه أبو بكر الصديق خالد بنالوليد في جمع من الصحابة، فحاربوه أشد محاربة إلى أن خذله الله وقتله،وفي غضون ذلك قتل عدد كبير من الصحابة، قيل: سبعمائة، وقيل: أكثر، وفيهمنحو سبعين من القراء الذين مهروا في القرآن وحفظه، وتصدروا لتعليمه، وعلىرأسهم سالم مولى أبي حذيفة، أحد الأربعة الذين أمر النبي صلى الله عليهوسلم بأخذ القرآن عنهم في قوله: ( خذوا القرآن من أربعة، من عبد الله ابن مسعود، وسالم، وأبي بن كعب ) ففزع عمر بن الخطاب لمقتل سالم وأصحابه، وخشي أن يذهب القرآن، وصادف أنسأل عمر عن آية من كتاب الله، فقيل له: كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة،قال: إنا لله. وأسرع إلى أبي بكر يقول له: إن القتل قد استحر ( أي اشتد )يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن،فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. واستشعر أبو بكر أن هذا الأمر بدعة، فقال لعمر: كيف نفعل شيئاً لم يفعلهرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمريراجع أبا بكر حتى شرح الله صدره ورأى ما رآه عمر فعزم على تنفيذه. ولمااقتنع أبو بكر وعزم على التنفيذ قال له عمر: أما إذا عزمت على هذا فأرسلإلى زيد بن ثابت فادعه يجمعه معنا. قال زيد بن ثابت: فأرسلا إليّ،فأتيتهما، فقال لي أبو بكر: ( إنك شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي،وإن هذا دعاني إلى أمر، فإن تك معه تبعتكما، وإن توافقني لا أفعل، فقالعمر: إنا نريد أن نجمع القرآن في شيء فاجمعه معنا، فنفر زيد، فقال أبو بكرلعمر: كلمه. وما عليكما لو فعلتما، فكلمه فأقنعه، واتفقوا على العمل. يقول زيد: فوالله لو كانوا كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مماأمرني به من جمع القرآن. ووكلت مهمة جمع القرآن لزيد وعمر رضي الله عنهماورسم لهما أبو بكر خطة العمل، خطة دقيقة محكمة، تضمن لكتاب الله قدسيتهوسلامته من التغيير والتبديل. قال لهما:
1 – لا تعتمدا على حفظكما ولا على كتابتكما في جمع القرآن وأخذه من المسلمين، فأنتما قاضيان والقاضي لا يحكم بناء على علمه. 2 – ولا تقبلا شيئاً من مجرد الحفظ، بل من المكتوب الموافق للمحفوظ. 3 – لا تقبلا من أحد شيئاً حتى يشهد شاهدان على أن ذلك المكتوب هو مما كتببين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لهما: اقعدا على باب المسجد،فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه. فقام عمر في الناس فقال: من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرآن فليأت به. ونفذا الدستور بدقة. وتمت كتابة القرآن مرتب الآيات في سورها، مقتصراً على ما لم تنسخ تلاوته،مشتملاً على الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن. ثم ضمت الصحف وربطتبخيط، وحفظت عند أبي بكر حتى توفاه الله، فانتقلت إلى عمر طيلة حياته، ثمعند ابنته حفصة لأنها كانت وصية عمر، فاستمر ما كان عنده عندها. والجدير بالذكر أن أبا بكر فعل ذلك بطريق الاجتهاد السائغ الناشئ عن النصحلله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، على أن القرآن كان مأذوناًبكتابته في قوله صلى الله عليه وسلم ( لا تَكْتُبُوا عَنِّي وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلا حَرَجَ )رواه مسلم، وكل ما فعله أبو بكر أنه جمع المتفرق وضم بعضه إلى بعض. وكان هذا العمل مفخرة لأبي بكر، لا موطناً للنقد والطعن. عن زيد بن ثابت قال: أرسل إليَّ أبو بكر، مقتلَ أهل اليمامة، فإذا عمر بنالخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني، فقال : إن القتل قد استحر بقراءالقرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير منالقرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلت لعمر : كيف تفعل شيئاَ لميفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هو والله خير، فلم يزليراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قالأبو بكر: إنك شاب عاقل، لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى اللهعليه وسلم، فتتّبع القرآن فأجمعه - فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ماكان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن- قلت كيف تفعلان شيئاً لم يفعلهرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! قال: والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعنيحتى شرح الله صدري للذي شرح به صدر أبي بكر وعمر. فتتبعت القرآن أجمعه منالعُسُب و اللِّخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمةالأنصاري، ولم أجدها مع غيره: { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ...}[التوبة: 128- 129]. حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاهالله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهم. فكان منهج زيد بن ثابت في جمع القرآن يعتمد على تتبعه الدقيق في جمعالقرآن من العُسُب و اللَّخاف وصدور الرجال، فكان منهجه أن يسمع من الرجالثم يعرض ما سمعه على ما كان مجموعاً في العُسُب والأكتاف، فكان رضي اللهعنه لا يكتفي بالسماع فقط دون الرجوع إلى الكتابة، وكذلك من منهجه في جمعالقرآن أنه لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد عليه شاهدان، وهذا زيادة فيالتحفظ، مع أن زيداً كان من حفظة القرآن. وقد اعتمد الصحابة كلهم وبالإجماع القطعي هذا العمل وهذا المصحف الذي جمعهأبو بكر الصديق رضي الله عنه، وتتابع عليه الخلفاء الراشدون كلهموالمسلمون كلهم من بعده، وسجلوها لأبي بكر الصديق منقبة فاضلة عظيمة منمناقبه وفضائله. وحسبنا في ذلك ما ثبت عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنهأنه قال: أعظم الناس في المصاحف أجراً أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، هوأول من جمع كتاب الله. وبهذا جمعت نسخة المصحف بأدق توثق ومحافظة، وأودعت لدى الخليفة لتكونإماماً تواجه الأمة به ما يحدث في المستقبل، ولم يبق الأمر موكلاً إلىالنسخ التي بين أيدي كَتّاب الوحي، أو إلى حفظ الحفاظ وحدهم. وبهذا التثبتوالتحفظ تم جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق في مصحف واحد مرتب الآياتوالسور.
المرحلة الثالثة: الجمع الثالث في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه.
الدوافع والدواعي إليه: في سنة خمس وعشرين من الهجرة، وبعد أن ولي عثمانبن عفان الخلافة، اتسعت الفتوحات الإسلامية، وتفرّق القرّاء في الأمصار،وأخذ أهل كل مصر عمن وصل إليهم من القراء قراءته، ووجوه القراء التي يقرأون بها مختلفة باختلاف الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن الكريم،فكانوا إذا ضمهم مجلس أو موطن من مواطن الغزو عجب البعض من وجوه هذاالاختلاف، وبلغ عثمان أن المعلم بالمدينة يعلم قراءة الرجل، والمعلم الأخريعلم قراءة رجل آخر، وجعل الغلمان يلتقون فيختلفون، حتى وصل الخلاف إلىالمعلمين، حتى كفر بعضهم بعضاً، عندها أحس عثمان بالخطر على القرآن، فخطبفي الناس، فقال: أنتم عندي تختلفون، فمن نأى عني من الأمصار أشد اختلافاً. وفي هذه الأثناء تجمع جيش من العراق، وفيه حذيفة بن اليمان، وجيش منالشام، وتوجهوا لغزو أرمينية وأذربيجان. وفي مسجد من المساجد جلس الجنوديتدارسون القرآن، فسمع حذيفة ابن اليمان رجلاً يقرأ وآخرون يخطئونه فيمايقرأ، يقول أهل الكوفة: قراءة ابن مسعود، ويقول أهل البصرة: قراءة أبيموسى، ويقول أهل الشام: قراءة أبيّ بن كعب، هذا يقول: قراءتي خير منقراءتك، وذاك يقول: بل قراءتي هي الصواب وقراءتك باطلة، وتنازعوا واختلفواحتى كادت الفتنة تقع بينهم، فغضب حذيفة، واحمرت عيناه، ثم قام، فحمد اللهوأثنى عليه، ثم قال: هكذا كان من قبلكم اختلفوا، والله لأركبن إلى أميرالمؤمنين، وما ان انتهت المعارك بالنصر، وعادت الجيوش، حتى توجه حذيفة إلىالمدينة ولم يدخل بيته حتى دخل على عثمان، فقال: يا أمير المؤمنين.قال:الناس. قال: وما ذاك ؟ قال: غزوت أرمينية فإذا أهل الشام يقرأ ونبقراءة أبيّ بن كعب، فيأتون بما لم يسمع أهل العراق، وإذا أهل العراق يقرأون بقراءة عبد الله بن مسعود، فيأتون بما لم يسمع أهل الشام، فيكفر بعضهمبعضاً، فتعاظم ذلك في نفس عثمان، واستشار الصحابة، فاستقر رأيهم وأجمعواعلى نسخ الصحف الأولى التي كانت عند أبي بكر، وجمع الناس عليها بالقراءاتالثابتة على حرف واحد، فأرسل عثمان إلى حفصة يطلب منها الصحف، فأرسلت إليهبتلك الصحف، ثم أرسل إلى زيد بن ثابت الأنصاري، وإلى عبد الله بن الزبير،وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشيين، فأمرهم بنسخهافي المصاحف، وأن يكتب ما اختلفوا فيه مع زيد الأنصاري بلسان قريش فإنه نزلبلسانهم، والمقصود أن معظم القرآن نزل بلغة قريش. وهذا يدل على أن ما صنعه عثمان كان بإجماع الصحابة، وهكذا كتبت مصاحف علىحرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ليجتمع الناس على قراءةواحدة، وقام عثمان برد الصحف إلى حفصة، وبعث إلى كل أفق بمصحف من المصاحف،واحتبس بالمدينة واحداً هو مصحفه الذي يسمى ( الإمام )، وتسميته بذلك لماجاء في بعض الروايات من قول عثمان: ( اجتمعوا يا أصحاب محمد فاكتبوا للناسإماماً )، وأمر أن يحرق ما عدا ذلك من صحيفة أو مصحف، وقد تلقت الأمةالإسلامية ذلك بالطاعة والاستحسان، وتركت القراءة بالأحرف الستة الأخرى،على اعتبار أن القراءة بالأحرف السبعة ليست واجبة وإنما هي على التخييروالرخصة، كما هو معلوم من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن حُذيفة بن اليمان قدم عَلى عثمان، وكانيغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفةاختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلافاليهود والنصارى. فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها فيالمصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت،وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام،فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم و زيد بن ثابت فيشيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتىإذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفقبمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة ومصحف أن يحرق. والسبب الداعي للجمع ولهذا العمل الكبير الذي قام به عثمان وهو اختلافالناس في وجوه قراءة القرآن حتى قرؤوه بلغاتهم على اتساع اللغات، فأدى ذلكبعضهم إلى تخطئة بعض، فخُشي من تفاقم الأمر في ذلك، فنسخت تلك الصحف فيمصحف واحد مرتباً لسوره واقتصر من سائر اللغات على لغة قريش. ومما يجب التنبيه إليه أن الأحرف السبعة غير القراءات السبعة التي مازالالمسلمون يقرأون بها كما سيأتي بيانه في الجزء الخاص بذلك من هذا المسلسل. وكان دستور العمل الذي حدده عثمان بن عفان والصحابة في جمع القرآن يعتمد على منهجية رائعة من أبرز مبادئها:
1 – عدم كتابة شيء إلا بعد التحقق من أنه قرآن. 2 – عدم كتابة شيء إلا بعد العلم بأنه استقر في العرضة الأخيرة. 3 – عدم كتابة شيء إلا بعد التأكد من أنه لم ينسخ. 4 – عدم كتابة شيء إلا بعد عرضه على جمع من الصحابة. 5 –معظمه.القرآن بلغة قريش، لأنه نزل بلغتهم.أي معظمه. 6 – عدم كتابة القراءات غير المتواترة.
وبهذا العمل العظيم قطع عثمان دابر الفتنة، وحسم مادة الخلاف، وحصّنالقرآن الكريم من أن يتطرق إليه شيء من الزيادة والتحريف على مر العصوروتعاقب الأزمان. تحقيقاً لقوله تعالى: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) سورة الحجر: آية 9
عدد المصاحف التي نسختها اللجنة:
سارت اللجنة في عملها بأمانة وإخلاص وهمة عالية، حيث قامت بنسخ خمسة مصاحفأو ستة أو سبعة ثم عرضت هذه المصاحف على مهرة القرآن، ولما اطمأن عثمانإليها قام بتوزيعها على الأمصار، فمن قال: إنها خمسة - وهو المشهور – عدها ( المصحف الكوفي، والمصحف البصري، والمصحف الشامي، والمصحف المدني العام،والمصحف الخاص الذي حبسه عثمان لنفسه، وهو المسمى بالمصحف الإمام ). ومنقال: إنها ستة زاد المصحف المكي، ومن قال: إنها سبعة زاد على الستة مصحفالبحرين ومصحف اليمن، وجعل بالمدينة مصحفاً واحداً. وقيل غير ذلك. وهذهالمصاحف التي كتبت في عهد عثمان – كما يقول المحققون – لا يكاد يوجد منهامصحف واحد اليوم.
رسم المصحف العثماني والآراء فيه
المراد برسم القرآن هنا كيفية كتابة الحروف والكلمات في المصحف علىالطريقة التي كتبت عليها في المصاحف التي أمر عثمان اللجنة الرباعيةفكتبتها ووزعتها في الأمصار. ويطلق عليه: رسم المصحف، ومرسوم الخط. وأماالآراء فيه:
الرأي الأول: أن الرسم العثماني ليس توقيفاً عن النبي صلى الله عليه وسلم،ولكنه اصطلاح ارتضاه عثمان وتلقته الأمة بالقبول، فيجب التزامه والأخذ به،ولا يجوز مخالفته.
الرأي الثاني: أن رسم المصحف اصطلاحي لا توفيقي، وعليه فيجوز مخالفته.
الرأي الثالث: أنه توقيفي لا يجوز مخالفته، وهو مذهب الجمهور.
واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له كُتاب يكتبون الوحي، وقدكتبوا القرآن كله بهذا الرسم، وقد أقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم علىكتابتهم وقضى عهده صلى الله عليه وسلم والقرآن على هذه الكتبة لم يحدث فيهتغيير ولا تبديل.
أقوال الفقهاء في الرسم العثماني:
جمهور العلماء ذهبوا إلى منع كتابة المصحف بما استحدث الناس من قواعدالإملاء، للمحافظة على نقل المصحف بالكتابة على الرسم نفسه الذي كتبهالصحابة. - وقد صرح الإمام أحمد فيه بالتحريم فقال: تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في ياء أو واو أو ألف أو غير ذلك. - وسئل الإمام مالك: هل تكتب المصحف على ما أخذته الناس من الهجاء؟ فقال: لا، إلا على الكتبة الأولى. - وجاء في الفقه الشافعي: إن رسم المصحف سنة متبعة. - وجاء في الفقه الحنفي: أنه ينبغي ألا يكتب بغير الرسم العثماني. -وقال الإمام أبو عمرو الداني : ولا مخالف له من علماء الأمة.
وهكذا اتخذت الأمة الإسلامية الرسم العثماني سنة متبعة إلى عصرنا هذا، كماقال البيهقي في "شعب الإيمان": واتباع حروف المصاحف عندنا كالسنن القائمةالتي لا يجوز لأحد أن يتعداها. وكان ذلك للمبالغة في المحافظة والاحتياط على نص القرآن، حتى في مسألة شكلية، هي كيفية رسمه. لكن استثنوا من ذلك نقط المصاحف وتشكيلها، لتتميز الحروف والحركات،فأجازوا ذلك بعد اختلاف في الصدر الأول عليه، وذلك لما اضطروا إلى ذلكلتلافي الأخطاء التي شاعت بسبب اختلاط العرب بالعجم.
تحسين الرسم العثماني
1-تحسين كتابة المصاحف : كانت المصاحف العثمانية خالية من النقط والشكل اعتماداً على السليقةالعربية التي لا تحتاج إلى مثل هذه النقط والتشكيلات، وظلت هكذا حتى دخلتالعجمة بكثرة الاختلاط، وتطرق اللحن إلى اللسان العربي، عندئذ أحسَّ أولوالأمر بضرورة تحسين كتابة المصاحف بالتنقيط والشكل والحركات مما يساعد علىالقراءة الصحيحة.
2- من شكل المصحف: أ- اختلف العلماء في ذلك، منهم من قال: أبو الأسود الدؤلي الذي ينسب إليهوضع ضوابط اللغة العربية بأمر من سيدنا علي بن أبي طالب. يروي أنه سمعقارئاً يجر اللام من رسوله في قوله تعالى: { أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ }[التوبة: 3]، فغير المعنى، ففزع لهذا اللحن وقال: عز الله وجل أن يبرأ منرسوله، فعندئذ قام بوضع ضوابط التشكيل حفاظاً عليه من اللحن. ب- ومن العلماء من قال: أول من شكل المصحف : الحسن البصري، ويحيى بن يعمر، ونصر بن عاصم الليثي بأمر من الحجاج.
3- تدرج تحسين رسم المصحف: كان الشكل في الصدر الأول نقطاً، فالفتحة نقطةعلى أول الحرف، والضمة نقطة على آخره، والكسرة نقطة تحت أول الحرف، ثمتدرج، فأصبحت الفتحة شكلة مستطيلة فوق الحرف، والكسرة تحته، والضمة واواًصغيرة فوقه، ثم بعد ذلك مر المصحف في طور التجديد والتحسين على مر العصورحتى استقر على هذا الشكل الذي هو عليه الآن من الخطوط الجميلة الواضحة،وابتكار العلامات المميزة، والاصطلاحات المفيدة، فجزى الله من سبقونا فيخدمة قرآن ربنا خير جزاء.
ترتيب آيات القرآن وسوره:
1- تعريف الآية: لغة أصلها بمعنى العلامة، ومنه قوله تعالى: { إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ } [البقرة: 248]. وأما اصطلاحاً فهي قرآن مركب من جمل ولو تقديراً، ذو مبدأ و مقطع، مندرج من سورة.
2- تعريف السورة: لغة من سور المدينة، أو من السورة بمعنى المرتبةوالمنزلة الرفيعة. وأما اصطلاحاً فالقرآن يشمل على آيٍ ذوات فاتحة وخاتمة. وأقلها ثلاث آيات.
3- حكمة تقسيم القرآن إلى سور وآيات : منها أن القارىء إذا ختم سورة أوجزأً من الكتاب ثم أخذ في آخر كان أنشط له، وأبعث على التحصيل منه لواستمر على الكتاب بطوله. ومنها أن الحافظ إذا حَذَق السورة اعتقد أنه أخذمن كتاب الله طائفة مستقلة، فيعظم عنده ما حفظه، ومنه حديث أنس: كان الرجلإذا قرأ البقرة وآل عمران جلّ فينا.
4-مصدر ترتيب القرآن الكريم: أجمع العلماء سلفاً فخلفاً على أن ترتيبالآيات في السورة توقيفي، أي اتبع فيه الصحابة أمر النبي صلى الله عليهوسلم، وتلقاه النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل، لا يشتبه في ذلك أحد.والأحاديث في إثبات التوقيف في ترتيب الآيات في السور كثيرة جداً تفوق حدالتواتر، إلا أننا سنذكر أمثلة منها: أخرج البخاري عن عبد الله بن الزبيرقال: قلت لعثمان: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا }[البقرة:234] قد نسختها الآية الأخرى، فلم تكتبها أو تدعها؟ قال: يا أبنأخي لا أغيرّ شيئاً منه من مكانه. وأخرج الإمام أحمد عن عثمان بن أبيالعاص قال: كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ شَخَص ببصرهثم صوَّبه، ثم قال: " أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية في هذا الموضع{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى...} [النحل: 90] إلى آخرها.
5- ترتيب سور القرآن: جماهير العلماء على أن ترتيب سورة القرآن توقيفي،وليس باجتهاد من الصحابة. والأدلة على أن ترتيب السور كلها توقيفي كثيرةجداً نذكر منها: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: في بني إسرائيل، والكهف،ومريم، وطه، والأنبياء، إنهن من العتآق الأول، وهن من تلادي. فذكر ابنمسعود السور نَسَقاً كما استقر ترتيبها. وقوله صلى الله عليه وسلم: "أعطيت مكان التوراة السبع الطوال، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكانالإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل. وقال أبو جعفر النحاس: وهذا الحديث يدلعلى أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه مؤلف من ذلكالوقت، وإنما جمع في المصحف على شيء واحد. ويشهد لذلك من حيث الدراية والعقل واقع الترتيب وطريقته، وذلك من وجهين لا يشك الناظر فيهما، أن الترتيب بين السور توقيفي:
الأول: مما يدل على أنه توقيفي كون الحواميم رتبت ولاءَ، وكذا الطواسين، ولم ترتب المسبحات ولاءً، وأخرت طس عن القصص.
الثاني: ما راعاه العلماء الأئمة في بحوثهم من التزام بيان أوجه التناسب بين كل سورة وما قبلها، وبيان وجه ترتيبها.
عن موقع الدكتور خالد العبيدي
| |
| | | اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: رد: المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم الخميس أكتوبر 21, 2010 7:02 am | |
| المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء السابع
القراءات والقراء
القراءات: جمع قراءة، مصدر قرأ،والقراءة في الاصطلاح: مذهب يذهب إليه إمام من الأئمة مخالفاً به غيره فيالنطق بالقرآن الكريم، مع اتفاق الروايات عنه. والقراءات اختلاف فياللهجات، وكيفية النطق، وطرق الأداء فقط، من إدغام وإظهار، وتفخيم وترقيق،وإمالة وإشباع، ومد وقصر، وتشديد وتخفيف وتليين وغير ذلك. نزل بها جبريلعلى النبي صلى الله عليه وسلم فأقرأها الرسول صحابته ومن ثم أخذوا يقرؤونالناس عليها.
وقد وضع العلماء ضوابط للقراءة الصحيحة تتمثل بالآتي:
1. كل قراءة وافقت أحد المصاحف العثمانية ولو تقديراً
2. ووافقت أحد أوجه اللغة العربية
3. وصح إسنادها إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. فهي القراءةالصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها سواء كانت واردة عن القراءالسبعة ـ أو غيرهم.
وكل قراءة اختل منها ركن من هذه الأركان الثلاثة، فهي شاذة ولو كانت لأحد القراء السبعة ولا تصح القراءة بها.
القراء السبعة الذين اشتهروا في الآفاق هم: ( أبو عمرو، ونافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وابن عمرو، وابن كثير ).
فوائد الاختلاف في القراءات الصحيحة
لاختلاف القراءات الصحيحة فوائد منها:
1. التيسير والتسهيل على الأمة، فإن الأمة العربية كانت قبائل وشعوبا ًمختلفة في اللهجات وطريقة الأداء، فلو أمرت كلها بقراءة واحدة لشق ذلك علىغير الناطقين بتلك اللهجة.
2. الدلالة على صيانة كتاب الله وحفظه من التبديل والتحريف مع كونه على هذه الأوجه الكثيرة
3. إعجاز القرآن في إيجازه، حيث تدل كل قراءة على حكم شرعي دون تكرر اللفظ كقراءة: ( وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين )سورة المائدة: آية 6 بالنصب والخفض في ( أرجلكم ) ففي قراءة النصب بيانلحكم غسل الرجل، حيث يكون العطف على معمول فعل الغسل: ( فاغسلوا وجوهكموأيديكم إلى المرافق ) وقراءة الجر بيان لحكم المسح على الخفين عند وجودما يقتضيه، حيث يكون العطف على معمول فعل المسح: ( وامسحوا برءوسكم وأرجلكم ) فنستفيد الحكمين من غير تطويل، وهذا من معاني الإعجاز في الإيجاز بالقرآن.
الأحرف السبعة غير القراءات
إن حديث الرسول – صلى الله وسلم - ( إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه ) والذي رواه البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يدل على التوسعة والتيسير، وحرف ( على ) في الحديث يدل على هذه التوسعة، أي أنزل القرآن موسعاً فيه على القارئ، بحيث يجوز له أن يقرأه على أي حرف من الأحرف السبعة.
وهذا لا يعني أن كل كلمة من كلمات القرآن، تقرأ على سبعة أوجه وأحرف، ولوكان هذا مراداً لقال: ( أنزل هذا القرآن سبعة أحرف ) إنما يعني أن وجوهالاختلاف لا تتجاوز سبعة أوجه.
والعدد سبعة في الحديث مراد لذاته، فهو حصر حقيقي ولم يرد به التكثير،وهذا يعني أن وجوه الاختلاف والتغاير لا تزيد على سبعة أوجه، مهما تعددتوتنوعت القراءات في الكلمة الواحدة.
قال ابن تيمية –رحمه الله-: لا نزاع بين العلماء المعتبرين، أن الأحرفالسبعة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن أنزل عليها ليستقراءات القراء السبعة المشهورة.
أ- التعريف:
لغة: الحرف في أصل كلام العرب معناه الطرف والجانب، وحرف السفينة والجبل جانبهما.
واصطلاحاً: الأحرف السبعة: سبعة أوجه فصيحة من اللغات والقراءات أنزل عليها القرآن الكريم.
ب- بيان الأحرف السبعة في الحديث النبوي:
لما كان سبيل معرفة هذا الموضوع هو النقل الثابت الصحيح عن الذي لا ينطق عن الهوى، نقدم ما يوضح المراد من الأحرف السبعة:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقانفي حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ علىحروف كثيرة لم يُقْرِئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكِدت أساوِرهفي الصلاة ، فتصَّبرت حتى سلّم ، فلَبَّبْتُهُ بردائه، فقلت من أقرأك هذهالسورة التي سمعتك تقرأ، قال: أقرأنِيْها رسول الله صلى الله عليه وسلم،فقلت له: كذبت، أقرانيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لمتُقرئها، فقال: " أرسله، اقرأ يا هشام"، فقرأ القراءة التي سمعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كذلك أنزلت " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اقرأ يا عمر "، فقرأت التي أقرأني. فقال:"كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منه ".
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أقرأني جبريل على حرف، فلم أزل أستزيده، ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف ".
جـ - الأحرف السبعة والقراءات السبع:
دلتنا النصوص على أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات نزل بها القرآن،ونود أن ننبه بأن الأحرف السبعة ليست هي القراءات السبع المشهورة، التييظن كثير من عامة الناس أنها الأحرف السبعة. وهو خطأ عظيم ناشىء عن الخلطوعدم التمييز بين الأحرف السبعة والقراءات. وهذه القراءات السبع إنما عرفتواشتهرت في القرن الرابع، على يد الإمام المقرىء ابن مجاهد الذي اجتهد فيتأليف كتاب يجمع فيه قراءات بعض الأئمة المبرزين في القراءة، فاتفق له أنجاءت هذه القراءات سبعة موافقة لعدد الأحرف، فلو كانت الأحرف السبعة هيالقراءات السبع، لكان معنى ذلك أن يكون فهم أحاديث الأحرف السبعة، بلالعمل بها أيضاً متوقفاً حتى يأتي ابن مجاهد ويخرجها للناس …
وقد كثر تنبيه العلماء في مختلف العصور على التفريق بين القراءات السبع والأحرف السبعة، والتحذير من الخلط بينهما.
د- حقيقة الأحرف السبعة:
ذهب بعض العلماء إلى استخراج الأحرف السبعة بإستقراء أوجه الخلاف الواردةفي قراءات القرآن كلها صحيحها وسقيمها، ثم تصنيف هذه الأوجه إلى سبعةأصناف، بينما عمد آخرون إلى التماس الأحرف السبعة في لغات العرب ،فَتَكوّن بذلك مذهبان رئيسيان، نذكر نموذجاً عن كل منهما فيما يلي:
المذهب الأول: مذهب استقراء أوجه الخلاف في لغات العرب، وفي القراءات كلهاثم تصنيفها، وقد تعرض هذا المذهب للتنقيح على يد أنصاره الذين تتابعواعليه، ونكتفي بأهم تنقيح وتصنيف لها فيما نرى، وهو تصنيف الإمام أبي الفضلعبد الرحمن الرازي، حيث قال: … إن كل حرف من الأحرف السبعة المنزلة جنس ذونوع من الاختلاف.
أحدها: اختلاف أوزان الأسماء من الواحدة،والتثنية، والجموع، والتذكير، والمبالغة. ومن أمثلته: { وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } [المؤمنون: 8]، وقرئ. { لأَمَانَاتِهِمْ } بالإفراد.
ثانيها: اختلاف تصريف الأفعال وما يسند إليه، نحو الماضي والمستقبل،والأمر ، وأن يسند إلى المذكر والمؤنث، والمتكلم والمخاطب، والفاعل،والمفعول به. ومن أمثلته: { فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا } [سبأ: 19] بصيغة الدعاء، وقرئ: { رَبَّنَا بَاعَدَ } فعلا ماضيا.
ثالثها: وجوه الإعراب. ومن أمثلته: { وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ } [البقرة: 282] قرئ بفتح الراء وضمها. وقوله { ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ } [البروج: 15] برفع { الْمَجِيدُ } وجره.
رابعها: الزيارة والنقص، مثل: { وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى } [الليل: 3] قرىء { الذَّكَرَ وَالأُنْثَى }.
خامسها: التقديم والتأخير، مثل،{ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ } [التوبة: 111] وقرئ: { فَيُقْتَلونَ ويَقْتُلُون } ومثل: { وجاءت سكرة الموت بالحق }، قرئ: {وجاءت سكرة الحق بالموت}.
سادسها: القلب والإبدال في كلمة بأخرى، أو حرف بآخر، مثل: { وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا } [ البقرة: 259] بالزاي، وقرئ: { ننشرها } بالراء.
سابعها: اختلاف اللغات: مثل { هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى } [النازعات: 15] بالفتح و الإمالة في: { أتى } و { موسى } وغير ذلك من ترقيق وتفخيم وإدغام…
فهذا التأويل مما جمع شواذ القراءات ومشاهيرها ومناسيخها على موافقة الرسمومخالفته، وكذلك سائر الكلام لا ينفك اختلافه من هذه الأجناس السبعةالمتنوعة.
المذهب الثاني: أن المراد بالأحرف السبعة لغات من لغات قبائل العرب الفصيحة.
وذلك لأن المعنى الأصلي للحرف هو اللغة ، فأنزل القرآن على سبع لغاتمراعيا ما بينها من الفوارق التي لم يألفها بعض العرب،فأنزل الله القرآنبما يألف ويعرف هؤلاء وهؤلاء من أصحاب اللغات، حتى نزل في القرآن منالقراءات ما يسهل على جلّ العرب إن لم يكن كلهم، وبذلك كان القرآن نازلابلسان قريش والعرب.
فهذان المذهبان أقوى ما قيل، وأرجح ما قيل في بيان المراد من الأحرفالسبعة التي نزل بها القرآن الكريم. غير أنا نرى أن المذهب الثاني أرجحوأقوى.
القراءات السبع:
أ-تعريف القراءة: لغة مصدر لـ: قرأ. واصطلاحا: مذهب يذهب إليه إمام منأئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الرواياتوالطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها.هذا التعريف يعرف القراءة من حيث نسبتها للأمام المقرئ كما ذكرنا من قبل،أما الأصل في القراءات فهو النقل بالإسناد المتواتر إلى النبي صلى اللهعليه وسلم.
والمقرئ: هو العالم بالقراءات ، التي رواها مشافهة بالتلقي عن أهلها إلى أن يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم.
ب-ضابط القراءة المقبولة:
لقد ضبط علماء القراءات القراءة المقبولة بقاعدة مشهورة متفق عليها بينهم ، وهي:
كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت رسم أحد المصاحف ولو احتمالا،وتواتر سندها، فهي القراءة الصحيحة. ويتبين من هذا الضابط ثلاثة شروط هي:
الشرط الأول، موافقة العربية ولو بوجه: ومعنى هذا الشرط أن تكون القراءةموافقة لوجه من وجوه النحو، ولو كان مختلفا فيه اختلافا لا يضر مثله، فلايصح مثلا الاعتراض على قراءة حمزة. { وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ } [النساء: 1] بجر الأرحام.
الشرط الثاني، موافقة خط أحد المصاحف ولو احتمالا: وذلك أن النطق بالكلمةقد يوافق رسم المصحف تحقيقا إذا كان مطابقاً للمكتوب، وقد يوافقه احتمالاًأو تقديراً باعتبار ما عرفنا أن رسم المصحف له أصول خاصة تسمح بقراءته علىأكثر من وجه. ومثال ذلك: { ملك يوم الدين } رسمت {ملك} بدون ألف في جميع المصاحف، فمن قرأ: (ملك يوم الدين) بدون ألف فهو موافق للرسم تحقيقياً، ومن قرأ: { مالك } فهو موافق تقديراً، لحذف هذه الألف من الخط اختصاراً .
الشرط الثالث، تواتر السند: وهو أن تعلم القراءة من جهة راويها ومن جهة غيره ممن يبلغ عددهم التواتر في كل طبقة.
جـ- أنواع القراءات حسب أسانيدها : لقد قسم علماء القراءة القراءات بحسب أسانيدها إلى ستة أقسام:
1. الأول: المتواتر: وهو ما نقله جمع غفير لا يمكن تواطؤهم على الكذب عنمثلهم إلى منتهى السند، وهذا النوع يشمل القراءات العشر المتواترات (التيسنعددها في المبحث التالي).
2. الثاني: المشهور: وهو ما صح سنده ولم يخالف الرسم ولا اللغة واشتهر عندالقراء: فلم يعدوه من الغلط ولا من الشذوذ، وهذا لا تصح القراءة به، ولايجوز رده، ولا يحل إنكاره.
3. الثالث: الآحاد: وهو ما صح سنده وخالف الرسم أو العربية، أو لم يشتهرالاشتهار المذكور، وهذا لا يجوز القراءة. مثل ما روى على (( رفارف حضروعباقري حسان))، والصواب الذي عليه القراءة: { رَفْرَفٍ خُضْرٍوَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } [الرحمن: 76].
4. الرابع: الشاذ: وهو ما لم يصح سنده ولو وافق رسم المصحف والعربية، مثلقراءة : ((مَلَكَ يومَ الدين ))، بصيغة الماضي في ((ملك )) ونصب (( يوم ))مفعولاً.
5. الخامس: الموضوع: وهو المختلق المكذوب.
6. السادس: ما يشبه المدرج من أنواع الحديث، وهو ما زيد في القراءة على وجه التفسير.
وهذه الأنواع الأربعة الأخيرة لا تحل القراءة بها، ويعاقب من قرأ بها على جهة التعبير.
د- القراءات المتواترة وقُرّاؤها:
من الضروري والطبيعي أن يشتهر في كل عصر جماعة من القراء، في كل طبقة منطبقات الأمة، يتفقون في حفظ القرآن، وإتقان ضبط أدائه والتفرغ لتعليمه، منعصر الصحابة، ثم التابعين، وأتباعهم وهكذا. ولقد تجرد قوم للقراءة والأخذ،واعتنوا بضبط القراءة أتم عناية حتى صاروا في ذلك أئمة يقتدى بهم ويرحلإليهم، ويؤخذ عنهم. فكان بالمدينة: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، ثم شيبة بننصاح، ثم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم.
وكان بمكة: عبد الله بن كثير، وحميد بن قيس الأعرج، ومحمد بن مُحَيْص.وكان بالكوفة: يحيى بن وثاب، وعاصم بن أبي النَّجود الأسدي، وسليمانالأعمش، ثم حمزة بن حبيب، ثم الكِسائي أبو علي بن حمزة.
وكان بالبصرة: عبد الله بن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر، وأبو عمرو بن العلاء، ثم عاصم الجحدري،ثم يعقوب الحضرمي.
وكان بالشام: عبد الله بن عامر، وعطية بن قيس الكلابي، وإسماعيل بن عبدالله بن المهاجر، ثم يحيى بن الحارث الذماري، ثم شريح بن زيد الحضرمي.
ثم جاء الإمام أحمد بن موسى بن العباس المشهور بابن مجاهد المتوفى سنة (324هـ ) فأفرد القراءات السبع المعروفة، فدونها في كتابه: " القراءاتالسبعة" فاحتلت مكانتها في التدوين، وأصبح علمها مفرداً يقصدها طلابالقراءات.
وقد بنى اختياره هذا على شروط عالية جداً، فلم يأخذ إلا عن الإمام الذياشتهر بالضبط والأمانة، وطول العمر في ملازمة الإقراء، مع الاتفاق علىالأخذ منه، والتلقي عنه ، فكان له من ذلك قراءات هؤلاء السبعة، وهم:
1. عبد الله بن كثير الداري المكي، (45-120 هـ).
2. عبد الله بن عامر اليحصبي الشامي (8-18 هـ).
3. عاصم بن أبي النَّجود الأسدي الكوفي، المتوفى سنة (127هـ).
4. أبو عمرو بن العلاء البصري، (70-154 هـ).
5. حمزة بن حبيب الزيات الكوفي، (8-156 هـ).
6. نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني، المتوفى سنة (169هـ).
7. أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي النحوي الكوفي، المتوفى سنة (189هـ).
وقد علمت من مسرد أئمة الأمصار الإسلامية القراء أن القراءات أكثر من ذلكبكثير، لكن ابن مجاهد جمع هذه السبع لشروطه التي راعاها . وقد تابعالعلماء البحث لتحديد القراءات المتواترة، حتى استقر الاعتماد العلمي،واشتهر على زيادة ثلاث قراءات أخرى ، أضيفت إلى السبع، فأصبح مجموعالمتواتر من القراءات عشر قراءات ، وهذه القراءات الثلاث هي قراءات هؤلاءالأئمة:
8. أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني، المتوفى سنة (130هـ).
9. يعقوب بن اسحاق الحضرمي الكوفي، المتوفى سنة (205هـ).
10. خلف بن هشام، المتوفى سنة (229 هـ).
هـ - أهمية الأحرف السبعة والقراءات :
إن الأحرف السبعة والقراءات ظاهرة هامة جاء بها القرآن الكريم من نواح لغوية وعلمية متعددة، نوجز طائفة منها فيما يلي:
1- زيادة فوائد جديدة في تنزيل القرآن: ذلك أن تعدد التلاوة من قراءة إلىأخرى، ومن حرف لآخر قد تفيد معنى جديداً، مع الإيجاز بكون الآية واحدة.ومن أمثلة ذلك قوله تعالى في آية الوضوء: { فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ }[المائدة: 6]، قرىء: {وأرجِلَكم} بالنصب عطفاً على المغسولات السابقة،فأفاد وجوب غسل القدمين في الوضوء، وقرىء بالجر، فقيل: هو جر علىالمجاورة، وقيل: هو بالجر لإفادة المسح على الخفين، وهو قول جيد.
2- إظهار فضيلة الأمة الإسلامية وقرآنها:
وذلك أن كل كتاب تقدم كتابنا نزوله، فإنما نزل بلسان واحد، وأنزل كتابنابألسن سبعة بأيها قرأ القارىء كان تالياً لما أنزله الله تعالى.
3- الإعجاز وإثبات الوحي:
فالقرآن الكريم كتاب هداية يحمل دعوتها إلى العالم، وهو كتاب إعجازيتحدى ببيانه هذا العالم ، فبرهن بمعجزة بيانه عن حقية دعوته، ونزولالقرآن بهذه الأحرف والقراءات تأكيد لهذا الإعجاز، والبرهان على أنه وحيالسماء لهداية أهل الأرض من أوجه هذه الدلالة:
إن هذه الأحرف والقراءات العديدة يؤيد بعضها بعضاً من غير تناقض فيالمعاني والدلائل، ولا تناف في الأحكام والأوامر، فلا يخفى ما في إنزالالقرآن على سبعة أحرف من عظيم البرهان وواضح الدلالة.
إن نظم القرآن المعجز، والبالغ من الدقة غايتها في اختيار مفرداته وتتابعسردها، وجملة وإحكام ترابطها، وتناغمه الموسيقي المعبر يجري عليه كل ماعرفنا من الأوجه السابقة في الأحرف والقراءات ثم يبقى حيث هو في سماءالإعجاز، لا يعتل بأفواه قارئيه، ولا يختل بآذان سامعيه، منزها أن يطرأعلى كلامه الضعف أو الركاكة، أو أن يعرض له خلل أو نشاز.
عن موقع الدكتور خالد العبيدي
| |
| | | اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: رد: المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم الخميس أكتوبر 21, 2010 7:08 am | |
| المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء الثامن
الناسخ والمنسوخ
أهمية العلم به: العلم بالنسخ ضروريلفهم القرآن الكريم، ومعرفة الناسخ والمنسوخ في القرآن أمر لا بد منه لحسنتفسيره ومعرفة أحكامه، وعدم الخطأ فيها، فقد يتبنى البعض حكماً استخرجه منآية، وهو لا يعلم أن هذا الحكم منسوخ. قال عليّ بن أبي طالب – رضي اللهعنه – على رجل يتحدث عن تفسير القرآن في المسجد، فقال له: أتعرف الناسخ منالمنسوخ ؟ فقال:لا. قال: أنت أبو من ؟ قال: لقد هلكت وأهلكت، لا تقص فيمسجدنا.
1- لغة: الرفع والإزالة والتبديل. يقال: نسخت الشمس الظّل، أي أزالته. ويأتي بمعنى التبديل والتحويل، يشهد له قوله تعالى: { وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ } [النحل: 101].
2- اصطلاحاً:المنسوخ بدليل شرعي متأخر عنه، أي رفع الحكم الشرعي بدليلشرعي متأخر. فالحكم المرفوع يسمى: المنسوخ، والدليل الرافع يسمى: الناسخ،ويسمى الرفع: النسخ. أي أن الله يرفع الحكم الشرعي، الذي تقرره آية منكتاب الله، ويزيله ويلغيه، وقد يكون هذا بعوض وبدل، وقد لا يكون له عوضوبدل، ويحل محله حكماً شرعياً آخر.والحكم المرفوع يسمى المنسوخ، والحكمالبديل يسمى الناسخ. والذي يرفع الأحكام وينسخها هو الله، والمراد بقولهم( رفع حكم شرعي ) الحكم المنسوخ، والمراد بقولهم ( بدليل شرعي ) الحكمالناسخ. فعملية النسخ على هذا تقضي منسوخاً وهو الحكم الذي كان مقرراًسابقاً، وتقتضي ناسخاً، وهو الدليل اللاحق.
والدليل على وقوع النسخ في القرآن موجود في القرآن نفسه، فمن الآيات التي تشير إلى وقوع النسخ في القرآن قوله تعالى: { ما ننسخ من آية أو ننسها، نأت بخير منها أو مثلها، ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير }سورة البقرة: آية 106. وهذه الآية صريحة في النسخ، تقرر أن الله إذا نسخآية ورفع حكمها، أو نسأها وأخرها، وأبقى حكمها، فإنه يأتي بحكم خير منالحكم المنسوخ، ويكون خيراً للعباد في التعبد، سواء كان أخف من المنسوخ،أو أثقل منه، أو مساوياً له، أو يأتي الله بحكم مثل الحكم الأول. ونلاحظأن الأفعال الثلاثة في الآية مسندة إلى الله: ( ننسخ، ننسها، نأت ) أي أن الله هو الذي ينسخ ما شاء من أحكام آياته، ويبقي ما شاء منها، وإذا نسخ بعضها، فهو الذي يأتي بالدليل الناسخ.
شروط النسخ وضع العلماء شروطا ً لا بد منها لتحقيق النسخ في القرآن من أهمها:
1- أن يكون المنسوخ حكماً شرعياً ثابتاً بالقرآن أو بالسنة.
2- أن يكون الناسخ دليلاً شرعياً، ثابتاً بالقرآن الكريم.
3- أن يكون الناسخ متراخياً عن المنسوخ.
4- أن يكون بين النصين القرآنيين – المنسوخ والناسخ – تعارض حقيقي بحيث لايمكن الجمع بينهما، في أي صورة من صور الجمع والتوفيق، كالعموم والخصوص.
5- أن يكون المنسوخ مطلقاً غير متعلق بوقت معلوم، فإذا كان في الآية ما يدل على توقيتها، لا يعد انتهاء وقتها نسخاً. فقوله تعالى: { فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره }سورة البقرة: آية 109. ليس منسوخاً بآيات القتال، لأنه محدد بوقت معين،فالعفو والصفح مستمران إلى أن يأتي الله بأمره، وهو الأمر بالقتال، وعندماأمر الله بالقتال انتهى الأمر بالعفو والصفح.
6- أن لا يكون المنسوخ خبراً، لأنه لا نسخ في الأخبار.
ولقد رفض الإمام السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن مبالغة البعض فيالقول بالنسخ والإكثار منه، وعدّ معظم الآيات التي قيل بنسخها أنها محكمة،ولم يثبت عنده النسخ إلا في عشرين آية فقط، على خلاف في نسخ بعضها، ولايصح دعوى النسخ في غيرها. وقد يكون المنسوخ في القرآن، وقد يكون في السنة،وقد يكون الناسخ في القرآن، وقد يكون في السنة. والنسخ الوحيد الذي ثبت فيالقرآن، هو نسخ الحكم، أي أن الله ينسخ أحكام بعض الآيات بآيات أخرىلاحقة، ويبقي ألفاظ الآيات المنسوخة أحكامها في القرآن، يتلوها المؤمنون،ويتدبرونها، ويتذوقون معانيها.
الحكمة من النسخ
الله عليم حكيم، والحكمة تبدو في كل أفعاله وأحكامه سبحانه وتعالى،والحكمة تعني الصحة والصواب والمصلحة. فالله لا يشرع تشريعاً إلا بمقتضىحكمته، وإلا لمصلحة الأمة، ولهذا كان النسخ في أحكام الشريعة مظهراً منمظاهر حكمة الله، وكان لتحقيق المصلحة للعباد، وتقديم الخير لهم. ومن حكمةالنسخ التيسير على المسلمين والمؤمنين ورفع الحرج عنهم، وابتلائهمواختبارهم لإظهار فضلهم، وتربية الأمة بالتدرج في التشريع، كالتدرج فيتحريم الخمر.
ولعلنا نضع النقاط التالية كملخص لحكمة النسخ:
1- يحتل النسخ مكانة هامة في تاريخ الأديان، حيث أن النسخ هو السبيل لنقلالإنسان إلى الحالة الأكمل عبر ما يعرف بالتدرج في التشريع، وقد كانالخاتم لكل الشرائع السابقة والمتمم له ما جاء به سيدنا محمد صلى اللهعليه وسلم وبهذا التشريع بلغت الإنسانية الغاية في كمال التشريع. وتفصيلهذا: أن النوع الإنساني تقلب كما يتقلب الطفل في أدوار مختلفة، ولكل دورمن هذه الأدوار حال تناسبه غير الحال التي تناسب دوراً غيره، فالبشر أولعهدهم بالوجود كانوا كالوليد أول عهده بالوجود سذاجة، وبساطة، وضعفاً،وجهالة، ثم اخذوا يتحولون من هذا العهد رويداً رويداً، ومروا في هذاالتحول أو مرت عليهم أعراض متبانية، من ضآلة العقل، وعماية الجهل، وطيشالشباب، وغشم القوة على التفاوت في هذا بينهم، اقتضى وجود شرائع مختلفةلهم تبعاً لهذا التفاوت. حتى إذا بلغ العالم أوان نضجه واستوائه، وربطتمدنيته بين أقطاره وشعوبه، جاء هذا الدين الحنيف ختاماً للأديان ومتمماًللشرائع، وجامعاً لعناصر الحيوية ومصالح الإنسانية و مرونة القواعد، جمعاًوفَّقَ بين مطالب الروح والجسد، وآخى بين العلم والدين، ونظم علاقةالإنسان بالله وبالعالم كله من أفراد، وأسر، وجماعات، وأمم، وشعوب،وحيوان، ونبات، وجماد، مما جعله بحق ديناً عاماً إلى أن يرث الله الأرضومن عليها.
2- من الحكم أيضاً التخفيف والتيسير: مثاله: إن الله تعالى أمر بثبات الواحد من الصَحابَة للعشرة في قوله تعالى: { إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ } [ الأنفال:65] ثم نسخ بعد ذلك بقوله تعالى :{ الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ } [الأنفال:66] فهذا المثال يدل دلالة واضحة على التخفيف والتسير ورفع المشقة، حتى يتذكر المسلم نعمة الله عليه.
3- مراعات مصالح العباد.
4- ابتلاء المكلف واختباره حسب تطور الدعوة وحال الناس.
أقسام النسخ في القرآن الكريم
1- نسخ التلاوة والحكم معاً.: رُوي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنهاقالت: كان فيما نزل من القرآن:"عشر رضعات معلومات يحرّمن " فنسخن خمسرضعات معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مما يقرأ منالقرآن". ولا يجوز قراءة منسوخ التلاوة والحكم في الصلاة ولا العمل به،لأنه قد نسخ بالكلية. إلا أن الخمس رضعات منسوخ التلاوة باقي الحكم عندالشافعية.
2- نسخ التلاوة مع بقاء الحكم.: يُعمل بهذا القسم إذا تلقته الأمةبالقبول، لما روي أنه كان في سورة النور: "الشيخ والشيخة إذا زنيافارجموهما نكالاً من الله والله عزيز حكيم "، ولهذا قال عمر: لولا أن يقولالناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي.
وهذان القسمان: (1- نسخ الحكم والتلاوة) و (2- نسخ التلاوة مع بقاء الحكم)قليل في القرآن الكريم، ونادر أن يوجد فيه مثل هذان القسمان، لأن اللهسبحانه أنزل كتابه المجيد ليتعبد الناس بتلاوته، وبتطبيق أحكامه.
3- نسخ الحكم وبقاء التلاوة.: فهذا القسم كثير في القرآن الكريم، وهو في ثلاث وستين سورة. ومثاله:
1- قيام الليل: المنسوخ: قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمْ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا }[المزمل: 1- 3]. والناسخ: قوله تعالى: { إِنَّرَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِوَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُيُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَعَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ } [المزمل ـ من الآية20].. النسخ: وجه النسخ أن وجوب قيام الليل ارتفع بما تيسر، أي لم يَعُدْ واجباً.
2- محاسبة النفس.: المنسوخ: قوله تعالى: { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ } [البقرة ـ من الآية 284]. والناسخ: قوله تعالى: { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا } [ البقرة ـ من الآية 286 ].. النسخ: وجهه أن المحاسبة على خطرات الأنفس بالآية الأولى رُفعت بالآية التالية.
3- حق التقوى. فالمنسوخ: قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } [آل عمران من ـ الآية 102]. والناسخ: قوله تعالى: { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [التغابن ـ من الآية 16]، والنسخ: رفع حق التقوى بالتقوى المستطاعة.
الحكمة من نسخ الحكم وبقاء التلاوة
1- إن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه، والعمل به، فإنه كذلك يُتلى لكونه كلام الله تعالى، فيثاب عليه، فتركت التلاوة لهذه الحكمة.
2- إن النسخ غالباً يكون للتخفيف، فأبقيت التلاوة تذكيراً بالنعمة ورفع المشقة، حتى يتذكر العبد نعمة الله عليه.
النسخ إلى بدل وإلى غير بدل
1- النسخ إلى بدل مماثل، كنسخ التوجه من بيت المقدس إلى بيت الحرام: { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا } [البقرة ـ من الآية 144].
2- النسخ إلى بدل أثقل، كحبس الزناة في البيوت إلى الرجم للمحصن، والجلد لغير المحصن. ونسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان.
3- النسخ إلى غير بدل، كنسخ الصدقة بين يدي نجوى الرسول صلى الله عليه وسلم.
4- النسخ إلى بدل أخف: مر معنا في الأمثلة السابقة ( قيام الليل ).
أنواع النسخ
* النوع الأول : نسخ القرآن بالقرآن، وهو متفق على جوازه ووقوعه.
* النوع الثاني : نسخ القرآن بالسنة وهو قسمان.
1- نسخ القرآن بالنسبة الآحادية، والجمهور على عدم جوازه.
2- نسخ القرآن بالسنة المتواترة.
أ- أجازه الإمام أبو حنيفة ومالك ورواية عن أحمد، واستدلوا بقوله تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ } [البقرة: 180] فقد نسخت هذه الآية بالحديث المستفيض، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " ألا لا وصية لوارث " ولا ناسخ إلا السنة . وغيره من الأدلة .
ب- منعه الإمام الشافعي ورواية أخرى لأحمد، واستدلوا بقوله تعالى: { مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } [البقرة: 106] قالوا: السنة ليست خيراً من القرآن ولا مثله.
* النوع الثالث : نسخ السنة بالقرآن: أجازه الجمهور، ومثلوا له بنسخالتوجه إلى بيت المقدس الذي كان ثابتاً بالسنة بالتوجه إلى المسجد الحرام.ونسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان.
عن موقع الدكتور خالد العبيدي
| |
| | | اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: رد: المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم الخميس أكتوبر 21, 2010 7:17 am | |
| المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء التاسع
المحكم والمتشابه
المحكم ما استقل بنفسه، ولم يحتج إلىبيان، لأنه أصل من الأصول، والمتشابه: ما يحتاج في فهمه إلى رده لبعضالأصول. والمتشابه: ما عرف المراد منه، ولو بالتأويل. والمتشابه : مااستأثر الله تعالى بعلمه ، كقيام الساعة ، وخروج الدجال ، والحروف المقطعةفي أوائل السور . وهذا قول جمهور أهل السنة، فإنهم يمسكون عن الكلام فيهذه الأمور، ويقفون عند الإيمان بأنها من عند الله، والوقوف عند اللفظ، ثمتسليم المعنى، وتفويضه لله، فيقولون: الله أعلم بمراده.
ولقد ورد في القرآن الكريم ثلاث آيات: إحداها تدل على أن القرآن محكم كله، هي قوله تعالى: ( الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1))سورة هود:آية 1 والقرآن كله بهذا المعنى محكم، أي نظمت آياته نظماً لايطرأ عليه شيء يخل بفصاحته وبلاغته، وذلك هو الإحكام من جهة اللفظوالصياغة، وهو بعد ذلك محكم كله من جهة المعاني لا يلحقه تناقض، ولا يوصفخبرمنه بكذب، بل كل تشريع فيه منطو على مصلحة وحكمة. ثانيها تدل على أن القرآن متشابه كله، هي قوله تعالى: ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ....) سورة الزمر آية ـ 23 ، فالقرآن كله متشابه، في كونه أحسن الحديث، وفيكونه مثاني، مكرر المواعظ والوعد والوعيد، يزداد بتكرار تلاوته حلاوة ثالثها تدل على أن القرآن بعضه محكم، وبعضه متشابه، هي قوله تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ....) سورة آل عمران ـ من الآية 7 وهذه الآية تدل على أن بعض القرآن محكم،وبعضه متشابه، فهي موضوع البحث، وهي التي خاض فيها العلماء. من الواضح أن المحكم والمتشابه في هذه الآية متقابلان، وفي المقصود من كل منهما اختلف العلماء، أذكر بعضاً منها: والعلماء في معرفة المتشابه وعدم معرفته فريقان: الفريق الأول- وهوالمختار عند أهل السنة - فإنهم يمنعون التأويل، ويقفون عند قوله تعالى: ( وما يعلم تأويله إلا الله ) من الآية الكريمة. ( هُوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّأُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِيقُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَالْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُإِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِكُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوالْأَلْبَابِ ) سورة آل عمران ـ آية 7. ويبتدئون بقوله: ( والراسخون في العلم يقولون آمنا به ) الخ جملة مستأنفة. أما الفريق الثاني – وعلى رأسه مجاهد، وابن عباس، وأبو الحسن الأشعري،والمعتزلة، واختاره النووي – فإنهم يفتحون باب التأويل، ويرون أنه يمكنالإطلاع على علمه، ويعطفون ( والراسخون في العلم ) على لفظ الجلالة،ويجعلون جملة ( يقولون ) حالا. ولكل من الفريقين أدلته التي يعضد بها رأيه. وفي هذا الموضوع يعجبني قول الراغب:
إن جميع المتشابه على ثلاثة أضرب: 1. ضرب لا سبيل إلى الوقوف عليه، كوقت الساعة، وخروج الدابة ونحو ذلك. 2. وضرب للإنسان سبيل إلى معرفته، كالألفاظ الغريبة، والأحكام الغلقة. 3. وضرب متردد بين الأمرين، يختص بمعرفته بعض الراسخين في العلم، ويخفىعلى من دونهم، وهو المشار إليه بقوله – صلى الله عليه وسلم – لابن عباس: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ). ومن هذا التقسيم نعلم أن الوقوف علىقوله ( وما يعلم تأويله إلا الله ) ووصله بقوله ( والراسخون في العلم ) جائزان، وأن لكل منهما وجهاً.
أ- تعريف المحكم والمتشابه :
1- تعريف المحكم :
أ- الإحْكام لغة : الإتقان البالغ، ومنه البناء المحكم الذي أتقن، فلايتطرق إليه الخلل أو الفساد. أما اصطلاحاً فقد اختلف الأصوليون في تعريفهعلى أقوال منها: 1- أن المحكم ما عرف المراد منه، إما بالظهور أو بالتأويل. 2- أن المحكم لا يحتمل من التأويل إلا وجهاً واحداً. 3- أن المحكم هو الواضح الدلالة الذي لا يحتمل النسخ. 4- أن المحكم ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان. 5- أن المحكم هو المتقن الذي لا يتطرق إليه الإشكال.
2-تعريف المتشابه :
أ- لغة : مأخوذ من الشَّبَه، وهو التماثل بين شيئين أو أشياء. ولما كانالتماثل بين الأشياء يؤدي إلى الشك والحيرة، ويُوقع في الالتباس، توسعوافي اللفظ، وأطلقوا عليه اسم " المتشابه ". يقال: اشتبه الأمر عليه، أي التبس عليه.
أما اصطلاحاً فقد اختلف فيه أيضاً على أقوال :
1- ما استأثر الله بعلمه، كقيام الساعة، وخروج الدابة والدجال. 2- ما لم يستقل بنفسه واحتاج إلى بيان برده إلى غيره. 3- ما احتمل أكثر من وجه. 4- ما كان غير واضح الدلالة ويحتمل النسخ.
ب- القرآن من حيث الإحكام والتشابه يمكن اعتبار القرآن محكماً كله أومتشابهاً كله أو اعتبار بعضه محكماً وبعضه متشابهاً وتفصيله التالي :
1- القرآن كله محكم: بمعنى إحكام ألفاظه وعدم وجود خلل فيه، المرادبإحكامه أيضاً: إتقانه، وعدم تطرق النقص والاختلاف إليه. قال تعالى: { الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } [هود: 1]. 2- القرآن كله متشابه: بمعنى أن آياته متشابهة في الحق والصدق، والإعجاز، والهداية إلى الخير. قال تعالى: { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ } [الزمر: 23]. 3- بعض القرآن محكم وبعضه متشابه: بمعنى أن الآيات المحكمة هي أم الكتابأي أن هذه الآيات جماع الكتاب وأصله، فهي بمنزلة الأم له، لا غموض فيهاولا التباس، كآيات الحلال والحرام التي هي أصل التشريع، بخلاف الآياتالمتشابهة التي تختلف فيها الدلالة، على كثير من الناس، فمن رد المتشابهإلى المحكم الواضح فقد اهتدى. قال تعالى: { هُوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّأُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِيقُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَالْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } [آل عمران ـ من الآية 7].
رد المتشابه إلى المحكم :
1- قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا } [الزمر: 53]. هذه الآية متشابهة تحتمل معنيين: المعنى الأول: غفران الذنوب جميعاً لمن تاب. المعنى الثاني: غفران الذنوب جميعاً لمن لم يتب. رد الآية المتشابهة إلى المحكمة: وهي قوله تعالى: { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا } [طه: 82]. تبين من الآية المحكمة أن الله يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب وهو مؤمن واتبع طريق الهدى . 2- قوله تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9]. هذه الآية تحتمل معنيين. المعنى الأول: إن كلمة { إِنَّا نَحْنُ } تحتمل الواحد المعظم نفسه وهو حق. المعنى الثاني: أنها للجماعة، وهو باطل، وتحتمل أيضاً الواحد ومعه غيره، فهي آية متشابهة تمسك بها النصارى الذين قالوا بالتثليث. رد الآية المتشابهة إلى المحكمة : وهي قوله تعالى: { إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } [النحل: 22]. وقوله تعالى: { مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ }[المؤمنون: 91]. وقوله تعالى: { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد ٌ} [الإخلاص: 1]. تبين من الآيات المحكمة أن المراد بقوله: { إِنَّا نَحْنُ } هو الله الواحد المعظم نفسه.
حكمة ورود المحكم والمتشابه :
1- إن الله سبحانه احتج على العرب بالقرآن، إذ كان فَخْرُهم ورياستهمبالبلاغة وحسن البيان، والإيجاز والإطناب، والمجاز والكناية والإشارةوالتلويح، وهكذا فقد اشتمل القرآن على هذه الفنون جميعها تحدياً وإعجازاًلهم. 2- أنزل الله سبحانه الآيات المتشابهات اختباراً ليقف المؤمن عنده، ويردهإلى عالِمِهِ، فيَعْظُم به ثوابه، ويرتاب بها المنافق، فيستحق العقوبة. ولقد أشار الله تعالى في كتابه إلى وجه الحكمة في ذلك بقوله: { فَأَمَّاالَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْوَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَامَثَلا } [البقرة ـ من الآية 26] ثم قال: جواباً لهم: { يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا } . فأما أهل السعادة فيعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه، فيستوجبون الرحمة والفضل، وأما أهل الشقاوة فيجحدونها،فيستوجبون الملامة. 3- أراد الله عز وجل أن يشغل أهل العلم بردّه إلى المحكم، فيطول بذلكفكرهم، ويظهر بالبحث اهتمامهم، ولو أنزله محكماً لاستوى فيه العالموالجاهل، فشغل العلماء به ليعظم ثوابهم وتعلو منزلتهم، ويكرم عند اللهمآبهم. 4- أنزل المتشابه لتشغل به قلوب المؤمنين ، وتتعب فيه جوارحهم وتنعدم فيالبحث عنه أوقاتهم، ومدد أعمارهم، فيجوزوا من الثواب حسبما كابدوا منالمشقة. وهكذا كانت المتشابهات ميدان سباق تنقدح فيه الأفكار والعلوم.
منشأ التشابه :
نشأ التشابه من خفاء مراد الشارع في كلامه، فمرة يرجع إلى اللفظ، ومرة يرجع إلى المعنى، ومرة يرجع إلى اللفظ والمعنى.
1- اللفظ: قوله تعالى: { فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِين ِ} [الصافات: 93]. فلفظة: اليمين تحتمل استعمال يده اليمنى غير الشمال، وتحتمل أيضاً أنالضرب كان بقوة، لأن اليمين أقوى الجارحتين، وتحتمل أن الضرب كان بسبباليمين التي حلفها إبراهيم، وفي قوله تعالى: { وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ } [الأنبياءـ من الآية 57].
2- المعنى: مثل ما استأثر الله بعلمه من أهوال يوم القيامة، وعلامات الساعة، والجنة والنار.
3- اللفظ والمعنى: قوله تعالى: { وَلَيْسَالْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّمَنْ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا } [البقرة ـمن الآية 189] فهذا الخفاء في المعنى وفي اللفظ معاً إذ لا يمكن معرفةمعنى هذه الآية إلا بالرجوع إلى تفسيرها، فقد كان أهل الجاهلية يعتقدون أنالرجل إذا أحرم بالحج لم يدخل من باب البيت بل يخرق خرقاً أو يدخل من وراءالبيت، فرد عليهم القرآن وبيَّن أن ليس شيء من ذلك من أبواب البر ولكنالبر هو التقوى.
آيات الصفات :
إنها محكمة لكونها صفات الله تعالى، متشابهة بالنسبة لنا من حيث كيفيتهامثل صفة: الاستواء على العرش، فهي معلومة في معناها، ولكن الكيف مرفوع كماقال الإمام مالك: الإستواء معلوم، والكيف مرفوع، والسؤال عنه بدعة. أيمعنى الاستواء معلوم، ونثبت له كيفية، فصفات الله منزّهة عن الكيف،والسؤال عن الآيات المتشابهات.
عن موقع الدكتور خالد العبيدي | |
| | | اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: رد: المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم الخميس أكتوبر 21, 2010 7:27 am | |
| المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء العاشر
التفسير والتأويل
التفسير في اللغة: التبيين والكشفوالتوضيح. والتفسير في الاصطلاح: علم يبحث فيه عن أحوال القرآن الكريم منحيث دلالته على مراد الله بقدر الطاقة البشرية.
الفرق بين التفسير والتأويل التفسير والتأويل مترادفان، في أشهر المعاني اللغوية. وفي الاصطلاح:التفسير بيان لفظ لا يحتمل إلا وجهاً واحداً، والتأويل: توجيه لفظ متوجهإلى معان مختلفة، إلى واحد منها بما ظهر من الأدلة .
فضل التفسير وشرفه:
قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى: { يؤت الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيراً }البقرة ـ من الآية 269 ، قال: الحكمة: المعرفة بالقرآن، ناسخه ومنسوخة،ومحكمه ومتشابهة، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله. وقال الأصبهاني:أشرف صناعة يتعاطاها الإنسان تفسير القرآن. وصناعة التفسير قد حازت الشرف من جهات ثلاثة، من جهة الموضوع فلأن موضوعهكلام الله تعالى، الذي هوينبوع كل حكمة، ومعدن كل فضيلة، ومن جهة غرضهفلأن الغرض منه هو الاعتصام بالعروة الوثقى، والوصول إلى السعادةالحقيقية، التي لا تفنى، ومن جهة شدة الحاجة إليه، فلأن كل كمال ديني أودنيوي، عاجلي أو آجلي، مفتقر إلى العلوم الشرعية، والمعارف الدينية، وهيمتوقفة على العلم بكتاب الله. ولسنا نجاوز الحقيقة إذا قلنا: إن مهمة الرسالة المحمدية، كانت في الدرجة الأولى تفسير القرآن وبيانه للأمة مصداقاً لقوله تعالى: { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون }سورة النحل: آية 44. التفسير هو ماكان راجعاً إلى الرواية, والتأويل ما كان راجعاً إلىالدراية, هذا ماقاله بعض علماء الأمة, فما معنى هذا الكلام ؟. لغرض فهمأكثر شمولية علينا معرفة ماهية التفسير ,مدارسه, تاريخه, تطوره, وفرقه عنالتأويل.
التفسير في اللغة هو التفصيل من الفسر, وكلاهما بمعنى الإبانة وكشفالمغطى, وهذا المعنى اللغوي يستعمل في الكشف عن المحسات والمعقولات,فتفسير كلام الله تعالى هو بيانه بشرح آياته وجلاء العبارات الموجودةفيه.. وأما التفسير كعلم من العلوم الإسلامية فهو علم نزول الآيات وشؤونهاوأقاصيصها والأسباب النازلة فيها, وكيفية النطق بألفاظها , وبيانمدلولاتها وأحكامها, وشرح معانيها الي تحمل عليها حالة التركيب, ثم أن علمتفسير القرآن الكريم يعنى بترتيب الآيات: مكيها ومدنيها, محكمهاومتشابهها, ناسخها ومنسوخها, خاصها وعامها, مطلقها ومقيدها, مجملهاومفصلها, حلالها وحرامها, وعدها ووعيدها, وغير ذلك من التفاصيل. وقد عرفالعلماء التفسير بأنه: علم يُبحث فيه عن أحوال القرآن المجيد من حيثدلالته على مراد الله وبقدر الطاقة البشرية. يقول محمد شمس (التفسير هوالكشف والبيان, وهو ما لا نجزم به إلا إذا ورد عن النبي - صلى الله عليهوسلم - أو عن الصحابة الذين شهدوا نزول الوحي وعلموا ما أحاط به من حوادثووقائع).
أما التأويل فهو مأخوذ من الإيالة وهي السياسة, فكأن المؤول يسوس الكلامويضعه في موضعه. والتأويل ملحوظ فيه ترجيح أحد محتملات اللفظ, وهو يعتمدعلى الإجتهاد ويعرف بمعرفة مفردات الألفاظ ومدلولاتها في لغة العربواستعمالاتها بحسب السياق, ومعرفة الأساليب العربية واستنباط المعاني منكل ذلك..يقول الأستاذ كارم السيد غنيم في هذا: إن التأويل نوعان :
أ- نوع يعتمد على السماع ويفهم طبقاً لقواعد اللغة العربية .
ب- ونوع يعتمد على المشاهدة وبه تتجلي التفاصيل والكيفيات من خلالاستقراء الواقع في الآفاق وما تحمله مسيرة الزمن من وقائع وأحداث من خلالما يفتح الله به على أهل كل عصر من الكشوف والمنجزات العلمية فإذا استقرالنبأ أرى الله عباده تفاصيل ودقائق ما حمله النص من دلالات فتكتملالحقيقة ويتجلي الإعجاز ، قال تعالى : { لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون }[ الأنعام ـ 67 ] . والتأويل عملية معقدة جداً كما يصفها الدكتور أحمد الحجاجي , فالمؤول يجدفي النص شيئاً لا يجده في ظاهره , لذا فقد اختلفت مواقف علماء المسلمين منالتأويل وتعددت الآراء فيه، وقيل فيه الكثير: فقيل هو نفسه التفسير , وقيل التفسير أعم من التأويل , وقيل العكس , وقيلالتفسير هو بيان وضع اللفظ والتأويل باطن اللفظ فالتفسير إخبار عن دليلالمراد والتأؤيل بيان حقيقة المراد , وقيل التفسير هو المعنى الظاهر للآيةوالتأويل هو ترجيح بعض المعاني المحتملة للآية. يقول السيوطي في إتقانه: التفسير هو كشف معاني القرآن والتأويل هو مااستنبطه العلماء العارفون من المعاني الخفية والأسرار الربانية اللطيفةالتي تحملها الآية الكريمة. ويقول الماتريدي والقشيري وغيرهما: التفسير في المعنى لا يحتمل غيره فهوقطع وشهادة على أن الله تعالى عنى باللفظ هذا , والتأويل ترجيح أحدالاحتمالات بالدليل بلا قطع ولا شهادة. فالتفسير مقصور على السماع, فمابين في الكتاب والسنة يسمى تفسيراً, وليس لأحد أن يتعرض له باجتهاد ولاغيره , لأنه من باب الدراية , والتأويل ما استنبطه العلماء العالمونبمعاني الخطاب, فهو من باب الدراية. ولقد أجمع علماء التفسير على أن الأصل في تفسير القرآن أن يقوم على ظاهرمعنى ألفاظه , دون تأويل إذا لم يمنع منه مانع من العقل والشرع , وأما إذامنع من ظاهر المعنى مانع فهناك مذهبان:
1. مذهب السلف الصالح من علماء الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهمأجمعين, الذي يقول بالأخذ بظاهر المعنى والتصديق به مع تفويض معرفة حقيقتهإلى الله تعالى بما يتفق مع كمال ذاته وصفاته عملاً بالآية السابعة من آلعمران. ومن علماء السلف الذين لم يتعرضوا للتأويل الإمام مالك بن أنسوسفيان الثوري ومقاتل بن سليمان وأحمد بن حنبل وداود بن علي الأصفهاني.
2. مذهب الخلف من العلماء الذين تبعوهم, وقد رأوا باجتهادهم أهمية التأويلعند الضرورة منعاً من الوقوع بالتشبيه وقطعاً لدابر كل شبهة قد تعلقبالقلوب بشأن صفات الله تعالى , خصوصاً بعد أن اعتنق الإسلام خلق كثير منأمم من غير العرب كانت لها تقاليد وفلسفات وأفكار متأصلة في تركيبهاوبنيتها الاجتماعية , وهذا ما قاله الطبري والغزالي والزمخشري والرازيوالسيوطي وغيرهم من علماء الخلف. على أن هذا الأمر من الخطورة بمكان إذا ترك دون تقنين , فعلى الرغم أنعلماء المسلمين قد أجازوا التأويل في التفسير إذا لم يكن هناك مانع شرعيمن ذلك، فإن التوسع فيه قد فتح باب الشطط في التخيل والتصور وأوقع بعضالمؤولين في مزالق خطيرة , فادعوا أن للقرآن ظاهراً وباطناً , وأن الباطنله عدة بواطن لا يعرفها حق المعرفة إلا أشخاص معينون يوحى إليهم , وأنهميسمعون الكلام الموحى به, ولكنهم لا يرون من يكلمهم.. فكان التفسيرالباطني للآيات القرآنية مليئاً بالكفر والزيغ والأباطيل والافتراءاتوالشرك والإلحاد كما أوضح ذلك العلامة البقليني , وتكونت فرق الباطنيةالذين ادعوا أن النصوص ليست على ظواهرها وأن لها معاني باطنية لا يعرفهاإلا المعلم , وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية. يقول الأستاذ أحمد حسن الباقوري حول موضوع التفسير العلمي لآيات اللهتعالى ما معناه: إننا يجب أن نأخذ الموضوع مأخذ الأمة الوسط لا تفريط ولاإفراط، فلا نجزم بأنها التفسير الذي قصده الله تعالى للآية، ولا نذهب مذهبقدامى المتورعة في تفسير القرآن وتأويله، فنقول كما كانوا يقولون ((آمنابكتاب الله على مراد الله)).. ولسنا نرتاب –جنبك الله الشبهة- في أن كلاالأمرين غير خليق بالاعتناق لمن أراد إنصاف القرآن الكريم من نفسه. فأماالأمر الأول القائم على الجزم بمثل ما ذكره أهل التفسير العلمي للآيات،فهو مع أنه اجتهاد مثوب لا يستطيع أحد أن يزعمه وسيلة إلى صولة الجزم وبرداليقين ، فإن السبيل إلى هذا اليقين لا يكون إلا بإخبار الله على لسانالمعصوم صلى الله عليه وسلم، أو ربما يكون الخروج عليه والإعراض عنهخروجاً على ما تقتضي به الضرورة وتسوق إليه المشاهدة ، ورأي هذا أو ذاك فيمثل هذه الأمور الغيبية ، ومما لم يرد به عن المعصوم خبر ولم تقض به ضرورةحس أو عيان.. ومن هنا نرى أن أسلافنا إذا لاح لهم حول آيات القرآن معنى لميرد به عن المعصوم خبر ولا قضت به ضرورة حسن أو عيان ، نراهم –على ميلهمإليه وارتباطهم له- لم يكونوا يضعونه موضع التفسير أو التأويل للآية ،وإنما كانوا يجعلونه بمعزل عن تفسيرها وتأويلها ، حتى يجمعوا بينالفضيلتين: فضيلة عدم التأثم من القول في القرآن بغير علم ، وفضيلةالتنبيه إلى أن في الآية معنى خليقاً بالرعاية والاعتبار. وساق الأستاذ أحمد حسن الباقوري أمثلة على قوله هذا من تفاسير عديدة ومنها صاحب محاسن التأويل ومنها قوله تعالى: { وَمِنْآيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْدَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ }،(الشورى:29), فيقول نقلاً عنه رحمه الله، فلا يبعد أن يتخابرا ويجتمعافكراً، إذا لم يجتمعا جسماً، فلينظر الفلكيون إلى ما حوته هذه الآيةالمكنوزة في القرآن الكريم ، وليعلم المعجبون منا بالعلوم العصريةالضاربون صفحاً عن العلوم الإسلامية ، ما في كتاب الله من الحكمةوالبيان.. ونص رحمه الله بقوله : لا يخفى أن القرآن العظيم نزل لبيان الحقوتعليم الدين أولاً وبالذات. لكن –تمهيداً لهذه السبيل- أتى بشذرات منالعلوم الفلكية والطبيعية، وصرف بصائر الناس إلى التفكر في خلق السمواتوالأرض ، وما هن عليه من الإبداع فوجه أبصارهم إلى التأمل في خلق الإنسانوما هو عليه من التركيب العجيب ، وإلى غير ذلك من الأمور الفلكيةوالطبيعية في أكثر من ثلاثمائة آية ، فالمفسرون –رحمهم الله- فسروا هذهالآيات وشرحوا معانيها على مقدار محيط علمهم بالعلوم الفلكية والطبيعية.ولا يخفى ما كانت عليه هذه الآلات في زمنهم من النقصان ، فهم معذورون إذالم يفهموا معاني هذه الآيات التي تحير عقول فلاسفة هذا العصر المتضلعينبالعلوم العقلية. لذلك لم يفسروا هذه الآيات حق تفسيرها. بل أولوها وصرفوامعانيها عن الحقيقة إلى الكناية ، أو إلى المجاز.. ذلك ما ذكره العلامةجمال الدين القاسمي سنة 1914م وهو أحد طلاب الإمام محمد عبدة. وأما الأمر الثاني الذي يطبق فيه الآخذون به في شعارهم القائل ((آمنابكتاب الله على مراد الله)) ، فلا ندخل في تعليل الأسباب ونلهث وراءالفلسفة والعلوم والاجتهاد فإنه غلو شديد في الاحتياط ينتهي بسالكي سبيلهإلى التعطيل وتجريد القرآن عن معانيه الداعية إلى الإنتفاع منه.. ولو أنالمسلمين حرموا نعمة الاجتهاد، ومنعوا أن يعملوا آراءهم في كتاب الله–متقيدين بلغته ومقاصده- لحرموا خيراً كثيراً. وقد ثبت في أصول الفقه –علىما يروي ذلك العلامة الفخر الرازي في كتابه مفاتيح الغيب- أن المتقدمينإذا ذكروا وجهاً في تفسير الآية فإن ذلك لا يمنع المتأخرين من استخراج وجهآخر في تفسيرها، ولولا جواز ذلك لصارت الدقائق التي استنبطها المتأخرون فيتفسير كلام الله تعالى مردودة باطلة، ومعلوم أن هذا القول لا يقول به إلامقلد لا وزن له.. وربما قال قائل: أوليس الله تعالى قال في كتابه العزيز:{ هُوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّأُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِيقُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَالْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّااللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّمِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }(آل عمران ـ 7), وعلينا أن نؤمن بالمتشابه على مراد الله وإن لم نفهمه،فنفوض الأمر فيه إلى الله؟، فيكون مثل المفوضين في المتشابه كمثل الذينيقولون: آمنا بكتاب الله تعالى على مراده. نقول: صحيح أن أهل السنةوالجماعة –وهم أهل العلم الصحيح- يقفون على قوله تعالى: { إلا الله } ثم يبتدئ بقوله: { والراسخون في العلم يقولون آمنا به }، أي إن الله تعالى هو العالم بتأويله ومعناه، إلا أن ذلك لا يمنع مناجتهاد المجتهد بناء على أسس علمية رصينة، لكن لا يأخذ هذا من باب الإلزامفإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر الاجتهاد، وفي جميع الأحوال يكوناليقين والإيمان ملازمين للعالم والمجتهد بما جاء في كتاب الله على مرادالله . وهؤلاء الراسخون في العلم يأتم بهم ويذهب مذهبهم اتباعهم والآخذونعنهم ، وعلى ذلك لا يكون إيمان المسلمين بالقرآن قائماً على التعطيل ولكنهيكون قائماً على الفهم ، وحسن التأويل ، وكل تأويل يزيد المسلم اطمئناناًإلى فهم الآية من كتاب الله واجب عليه أن يأخذ به ، وأن يجري على سنته، مادام متعبداً بحدود اللغة التي نزل بها ، وملتزماً حدود الشريعة التي أوضحمعالمها ورفع أعلامها. إن الإسلام دين الوسط فلا يمنع التدبر والتفكر ولا يلزم الناس بما لم يؤثرعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعطي الأمور حقها من الربط والتأمل–وليس التفسير- وللناس في ذلك مذاهب فمن شاء أخذ به ومن شاء تركه فالعبرةفي تذكير الناس بكتاب ربهم وسبقه للعلوم وليس بالدخول في جدال سفسطي يقسيالقلوب وينخر المحبة في الله والاعتصام بحبله المتين. وهنا أود أن أشير إلى حقيقة مهمة وهي: إن النظر إلى الصور المختلفة لكتابالله المنظور أي الكون تعطي انطباعات مختلفة للناظر فمنهم من يعجب بهجميعاً, ومنهم من يركز النظر إلى النجوم, ومنهم من يعجب بالبحر , أوالغروب , أو الطيور المهاجرة , أو بما تحت البحار وأعماق الأرض وهكذا.وكذلك الحال للقرآن والكون المسطور (أو الكتاب المسطور) تنظر إليه وتقرأهفتجد فيه من المناظر والكنوز والإعجازات ما لا تنتهي عجائبه حتى قيامالساعة كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فمهما حاولت وصفه والولوجإلى أسراره فلا تستطيع أن تعطيها حقها ، وهذا الكنز العظيم مهما أخذت منهفلا ينقص منه شيء فهو منهل لنا كما هو أمانة في أعناقنا نصونه ونخدمهجيلاً بعد جيل ونسعى للنهل من عيونه الرقراقة وكنوزه البراقة ما حيينا كمافعل أسلافنا وسيفعل أحفادنا حتى يرث الله الأرض ومن عليها . إذن للتفسير القرآني أنواع وأساليب مختلفة وهو يختلف عن التأويل الذي يعنيفيما يعنيه التفسير التفصيلي والدخول في أعماق المسائل . وقد وردت كلمة(التأويل) ثلاث مرات في سورة يوسف ومرتين في الكهف. والتأويل والاستنباطأمران مباحان للفكر الإسلامي على مر العصور دون شرخ لأصول وأطر التفسيرالعامة ليس في علوم القرآن التقليدية المعروفة كاللغة والبلاغة والبديعوالبيان والمعاني والنحو والصرف، وأسباب النزول, والناسخ والمنسوخ, وعلومالقراءات , وأصول الدين , والفقه وأصوله , ومقاصد الشريعة , والحديثوعلومه فحسب , وإنما في كل العلوم الدنيوية الأخرى- إذ أن التفسير لعموماللفظ لا لخصوص السبب- مصداقاً لقوله تعالى: { وَإِذَاجَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْرَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُالَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِعَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً } (النساء ـ 83), وقوله تعالى: { هَلْيَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُالَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّفَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَغَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّعَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُون َ}(الأعراف ـ 53). إن تأويل نصوص القرآن والسنة نوعان كما يقول الشيخ الزنداني في كلمته إلىالمؤتمر الثاني للإعجاز الطبي في القرآن والسنة الذي انعقد بالقاهرة1407هـ-1987م وهما: • نوع يعتمد على السماع ويفهم طبقاً لقواعد اللغة العربية التي نزل بها القرآن, وما صح في بيانها من النصوص والآثار. • نوع يعتمد على الرؤيا والمشاهدة, وبه تتجلى التفاصيل والكيفيات, وسبيلهمشاهدة هذه الحقائق في الواقع في كل الآفاق وفي المعامل والمختبرات, أوفيما تحمله لنا مسيرة الزمن من الوقائع والأحداث. فإذا تضمنت بعض نصوصالكتاب والسنة دلالة على سنة من السنن الكونية أو حقيقة من الحقائقالعلمية فلا بد أن تحمل ألفاظ النصوص معنى هذه الدلائل بطريقة يتغير معهاالمعنى ولا يلتبس بها المراد , وأن تتوارث أجيال الأمة ذلك المعنى الصحيحجيلاً بعد جيل طبقاً لقواعد اللغة التي نزل بها القرآن الكريم وفهمهاالمخاطبون وقت نزوله, لأنه يستحيل أن يغلق فهم معنى آية من كتاب اللهتعالى على أهل جيل بأكمله , وهذا من مقتضى الحفظ الذي ضمنه الله تعالىلكتابه. يقول الأستاذ الدكتور كارم غنيم: (وبعد فإذا اعتبرنا الكلام في تجليةجوانب الإعجاز العلمي للقرآن الكريم ضرباً من ضروب التأويل, فإن التأويلغير الملتزم بالضوابط والأصول ما هو إلا رأي شخصي مردود على صاحبه, وبابالاجتهاد مفتوح وليس مقصوراً على فريق دون آخر, ذلك فضل الله يؤتيه منيشاء من عباده وإلى أن تقوم قيامة الناس). ولعلنا هنا نقف باحترام لكل العاملين في مجال توضيح هذه العلوم للأمة،والمتصدين لهذه المسؤولية العظيمة كثر، ولكن هناك إنجازات مميزة تفرضنفسها على الواقع الثقافي الإسلامي، ولعل من أبرز وجوهها العمل الطيب الذيقام به مجموعة من المؤلفين وهو كتاب (معجم تفاسير القرآن الكريم)، والذيصدر الجزء الأول منه عام 1997، ثم رأت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوموالثقافة أن تعيد نشر الجزء الأول مع الجزء الثاني في هذه الطبعة، وذلكبالتعاون مع دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في سلسلة الدراساتالإسلامية. وجاء الجزء الأول شاملاً لتسعة وثمانين تفسيراً من تفاسيرالقرآن الكريم صدرت في مختلف العصور ، قام بإعداده رهطٌ من علماء جامعةالقرويين في فاس بالمملكة المغربية.. وقد لقي هذا المعجم قبولاً حسناً عندصدوره الأول في مختلف الأوساط العلمية والمحافل الثقافية التي تعنى بإحصاءالعلوم الإسلامية بخاصة . وأما الجزء الثاني فقد جاء جامعاً لمائة تفسيرمما لم يرد في الجزء الأول . واتبع المصنف في هذا الجزء منهجاً شرحه فيالمقدمة التي كتبها بقوله: "أن مفهوم التفسير، عندي ، يقوم على أنالتفاسير إما كلية ، أو جزئية، والاهتمام ينصب بالدرجة الأولى علىالتفاسير الكلية المستوعبة ، أما التفاسير الجزئية لبعض أجزاء القرآن ،فهي من الكثرة والتنوع بحيث لا يمكن حصرها ، على أنه يعتبر منها ما يختصبتفسير سورة أو عدة سور ، أما تفاسير بعض الآيات الخاصة ، فلا تعدُّ ولاتحصى ، ومن تصميم التفسير ومهمّه ، تفسير آيات الأحكام ، وقصص الأنبياءالمأخوذة من القرآن ، وكتب أسباب النزول، وكتب الناسخ والمنسوخ ، وكتبغريب القرآن ، وإعرابه ، ونظائر القرآن ، وكتب القراءات ، لا التجويد ،بشرط أن تكون تعني بالتوجيه والتعليل..". من خلال هذا المفهوم، وفي إطار هذه الرؤية الشاملة ، وعملاً وفق هذاالمنهج ، قام المصنف ، في الجزء الثاني بالتعريف بمائة نص زائدة على ما فيالجزء الأول من قبل ، بين مخطوط ومطبوع مما وقف عليه ، ويشير في المقدمةإلى أنه "جمع مائة أخرى وهي في متناول اليد". وتجدر الإشارة إلى أنالمنظمة الإسلامية أنجزت بعملها هذا معجماً لتفاسير القرآن الكريم لم يسبقأن عرفته المكتبة الإسلامية بهذه الإحاطة والاستيعاب والشمول. لقد ظلّ الصحابة والتابعون بعد أن التحق الرسول - صلى الله عليه وسلم -بالرفيق الأعلى ، يتدارسون القرآن الكريم مفسرين آياته ، مستنتجين منها مايعنُّ لهم من قضايا وأحداث، فقد كان لهم مصدراً للمعرفة، والعين الثرّةالتي تتدفق عطاء، على مستوى العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلميةجميعاً، فشغلتهم دراسة القرآن الكريم عن كل شيء ؛ يتعبدون به في صلواتهموتهجدهم، وينصاعون لتوجيهاته في تشريعاتهم وأمور دينهم ودنياهم، ويحتكمونإليه في قضاياهم ومشكلاتهم ولكي يفهموه حق فهمه اهتموا بشرح كلماته وبيانمعانيه ، وتفسير أحكام ، فكان القرآن الكريم محور كل العلوم وهدف كلالدراسات على مر العصور والأزمان... ومن حقائق التاريخ أن التفاسيرالمبكرة وصلت كلها تقريباً في مسلسلات الرواة ، وأسانيد القراء ، وهي منخصوصيات الثقافة الإسلامية المروية بالأسانيد . وكان لا بد أن يهتمالباحثون بالمراجع الأصلية للثقافة الإسلامية في علوم القرآن والحديث التييعتمد عليها عند دراسة مناهج المفسرين ومذاهبهم ، لذا قامت المنظمةالإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ، تيسيراً للرجوع إلى أمهات هذهالمراجع ، بوضع معجم لتفاسير القرآن الكريم ، يرصد جهود المفسرين ، ويبحثمذاهبهم في التفسير ، ويتقصى مصادر دراساتهم ، ويقدم نماذج من أعمالهم ممايمكّن الباحث من معرفة جهد كل مفسر ومذهبه لئلا يخطئ القصد والهدف ، وحتىلا يلتبس عليه سبيل الهدى ، فيضلّ عن الاستفادة منه.
شروط التفسير
لقد وضع علماء الإسلام شروطاً صارمة للتفسير لأهميته وخطورته وفي هذاالموضوع تفاصيل كثيرة , فارتأينا أن نبين كمثال على ذلك ما وضعه السيوطيرحمه الله تعالى في كتابه (الإتقان) من شروط توجب على القائم بالتفسير أنيستوفيها , وهي إتقانه لخمسة عشر علماً وهي:
1. علم اللغة: لمعرفة شرح مفردات الألفاظ ومعلوماتها بحسب الوضع. 2. علم النحو: لأن المعنى يختلف باختلاف الإعراب. 3. علم الصرف: فعن طريقه تعرف الأبنية. 4. علم الاشتقاق. 5. علم المعاني: وبه يعرف خواص ترتيب الكلام. 6. علم البيان: وبه يعرف خواص الكلام من حيث موضع الدلالة. 7. علم البديع: وبه يعرف وجوه تحسين الكلام. 8. علم القراءات: وبه يعرف كيفية نطق الآيات ومخارج الحروف. 9. علم أصول الدين. 10. علم الفقه وعلم أصول الفقه: وبه تعرف الأحكام من دلالات النصوصباعتبار المعاني وضعاً واستعمالاً في الخاص والأمر والنهي والمطلق والمقيدوالعام والتخصيص والمشترك والحقيقة والمجاز, منطوقاً ومفهوماً, وضوحاًوخفاءً في الدلالات القطعية والظنية والغامضة. 11. علم أسباب النزول :وبه تفهم الآية بحسب ما أنزلت فيه من أحداث. 12. علم الناسخ والمنسوخ: وبه يعرف المحكم وغيره. 13. الأحاديث الصحيحة المبينة للمجمل والمبهم. 14. الموهبة: وهو علم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم.
مراحل علم التفسير
لقد مر التفسير عبر العصور الإسلامية بعدة مراحل كما قسمها الدكتور كارم غنيم :
• المرحلة الأولى: التفسير المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
• المرحلة الثانية: التفسير المأثور عن الصحابة والتابعين, ويقسم إلى خمسةأقسام وهي تفسير القرآن بالقرآن , والتفسير بالسنة النبوية الشريفة ,وبأسباب النزول , والتفسير اللغوي والبلاغي , والتفسير الإجتهادي, ومنأبرز من برع فيه سيدنا علي و سيدنا ابن عباس و سيدنا عبد الله ابن مسعودوالسيدة عائشة , ومن التابعين سعيد بن جبير ومجاهد وبن عيينة رضوان اللهتعالى عليهم أجمعين.
• المرحلة الثالثة: التفسير المعني باللغويات.
• المرحلة الرابعة: مرحلة التفسير بالرأي , وهو نوعان تفسير محمود وتفسير مذموم.
• المرحلة الخامسة : مرحلة إبراز أوجه الإعجازات القرآنية وعلى رأسها الإعجاز العلمي للآيات الكونية في القرآن.
كما يمكن تقسيم أنواع التفسير إلى: التفسير بالمأثور , التفسير بالرأي,التفسير الفقهي , التفسير الأدبي , التفسير اللغوي , التفسير الصوفيوالإشاري , التفسير الموضوعي , التفسير البلاغي , التفسير الفلسفي ,التفسير العلمي.. وبعد فإن هناك ثلاثة أصول للتفسير هي : تفسير القرآن بالقرآن , التفسيرالنبوي , والتفسير اللغوي . وفيما يلي تفصيلات مهمة في كل مرحلة من تلكالمراحل:
أولاً: تفسير النبي صلى الله عليه وسلم
ذهب ابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير إلى أن رسول الله – صلى اللهعليه وسلم – بين لأصحابه كل معاني القرآن ، استناداً إلى الآية السابقة ،إذ لو لم يبين كل معانيه ، كان مقصراً في البيان الذي كلف به . وجمهور العلماء يرى أن النبي – صلى الله عليه وسلم – فسّر بعض الآيات دونالبعض ، فمن القرآن ما استأثر الله بعلمه ، ومنه ما يتبادر فهمه ، ولايعذر أحد بجهله ، فليس الرسول في حاجة إلى تفسيره . لكن السنة النبويةبينت كثيراً من المجمل ، كتحديدها لمواقيت الصلاة ، وعدد ركعاتها ،وكيفيتها ، وتحديدها لمقادير الزكاة وأنواعها وأوقاتها ، وتبيينها مناسكالحج . إلى غير ذلك من الفروع. ووضحت كثيراً من المشكل، كتفسيره – صلىالله عليه وسلم – الخيط الأبيض والخيط الأسود من الفجر. وخصصت بعض العام،كتخصيصه – صلى الله عليه وسلم – الظلم بالشرك ، في قوله تعالى: { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } سورة الأنعام: آية 82 وقيدت بعض المطلق، كتقييدها اليد باليمين، من قوله تعالى: { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا }سورة المائدة: آية 38. وقد أفردت بعض كتب الحديث باباً للتفسير جمعت تحتهكثيراً من التفسير المأثور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
ثانياً: تفسير الصحابة رضي الله عنهم
لا شك أن القرآن الكريم كان هدف الصحابة الأول، يحفظونه ويفهمونه،ويتلقفون ما يصدر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بشأنه، ويهتدونبهديه، وينشرون نوره. ولا شك أنهم كانوا أعلم الناس بالظروف والملابسات التي أحاطت بنزولالقرآن، والتي تعين على فهم آياته ووقائعه. ولا شك أنهم كانوا أعلم منغيرهم بأوضاع لغة العرب وأسرارها. .لكنهم –رضي الله عنهم- لم يكونوا فيدرجة واحدة من قوة الفهم وسعة الإدراك والقدرة على التعبير فاشتهربالتفسير منهم عدد قليل –ذكرهم السيوطي في الإتقان- وهم الخلفاء الأربعة،وابن مسعود، وابن عباس، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري،وعبد الله بن الزبير. وأكثر هؤلاء العشرة لم يرو عنهم في التفسير إلا الشيء القليل، إما لتقدم وفاتهم، أو لانشغالهم بمهامهم. والمكثرون في التفسير أربعة:عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب.
القيمة العلمية لتفسير الصحابة: المقصود بهذا البحث ما صح إسناده إلىالصحابة من التفسير، أما الذي تضاربت فيه الروايات، وضعفت فيه الأسانيد،وطعن في طريق وصوله، فلا خلاف في أنه لا يعتمد عليه ولا يؤخذ به. ثم ما صحعن الصحابة في التفسير، إما أن يكون في أسباب النزول، وفي أمور لا مجالللرأي والاجتهاد فيها كأمور الآخرة، وإما أن يكون للرأي فيه مجال. فالأول له حكم الحديث المرفوع، وعلى المفسر أن يأخذ به، ولا يحيد عنه. وأما الثاني: أي ما كان للرأي فيه مجال فهو من قبيل الوقوف على الصحابي،هذا لا يجب الأخذ به، لأن الصحابي في هذه الحالة مجتهد، والمجتهد يخطئويصيب. لكن إذا أجمع الصحابة على شيء فيجب الأخذ به. نعم تطمئن نفس المفسر إلى ما روي عن الصحابة من هذا القبيل أكثر مما يسندإلى غيرهم، لظن سماعهم له من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ولأنهمأعلم الناس بكتاب الله، فهم أهل اللسان، وهم الذين حصلت لهم بركة الصحبةوفضلها، وهم الذين شاهدوا قرائن نزول الآيات وأحوالها. فإذا لم نجدالتفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة.
ثالثاً: تفسير التابعين رضي الله عنهم
تلقى التابعون دروس التفسير من أعلام الصحابة واعتمدوا على أقوالهم في فهمالقرآن الكريم، كما اعتمدوا على قدرتهم في الفهم والنظر والاجتهاد. ومنهؤلاء التلاميذ الأجلاء: - سعيد بن جبير، مجاهد بن جبر، عكرمة البربري، طاووس بن كيسان، عطاء بن أبي رباح. القيمة العلمية لتفسير التابعين.: من المعلوم أن عدالة التابعين غير منصوصعليها، كما نص على عدالة الصحابة، فتفسيرهم لا يجب الأخذ به، وإن كانمأخوذاً عن الصحابة. أما إذا أجمعوا على أمر فلا يرتاب في كونه حجة، فإناختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض، ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلكإلى لغة القرآن أو السنة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك.
رابعاً: تطور التفسير في عصور التدوين
يمكن تقسيم المراحل التي مر بها التفسير في هذه الأزمنة المتطاولة إلى أربع مراحل: -
المرحلة الأولى: مرحلة تدوين التفسير على أنه باب من الحديث، وقد ابتدأتهذه المرحلة بابتداء التدوين لحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم –تدويناً مرتباً على أبواب.
المرحلة الثانية: مرحلة استقلال التفسير عن الحديث، ووضع تفسير لآيات القرآن مرتباً على ترتيب المصحف، مع المحافظة على الإسناد.
المرحلة الثالثة: مرحلة حذف الأسانيد، وكثرة الدخيل والعليل، وقد ألفت كتبكثيرة في التفسير بالمأثور، لكنهم اختصروا الأسانيد، بل نقلوا أقوال السلفمن غير أن ينسبوها إلى قائليها، فكثر الوضع في التفسير، وانتشرتالإسرائيليات انتشاراً أضاعت الثقة فيه.
المرحلة الرابعة: مرحلة التفسير بالرأي، وقد انتشر هذا النوع من التفسير بانتشار العلوم والمعارف، واختلاف الآراء، وكثرة المذاهب. فقد دونت علوم اللغة، ودون النحو والصرف، واتسع نطاق المذاهب والآراءالفقهية، والكلامية، وترجمت كتب كثيرة من كتب الفلاسفة، فتأثر التفسير بكلذلك. بل خضع التفسير لاستعداد المفسر، ونوع نبوغه العلمي، واتجاهه المذهبيحتى كاد كل تفسير أن يقتصر على الفن الذي برع فيه مؤلفه. فالنحوي مثلا- كالزجاج والواحدي وأبي حيان – يبذل قصارى جهده في الإعراب ويستطرد إلى فروع النحو وخلافياته حتى يطغى فنه على التفسير. وصاحب العلوم العقلية – كالفخر الرازي – جعل عنايته في تفسيره بأقوالالحكماء والفلاسفة، وشبههم والرد عليهم، والانسياق الكثير في الأمورالكونية، حتى قيل عن كتابه –مفاتيح الغيب – فيه كل شيء إلا التفسير. والفقيه – كالقرطبي – يلتمس من الآية أدنى مناسبة ليدخل في الفروع وأدلتها، والرد على مخالفي مذهبه، حتى يبعد عن التفسير. وصاحب التاريخ والقصص- كالثعلبي والخازن – لا يصل إلى خبر أو قصة حتى يدع الآية جانباً، ويدخل في الأخبار والحكايات. وصاحب البدعة – كالرماني والجبائي والزمخشري والطبرسي – كل همه التأويل والتكلف لتنزيل الآية على مقتضى نحلته وهواه. ومن العلماء من عني بموضوع خاص من التفسير، فخصه بالبحث والتأليف. فابن القيم أفرد كتاباً في أقسام القرآن، سماه التبيان في أقسام القرآن. وأبو عبيدة أفرد كتاباً في مجازا لقرآن، والراغب الأصفهاني ألف كتاباً فيمفردات القرآن، وأبو جعفر النحاس ألف كتاباً في الناسخ والمنسوخ منالقرآن. وكثير غير هؤلاء عنوا بناحية خاصة من نواحي القرآن الكثيرةالنافعة فبرزوا وأسهبوا، وأصبحت بحوثهم مراجع في موضوعاتهم.
أنواع التفسير
من خلال ما تقدم يتبين لنا أن التفسير نوعان: هما التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي.
التفسير بالمأثور:
هو الذي يعتمد على صحيح المنقول بالمراتب الآتية: تفسير القرآن بالقرآن،أو بالسنة لأنها جاءت مبينة لكتاب الله، أو بما روي عن الصحابة لأنهم أعلمالناس بكتاب الله، أو بما قاله كبار التابعين، لأنهم تلقوا ذلك غالباً عنالصحابة. وحكمه: يجب إتباعه والأخذ به لأنه طريق المعرفة الصحيحة شريطة التثبت منالآثار والروايات الواردة في بيان معنى الآية، وعدم الاجتهاد في بيان معنىمن غير أصل، والتوقف عما لا طائل تحته ولا فائدة في معرفته ما لم يرد فيهنقل صحيح كالاسرائليات، وهي الأخبار والروايات الواردة عن أهل الكتاب. ومنأشهر الكتب المؤلفة فيه جامع البيان في تفسير القرآن لمحمد بن جرير الطبري.
التفسير بالرأي:
هو الذي يعتمد فيه المفسر في بيان معنى الآية على فهمه الخاص واستنباطهبالرأي المجرد عن الهوى، وحكمه: جواز الأخذ به شريطة صحة الاعتقاد وعدمتجاوز التفسير بالمأثور، والإلمام بأصول العلوم المتصلة بالقرآن، واللغةالعربية وفروعها، ودقة الفهم. علماً أن تفسير القرآن بالرأي والاجتهاد منغير أصل حرام ولا يجوز الأخذ به. لقوله تعالى: { ولا تقف ماليس لك به علم} الإسراء ـ من الآية 36، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ( من قال في القرآن برأيه – أوبما لا يعلم – فليتبوأ مقعده من النار ) أخرجه الترمذي والنسائي وأبو داود، وحسنه الترمذي. والكتب االعلمي:يه كثيرة منها: مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي.
التفسير العلمي:
كما جاء القرآن الكريم دعوة صريحة للإيمان الصحيح، ومكارم الأخلاق، جاءدعوة صريحة للعلم والنظر والتفكر، ويكفي أن أول ما نزل منه قوله تعالى: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ---- إلى قوله علم الإنسان مالم يعلم ) سورة العلق: آية 1 – 5. ولا نجد كتاباً سماوياً كرم العلم، ودعا في مواضع كثيرة، للتزود من منهل هذا العلم كهذا القرآن. حكمه: اختلف العلماء في موضوع التفسير العلمي بين مؤيد ومعارض، والذي يراهمعظم المتبحرين في علوم القرآن الكريم: أن التفسير العلمي ضرورة تتطلبهظروف العصر الحاضر، شريطة أن يتهيأ لذلك ذوو الاختصاص والخبرة، وشريطة أنلا يكون التفسير حسب نظريات وهمية متداعية، أونظريات متغيرة، بل لابد أنيكون حسب الحقائق العلمية الثابتة. الخ.أخذ بعين الاعتبار أن القرآنالكريم كتاب هداية وإعجاز وليس كتاب طب أو هندسة أو كيمياء..... الخ .
برمجة القرآن الكريم وفهرسته من خلال الحاسب الآلي:
إن نظام البرمجة بصورة عامة يعني إدخال المعلومات المراد برمجتها فيالحاسب الآلي ( الكمبيوتر )، وكان في البداية مقتصراً على الدراساتوالبرامج الإحصائية والمالية والاجتماعية، ثم انتقل هذا البرنامج إلىالدراسات القرآنية، وهذا الأمر يعد خطوة هامة ورائدة تفتح آفاقاً علميةوتعليمية واسعة، تخدم في جملتها القرآن الكريم، وتعد بحق وسيلة جديدة لحفظكتاب الله، ونشره وتعليمه، والدعوة إليه. وهذا دليل واضح على أن الإسلاملديه القدرة على استيعاب منجزات الحضارة الحديثة، بل هو الذي يوجههاويقيمها على أسس سليمة ثابتة من العقيدة والشريعة. ومعنى برمجة القرآن ها هنا: تسخير الحاسب الآلي لخدمة القرآن الكريم بدءاًبمعرفة ألفاظه وآياته وموضوعاته، وانتهاءً بالإسهام في نشر عقيدتهوتشريعاته. وحكم هذا العمل جائز ومندوب شرعاً لما يحققه من خطوات عملية فيمجال المحافظة على القرآن الكريم.
ترجمة القرآن الكريم:
معنى الترجمة: هي نقل الكلام من لغة إلى أخرى، والترجمان: بضم التاءوفتحها: المفسر الذي ينقل الكلام من لغة إلى أخرى. وتطلق الترجمة علىتفسير الكلام بلغته التي جاء بها. وعلى هذا فإن ترجمة القرآن تعني تفسيره وبيان معانيه ومراميه ومقاصده بلغة غير لغته. أقسام الترجمة: هناك نوعان من الترجمة لا ثالث لهما وهما:
الترجمة الحرفية:
وتراعى فيها المحاكاة الأصلية في النظم والترتيب، فالمترجم ترجمة حرفيةيقصد إلى كل كلمة في الأصل، فيفهما ثم يستبدل بها كلمة تساويها في اللغةالأخرى، مع وضعها موضعها وإحلالها محلها، وإن أدّى ذلك إلى خفاء المعنىالمراد من الأصل.
الترجمة التفسيرية:
وهو ترجمة معاني القرآن، أو ترجمة تفسير ألفاظه بعد فهمها وإدراك أبعادها ومقاصدها والمراد منها. خلاصة القول: إن الترجمة الحرفية غير ممكنة بل مستحيلة في القرآن الكريم،فمن المتعذر أن يبدل حرف أو كلمة بما يساويه من اللغة الأخرى، إذ أنه يخرجبالقرآن عن كونه قرآنا، فضلاً عن أنه يذهب بإعجازه وفصاحته، ورصانة نظمه،هذا بالإضافة إلى أنه يذهب معانيه ومدلولا ته الأصلية والتبعية. أما الترجمة التفسيرية فهي ممكنة وجائزة بل قد تكون واجبة إذا كانت هيالسبيل الوحيد لتبليغ القرآن الكريم، لكن لا بد من الإشارة هنا إلى أنالترجمة التفسيرية لا تعدو كونها ترجمة لمعاني القرآن أو ترجمة تفسيره،فهي لا تعد قرآناً بحال، وليست معجزة، ولا يتعبد بتلاوتها ولا يقرأ بها فيفي الصلاة.
عن موقع الدكتور خالد العبيدي
| |
| | | اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: رد: المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم الخميس أكتوبر 21, 2010 7:33 am | |
| المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء الحادي عشر
أحكام التجويد والترتيل
أحكام تجويد القرآن
أ- التجويد: غايته وحكمه وطرق تلقيه ومراتبه
- علم التجويد: علم يعرف به كيفية النطق بالكلمات القرآنية. وتجويد الحروفهو الإتيان بها جيدة اللفظ تطابق أجود نطق لها وهو نطق رسول الله صلى اللهعليه وسلم. وترتيل القرآن هو معنى قوله تعالى: { وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً }(المزمل:من الآية4)، بمعنى اقرأه بحق قراءته وذلك بإتيان حروفه ومخارجها على الوجهالأكمل. والترتيل والتجويد هما كلمتان تعطيان نفس المعنى.
- غاية علم التجويد: بلوغ الإتقان في تلاوة القرآن. أو هو: صون اللسان عن اللحن في تلاوة القرآن.
-حقيقة علم التجويد: إعطاء كل حرف حقه ومستحقه في النطق، وإتقان الحروف وتحسينها وخلوها من الزيادة والنقص والرداءة.
-حكم تعلّم التجويد: فرض كفاية على المسلمين ، إذا قام به البعض سقط عن الكل.
-حكم العمل به: فرض عين على كل مسلم ومسلمة من المكلفين عند تلاوة القرآن.
-طريقة أخذ علم التجويد على نوعين :
1. أن يسمع الآخذ من الشيخ، وهي طريقة المتقدمين. 2. أن يقرأ الآخذ في حضرة الشيخ وهو يسمع له ويصحح. والأفضل الجمع بين الطريقتين.
مراتب القراءة الصحيحة:
1- التحقيق: لغة: هو المبالغة في الإتيان بالشيء على حقيقته من غير زيادةفيه ولا نقص عنه، فهو بلوغ حقيقة الشيء والوقوف على كنهه، والوصول إلىنهاية شأنه. واصطلاحا: إعطاء الحروف حقها من إشباع المد وتحقيق الهمزوإتمام الحركات وتوفية الغنات وتفكيك الحروف وهو بيانها، وإخراج بعضها منبعض بالسكت والتؤدة، والوقف على الوقوف الجائزة والإتيان بالإظهاروالإدغام على وجهه.
2- الحدر: لغة: مصدر من حَدَرَ يُحدر إذا أسرع، أو هو من الحدر الذي هوالهبوط، لأن الإسراع من لازمه. واصطلاحا: إدراج القراءة وسرعتها مع مراعاةأحكام التجويد من إظهار وإدغام وقصر ومد، ومخارج وصفات.
3- التدوير: فهو عبارة عن التوسط بين مرتبتي التحقيق والحدر
4-الترتيل: لغة: مصدر من رتل فلان كلامه، إذا أتبع بعضه بعضا على مكثوتفهم من غير عجله. واصطلاحا:هو قراءة القرآن بتمهل وتؤدة واطمئنان وإعطاءكل حرف حقه من المخارج والصفات والمدود.
ب- حكم الميم والنون المشدّدتين
1. عند لفظ ميم مشددة ينبغي إظهار الغنة (الغنة : صوت خفيف يخرج من الأنفلا عمل للسان به ) مقدار حركتين (الحركة : هي الوحدة القياسية لتقدير زمنالمد والغنة، أو مقدار طيّ اليد وفتحها ) مثل: أمّا، ثمَّ ، عمّ ، أمّن. 2. عند لفظ نون مشددة ينبغي إظهار الغنة مقدار حركتين مثل: إنّ، إنّا، { من الجِنَّة والنّاس }.
جـ- أحكام النون الساكنة والتنوين
1- الإظهار الحلقي: -الإظهار: هو إخراج الحرف الساكن من مخرجه من غير وقف ولا سكت ولا تشديد. -حروفه: الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء، وهي مجموعة في أوائل الكلمات التالية: ( أخي هاك علماً حازهُ غير خاسر ). وتسمى هذه الحروف حروف الحلق، لأن مخرجها هو الحلق، ولذا سمي الحكم: الإظهار الحلقي. طريقة النطق: نظهر النون الساكنة أو التنوين قبل الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء). مثاله : 1- ن+ أ : { مِنْ آيَاتِنَا }، { مَنْ أَرَادَ }، { مَرَّةً أُخْرَى }، { مِلْحٌ أُجَاجٌ }. 2- ن + هـ: { عَنْهُمْ }، { مِنْهُمْ }، { إِنْ هُمْ }. 3- ن + ع: { إنْ عُدْنا }، { أنْعَمْتَ }، { يومٌ عَسيرٌ }، { إثْماً عَظيماً }. 4- ن + ح: { منْ حَوْلِهِمْ } ، { شَيءٌ حَفيظٌ } ، { أُسْوَةٌ حَسَنَة }. 5- ن + غ: { مِنْ غَيْرِ }، { عملٌ غَيْر صالِح }، { منْ عذابٍ غَليظ }. 6- ن + خ: { مَنْ خَلَقَ }، { كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ }.
2- الإدغام: هو دمج النون الساكنة أو التنوين بحرف من حروف الإدغام بحيث يصيران حرفاًواحداً مشدداً، هو حرف الإدغام. حروف إدغام النون ستة: تجمعها كلمة(يرملون).
ينقسم الإدغام إلى قسمين :
القسم الأول: الإدغام بغنة: يكون عند التقاء النون الساكنة أو التنوين عند أحرف كلمة : ( ينمو). كيفيته: أن تدغم النون فلا تقرأ، بل يشدد الحرف الذي يليها، وتظهر الغنة على هذا الحرف المشدد مقدار حركتين . مثاله:
1. ن + ي: { إِنْ يَرَوْا } ، { فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ } وتقرآن: " أيّروا " ، " فِئَتينْصرونه ". 2. ن + و: { مِنْ وَالٍ }، { إِيمَانًا وَهُمْ } وتقرآن: " مِوَّال "،" إيمانَوَّهم". 3. ن + م: { مِنْ مَاءٍ }، { صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا } وتقرآن: " مِمَّاء " ، " صراطمّسْقيماً ". 4. ن + ن: { إِنْ نَحْنُ }، { مَلِكًا نُقَاتِلْ } وتقرآن: " إنَّحن"، "مَلِكنُّقاتل".
ملاحظة: إذا وقع حرف الإدغام بعد النون الساكنة في كلمة واحدة، فلا يصحالإدغام، بل يجب إظهار النون الساكنة وقد وقع ذلك في القرآن بأربع كلماتهي: { دُنْيا }، { قنْوان } ، { بُنْيان }، { صِنْوان }.
ملاحظة: في موضعين من القرآن الكريم تظهر النون الساكنة عند الواو ولا تدغم بها وهما: { يس والقُرآنِ الحَكيم } تقرأ: "ياسين والقرآن الحكيم". { ن والقلم } تقرأ: "نونْ والقلم".
القسم الثاني: الإدغام بلا غنة: يكون عندما تقع النون الساكنة أو التنوين قبل حرف اللام والراء مثاله:
1. 1. ن+ ل: { أَنْ لَوْ } فتقرأ : " الّو " { أنْداداً لِّيُضِلُّوا } فتقرأ: " أندادَ لِّيضلوا ". 2. 2. ن + ر: { مِنْ رَب } فتقرأ : " مِرَّب ". { بشرا رسولاً } فتقرأ: " بَشَرَ رَّسولاً ".
3- الإقلاب: هو قلب النون الساكنة أو التنوين ميماً قبل الباء مع مراعاة الغنة.
حرفه: الباء
كيفيته: عند ورود نون ساكنة أو تنوين وبعد هما باء، سواء في كلمة واحدة أوكلمتين، تقرأ النون ميماً، يبقى صوت الغنة على الميم مقدار حركتين.
مثاله:
1. { من بعد } تقرأ : " مِمْبَعد ". 2. { بسلطان مبين }: تقرأ: " بسلطنمبين ". 3. { سميعٌ بصير }: تقرأ: " سميعمبصير ". 4. { سحر مبين }: " تقرأ: " سحرمبين ". 5. { لينبذن }: تقرأ: " ليمبَذنّ ". 6. { أنبآء }: تقرأ: " أمباء ".
4- الإخفاء: هو حالة بين الإظهار و الإدغام عار عن التشديد مع بقاء الغنة في الحرف الأول.
حروفه: سائر حروف الهجاء عدا حروف الإظهار، والإدغام، وحرف الإقلاب وهي مجموعة في أوائل البيت التالي: صِفْ ذَا ثَنَاكَمْ جَاء شخصٌ قد سَمَا دمٌ طيباً زدْ في تقىً ضعْ ظالماً.
كيفيته: عند ورود حرف الإخفاء بعد النون الساكنة أو التنوين تلفظ النون مسموعة من الأنف ولا تشدد، ولا يشدد حرف الإخفاء الذي يليها . ويكون الإخفاء في كلمة أو كلمتين مثاله:
1. ص: { انْصُرْنا }، { ولمن صَبَرَ }، { بريح صَرْصَر }، { ونخيلٌ صِنوان }. 2. ذ: { منذ }، { من ذا }، { وكيلاً ذريةً }، { ظل ذي }. 3. ث: { الأنثى }، { أن ثبتناك }، { شهيداً ثم }، { نطفةٍ ثم }. 4. ك: { فانكحوا }، { وإنْ كانت }، { علواً كبيراً }، { شيءٍ كذلك }. 5. ج: { أنجيناه }، { من جاء }، { رُطباً جنياً }، { فصبرٌ جميل }. 6. ش: { أنشره }، { ممن شهد }، { جباراً شقياً }، { ركنٍ شديد }. 7. ق: { تنقمون }، { من قبل }، { رزقاً قالوا }، { عذابٌ قريب }. 8. س: { الإنسان }، { ولئن سألتهم }، { قولاً سديداً }، { فوجٌ سألهم }. 9. د: { أنداداً }، { وما من دابة }، { كأساً دهاقاً }، { يومئذ دُبُره }. 10.ط: {انطلقوا}، {من طبيات}، {حلالاً طيباً}، {كلمة طيبة}. 11.ز: {أنزل}، {فإن زللتم}، {نفساً زكية}، {يومئذ رزقاً}. 12.ف: {ينفقون}، {فان فاؤوا}، {عاقراً فهب}، {لاتيةٌ فاصفح}. 13.ت: {أنت}، {وان تصبروا}، {حلية تلبسونها}، {يومئذ تُعرضون}. 14.ض: {منضود}، {ومن ضل}، {قوماً ضالين}، {قوةٍ ضعفاً}. 15.ظ: {انظروا}، {من ظهير}، {ظلاً ظليلاً}، {سحابٌ ظلمات}.
ملاحظتان:
1 -عند إجراء عملية الإخفاء نحاول أن نُخرج الإخفاء من مخرج الحرف الذييلي النون الساكنة أو التنوين. ومعرفة مخرج الحرف تكون بوضع الهمزة قبلهذا الحرف وتسكين الحرف. مثال: أصْ، أذْ، أثْ، أكْ، أجْ، أشْ ، أقْ ، أسْ، أدْ، أطْ، أزْ، أفْ، أتْ، أضْ، أظْ.
2- يأخذ الإخفاء صفة الحرف الذي يلي النون الساكنة، يعني هذا أن الإخفاءيكون مفخما إذا كان الحرف الذي يلي النون الساكنة أو التنوين مفخماً.مثاله: { من طيبات }. وإذا كان الحرف الذي يلي النون الساكنة أو التنوين مرققاً، فعندئذ يكون الإخفاء مرققا. مثاله: { من ذا الذي }.
د- أحكام الميم الساكنة. 1- الإخفاء الشفوي: هو أن تأتي الميم الساكنة في آخر الكلمة، ويأتي بعدهاحرف الباء، فعندئذ تخفى الميم الساكنة بالباء مع بقاء الغنة. ومثاله: {وهمْ بالآخرة }، { ترميهمْ بحجارة }، { أنتمْ به }. 2-الإدغام الشفوي: هو أن تأتي آخر الكلمة ميم ساكنة وتأتي بعدها ميمامتحركة، فعندئذ تدغم الميم الساكنة بالمتحركة لتصبحا ميما واحدة مشددةتظهر عليها الغنة. ومثاله: { في قلوبهم مرض } تقرأ: " في قلوبهمّرض.". { جاءكم من }، تقرأ: " جاءكمِّن" .. { أزواجهم مثل } تقرأ: " أزواجهمّثل." 3-الإظهار الشفوي: هو أن يأتي بعد حرف الميم الساكنة حروف الهجاء ما عداالباء والميم في كلمة واحدة أو في كلمتين. ويكون أشد إظهاراً بعد الواو أوالفاء، لاتحاد مخرج الميم مع الواو، وقرب مخرجها مع الفاء. مثاله: { ذلكم خير لكم }، { وإن كنتم على }، { ولكم فيها }، { عليهم ولا الضالين }، { عليهم فيها }، { ذلكم حكم }.
هـ- الإدغام.
1-إدغام المتماثلين: إذا التقى حرفان متماثلان أولهما ساكن والثاني متحرك أدغم الأول في الثاني. مثاله: { ما لكم من }، { من نزّل }، { بل لا }، { ما كانت تعبد }، { اضرب بعصاك }. { اذهب بكتابي }، { يدرككم }، { إذْ ذَهَبَ }.
ملاحظات: 1-يجوز الإدغام والإظهار مع السكت. والإظهار أرجح في قوله: { مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَه * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَه } [الحاقة: 28-29] فتقرأ على الإدغام " ما لِيهّلَكَ " أو تظهر { ماليهْ * هلك } ويوقف على الهاء الأولى وقفة خفيفة من غير قطع نفس. 2-إذا كان الحرف الأول واواً أو ياءً وبعدهما مثلهما متحركان فلا إدغام فيهما. مثاله: { آمنوا وعملوا }، { الذي يوسوس }. 3-وأما إذا كان الأول حرف لين، فيدغم في المماثل. مثاله: { والذين آووا ونصروا } فتقرأ: "آوَوّ نصروا".
2- إدغام المتجانسين: ويكون عندما يتفق الحرفان مخرجا (المخرج : هو محلخروج الحرف عند النطق به .)، ويختلفان صفة، ويكون في الأحرف التالية: أ- التاء الساكنة: تدغم التاء الساكنة- بلا غنة- في موضعين: إذا جاء بعدها دال أو طاء.
1. ت+ د { أثقلت دعوا } تقرأ: " أثقلَدَّعَوا." { أجيبتْ دعوتكما } تقرأ: " أُجيبَدَّعوتكما" 2. ت+ ط: { همت طائفتان } تقرأ: هَمّطَّائفتان". { قالت طائفة } تقرأ: قالَطَّائفة".
ب- الدال الساكنة: تدغم الدال الساكنة -بلا غنة - إذا جاء بعدها تاء. ومثاله:
1- د+ ت: { قدْ تَبَين } تقرأ: " قَتَّبين" . و{ ومَهّدْتُ } تقرأ: " ومَهّتّ. { لقد كِدْت } تقرأ: " لقدْكِتَّ "
جـ- الباء الساكنة: تدغم الباء الساكنة في الميم بعدها مع مراعاة الغنة في مكان واحد في القرآن هو: { يا بني اركبْ معنا } [ هو: 42 ] تقرأ: " اركمّعنا ".
د- الذال الساكنة: تدغم الذال الساكنة - بلا غنة - إذا جاء بعدها حرف الظاء. ومثاله:
1- ذ + ظ: { إذ ظلمتم } تقرأ " إظَّلَمْتم ".
هـ - الثاء الساكنة: تدغم الثاء الساكنة - بلا غنة - إذا جاء بعدها حرف الذال. ومثاله:
ث + ذ: { يلهثْ ذلك } تقرأ: " يلهّذَّلك ".
و- الطاء الساكنة: تدغم الطاء الساكنة - بلا غنة - إذا جاء بعدها تاء. ومثاله:
ط+ ت: { أحطّت } تقرأ: " أحَتُّ ". { بسطت }. تقرأ: " بسَتّ " { فرطتم } تقرأ: " فرَتّم ". ملاحظة: تبقى في هذه الحالة صفة التفخيم للطاء المدغمة ومن أجل ذلك يسمى إدغاماً ناقصاً.
3- إدغام المتقاربين: إذا تقارب الحرفان مخرجاً وصفة، وكان الأول منهما ساكناً، وجب إدغامه في الثاني - بلا غنة - وذلك في حالتين:
1. اللام في الراء: مثل: { قلْ رب } تقرأ: " قُرَّب " 2. القاف مع الكاف: مثل: { المْ نخلقْكُم } تقرأ: " نَخْلُكّمْ ". يجوز في هذه الحالة إبقاء صفة تفخيم القاف فيكون الإدغام ناقصاً أو حذف هذه الصفة ويكون الإدغام كاملاً. وتظهر جميع الأحرف الساكنة التي لم ترد لها أحكام خاصة عند بعضها البعض، وينبغي الانتباه إلى إظهار ما يلي: 1. الضاد الساكنة عند الطاء في نحو: { فمن اضطر }. 2. الضاد الساكنة عند التاء في نحو: { فإذا أفضتم }. 3. الظاء الساكنة عند التاء في نحو: { سواءٌ علينا أوَعظت }. 4. الدال الساكنة عند الكاف، نحو: { لقدْ كدت }.
حكم لام التعريف: للام التعريف الداخلة على الأسماء حكمان أولهما وجبالإظهار قبل الأحرف القمرية المجموعة في قولهم: "ابغِ حجك وخف عقيمه"والثاني وجوب الإدغام قبل الأحرف الشمسية والتي هي في أوائل كلمات هذاالبيت:
طب ثم صل رحماً تفز صف ذا نعم دع سوء ظن زر شريفاً للكرم
و- المدود المد: هو إطالة زمن جريان الصوت بحرف المد. وحروف المد ثلاثة: الألف الساكنة المفتوح ما قبلها:َ ا. الواو الساكنة المضموم ما قبلها: ُ و. الياء الساكنة المكسور ما قبلها: ِ ي. وهذه الحروف الثلاثة متضمنة في كلمة واحدة هي: نوحيها.
أ - أقسام المد:
1- المد الطبيعي أو الأصلي: هو ما لا تقوم ذات الحرف إلا به، ولا يتوقف على سبب همز
بعده أو سكون، مثاله: نوحيها. ومقدار مده حركتان، ولا يجوز الزيادة أو النقصان عن الحركتين.
2- المد الفرعي: هو ما زاد على المد الأصلي، ويكون بسبب اجتماع حرف المد بهمز بعده أو سكون.
فالهمز والسكون سببان للمد الفرعي، فعليه يكون المد الفرعي نوعان: مد بسبب الهمز، ومد بسبب السكون. 1- المد بسبب الهمز:
أ- إن كان الهمز قبل حرف المد فيسمى مد البدل: وسمي بدلاً لأن حرف المد فيه بُدل من الهمزة الساكنة. مثاله: { ءامنوا }، { أيماناً }، { أُوتوا }. ب- إن كان الهمز بعد حرف المد: فهو نوعان:
المد المتصل: هو أن يأتي حرف المد والهمز بعده في كلمة واحدة ويسمى المد الواجب المتصل. ويمد خمس حركات.
مثاله: { إذا جآءَ نصر الله والفتح }، { وأحاطت به خطيئته }، { سُوءَ العذاب }.
المد المنفصل: هو أن يأتي حرف المد في آخر كلمة، والهمز بعده في كلمة أخرىتليها، ويسمى المد الجائز. ويمد خمس حركات، ونستطيع أن نقصره إلى حركتين.
مثاله: { يا أيها }، { الذي أنزل }، { توبوآ إلى الله }. ملاحظة: يمنع مد الألف في كلمة ( أنا ) حيثما وجد إلا في حالة الوقف، نحو: { قال أنا أحي وأميت }، { وأنا أعلم }.
2- المد بسبب السكون: وهو نوعان:
أ- سكون عارض: وهو أن يكون الحرف قبل الأخير من الكلمة حرف مد، والحرفالأخير متحرك، فإن درجنا الكلام ووصلنا الكلمة بما بعدها كان المدطبيعياً، وإن وقفنا على الحرف الأخير بالسكون صار المد الذي قبل الحرفالأخير مداً بسبب السكون العارض ويسمى: مداً عارضاً للسكون. يمد ست حركات،أو أربع، أو حركتان . مثاله: { إن الله شديد العقاب }، { قد أفلح المؤمنون }. { الحمد لله رب العالمين }.
ب- سكون لازم: وهو أن يأتي بعد الحرف المد سكون لازم وصلاً ووقفاً في كلمة واحدة، ومقدار مده ست حركات. وهو نوعان:
1- كلمي: وهو أن يأتي بعد حرف المد حرف ساكن في كلمة، فإن أدغم (أي كان الحرف الذي بعد المد مشدداً) فيسمى مثقلاً. نحو: { ولا الضآلّين }، { الحآقّة }، { دابّة}. ويلحق به مد الفرق، وهو عندما تدخل همزة الاستفهام على اسم معرف ب :"ال" التعريف، تبدل ألف "ال" التعريف، ألفاً مدية ليفرق بين الاستفهاموالخبر. ومثاله: { آلذَّكرين }، { قل ءآللهُ أذِنَ لكم }، { ءآللهُ خيرٌ أمّا تشركون } وإن لم يدغم (أي إن كان الحرف الذي بعد المد ساكناً غير مشدَّد) فيسمى مخففاً. ومثاله: { آلآن وقد }. 2-الحرفي: يوجد في فواتح بعض السور، في الحرف الذي هجاؤه ثلاث أحرف أوسطهاحرف مد والثالث ساكن. وحروفه مجموعة في: {بل كم نَقص} فإن أدغم سميمثقلاً. مثاله: { آلم }، { المر }، { طسم }. وإن لم يدغم سمي مخففاً. مثاله: { ن والقلم }، { ق والقرآن }، { المص }.
ملاحظة: حرف العين في فواتح السور يجوز أن يمد ست حركات، ويجوز أن يمد أربع حركات لأن الياء فيه ليست مدية بل هي حرف لين.
ب- لواحق المد
1. مد العِوض: ويكون عند الوقف على التنوين المنصوب في آخر الكلمة، فيقرأألفاً عوضاً عن التنوين، ويمد مقدار حركتين، وإذا لم يوقف عليه فلا يمد.ومثاله: { أجراً عظيماً }، { عفواً غفوراً }، { إلا قليلاً }. ويشترط في هذا المد أن يكون الحرف المنوّن غير التاء المربوطة والألف المقصورة. 2. مد التمكين: هو ياءان أولاهما مشددة مكسورة والثانية ساكنة، وسمي مدتمكين لأنه يخرج متمكناً بسبب الشدة، ويمد مقدار حركتين. ومثاله: { حُييتم }، { النبيين }. 3. مد اللين: وهو مد حرفي المد: الياء والواو الساكنتان، المفتوح ماقبلها، والساكن ما بعدها سكوناً عارضاً في حالة الوقف. ويمد حركتين أوأربع، أو ست. ومثاله: { قريش } ، { عليه }، { البيت }، { خوف }. 4. مد الصلة وينقسم إلى كبرى وصغرى: * مد الصلة الكبرى وهو مد هاء الضمير الغائب المفرد المذكر مضمومة أومكسوره الواقعة بين متحركين (أي أن الحرف الذي قبلها من نفس الكلمة كانمتحركاً والحرف الذي بعدها من الكلمة التي تليها كان متحركاً أيضاً) تشبعضمه الهاء ليتولد عنها واو مدية أو تشبع كسرة الهاء ليتولد عنها ياء مدية،وتمد خمس حركات، ونستطيع أن نقصرها إلى حركتين كالمنفصل، وذلك إذا جاءبعدها همز. ومثاله: { وهو يحاوره أنا }، { وله أجر }، { به أحداً }. * مد الصلة الصغرى: وهو مد هاء الضمير الغائب المفرد المذكر… وتمد مقدار حركتين إن لم يأتي بعدها همز. ومثاله: { أعّذبه عذاباً }، { قلته فقد علمته }، { بكلمته ويقطع }. ويستثنى منه فلا يمد: { يرضه لكم } [الزمر: 7].
ملاحظة: تقرأ: { فيه مهانا } [الفرقان: 69]بمد صلة على خلاف القياس مع أنها لم تقع بين متحركتين.
تنبيه: إذا اجتمع مدان من جنس واحد حالة القراءة وجب التسوية بينهما.
كان يجتمع المنفصل مع مثله أو مع مد الصلة الكبرى أما المد العارض للسكونأو اللين فلا تجب التسوية لا في العارض مع مثله ولا في اللين مع مثله ولاعند اجتماع العارض واللين. ومثاله: 1. قوله تعالى: { من السمآء مآء }. 2. قوله تعالى: { فقالوا أبشراً منا واحداً نتبعُه إنآ إذا }. ملاحظات عامة: 1. أقوى المدود: اللازم، فالمتصل، فالعارض للسكون، فالمنفصل، فالبدل. 2. إذا اجتمع سببان من أسباب المد قوى وضعيف، عمل بالقوى، نحو: { ولا آمّين }: مد بدل ومد لازم، فيعمل باللازم. ونحو: { وجاءوا أباهم }: بدل ومنفصل، فيعمل بالمنفصل. 3. إذا وقع حرف المد في آخر الكلمة وأتى بعده حرف ساكن حذف حرف المد في الوصل نحو: { وقالوا اتخذ }، { لصالوا الجحيم }، { حاضري المسجد الحرام }.
ز- أحكام الراء:
ينبغي الاحتراز عن التكرير في لفظ الراء . وكيفية الاحتراز عن التكرير بأنتلصق ظهر اللسان بأعلى الحنك لصقاً محكماً وتلفظ الراء مرة واحدة. فللراءعند اللفظ بها إحدى حالتين: الترقيق والتفخيم:
التفخيم: هو سِمَن يدخل على صوت الحرف حتى يمتلىء الفم بصداه
حروفه: (خُصّ ضَغْطٍ قِظْ) وتسمى أيضاً حروف الاستعلاء. تفخم الراء في الحالات التالية: 1. إذا كانت مفتوحة أو مضمومة نحو: {رَبّنا}، {رُزقنا}. 2. إذا كانت ساكنة وقبلها فتح أو ضم (ولا عبرة للسكون الفاصل ) نحو: { خردل }، { القّدْر }، { الأمُورْ }. 3. إذا كانت ساكنة وقبلها كسر عارض نحو:{ ارْجِعوا إلى أبيكم }، { أمْ أرْتابوا }، { لِمَنْ ارتضى }. 4. إذا كانت ساكنة وقبلها كسر أصلي وبعدها حرف استعلاء غير مكسور في كلمة واحدة نحو: { مِرْصادا }، { قِرْطاس }، { فِرْقة }.
الترقيق: هو النطق بالحرف نحيفاً غير ممتلىء الفم بصداه.
حروفه: كل حروف الهجاء ما عدا حروف الاستعلاء، وتسمى حروفه أيضاً حروف الاستفال.
ترقق الراء في الحالات التالية: 1. إذا كانت مكسورة نحو { رِزقاً }. 2. إذا كانت ساكنة وقبلها ياء ساكنة نحو: { خيْر }، { قديْر }. 3. إذا كانت ساكنة وقبلها كسر (ولا عبرة للسكون الفاصل) وليس بعدها حرف استعلاء غير مكسور نحو: { أنِذرهم }، { فِرْعون }، { مِريْة }، { السِّحْر }.
جواز الترقيق والتفخيم .
1. إذا سكنت الراء في آخر الكلمة وكان الساكن الفاصل بينهما وبين الكسر حرف مفخّم ساكن مثل { مِصْر } { قِطْر }. 2. إذا كانت الراء ساكنة وقبلها كسر أصلي وبعدها حرف استعلاء مكسور ففيها الوجهان مثل { فِرْقٍ }. 3. في حالة الوقف على هذه الكلمات: { فأسْرِ }، { أن أسرِ } حيثما وردت في القرآن. وكلمة { يَسْر }. وكلمة { وَنُذْر }.
ملاحظة: حروف الاستعلاء من حيث قوة التفخيم على الترتيب التالي: الطاء ، فالضاد،فالصاد، فالظاء، فالقاف، فالغين، وفالخاء. وأقوى تفخيماً إذا كان حرفالاستعلاء مفتوحاً، بعده ألف نحو: {طائفة} ثم المفتوح وليس بعده ألف نحو:{ طَبَعَ }، ثم المضموم نحو: { طُوبَا }، ثم المكسور نحو: { طِبتُم }.
حـ - صفات الحروف:
تعريف الصفة: ما قام بالحرف من صفات تميزه عن غيره كالجهر والشدة، وغير ذلك من الصفات اللازمة. وتنقسم إلى قسمين:
الأول: الصفات التي لا ضد لها:
1- الصفير: وهو صوت زائد يصاحب أحرفه الثلاثة، وسميت بالصفير لأنك تسمع لها صوتاً يشبه صفير الطائر. وحروفه ثلاثة: (ص، س، ز).
2- القلقلة: وهو اضطراب المخرج عند النطق بالحرف ساكناً حتى يسمع له نبرةقوية، والسبب في هذا الاضطراب والتحريك شدة حروفها لما فيها من جهر وشدة،وحروفها: (قُطُبُ جَدٍ).
وأعلى مراتب القلقة الطاء، وأوسطها الجيم، وأدناها الباقي. ويجب بيانها فيحالة الوقوف أكثر، وخاصة حالة الوقف على الحرف المشدد، نحو: { بالحقِّ }.
أمثلة:
{مريجْ} {يَجْعلون} {بعيدْ} {يَدْعون} {واقْ} {يَقْطعون} {محيطْ} {يَطْمعون} {عذابْ} {لَتُبلون}
3- اللين: وهو إخراج الحرف في لين وعدم كلفة على اللسان نحو: {البيت}، {خوف}. وحروفه الواو والياء المفتوح ما قبلهما.
4- الانحراف: وهو ميلان الحرف في مخرجه حتى يتصل بمخرج غيره، فميلان اللاميكون من طرف اللسان وميلان الراء يكون من ظهره وحروفه: اللام والراء.
5- التكرير: هو ارتعاد رأس اللسان عند النطق بالحرف، وتوصف الراء بالتكريرلقابليتها له إذا كانت مشددة، ثم إن كانت ساكنة. وحرف التكرار هو الراء. وينبغي تجنب تكرير الراء، بأن يلصق لافظها ظهر اللسان بأعلى الحنك لصقاً محكماً، بحبث تخرج الراء مرة واحدة ولا يرتعد اللسان بها.
6- التفشي: حرفه الوحيد هو الشين.
ومعنى التفشي: انتشار خروج النفس بين اللسان والحنك وانبساطه في الخروجعند النطق بالحرف. ووصفت الشين بهذه الصفة لأنها تنبث وتنتشر في الفم عندالنطق بها لرخاوتها.
7- الاستطالة: حرفها الوحيد هو الضاد.
معنى الاستطالة: امتداد الصوت من أول حافة اللسان إلى آخرها. وعند نطق "ا ض" ينطق اللسان على سقف الحنك تدريجياً من الأمام إلى الخلف،ويتخامد الصوت ويبقى جريانه يسمع متضائلاً مدة أقل من الحركتين بقليل،ويخرج من إحدى حافتي اللسان أو من كلتيهما معاً.
الثاني: الصفات التي لها ضد:
1- الهمس والجهر:
حروف الهمس عشر تجمعها جملة: فحثَّه شخص سكت. وحروف الجهر: باقي الحروف يجمعها: عَظُمَ وَزْن قارىء ذي غضّ جِدّ طَلَب. معنى الهمس: جريان النّفَس عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على المخرج. معنى الجهر: انحباس جريان النّفَس عند النطق بالحرف لقوة الاعتماد على المخرج.
2-الشدة والرخاوة:
حروف الشدة: ثمانية تجمعها: أجِدْ قَطٍ بَكَتْ. حروف التوسط بين الشدة والرخاوة خمسة يجمعها قولهم: لِنْ عُمر، حروفالرخاوة : باقي الحروف وهي : ح، خ، ذ، ز، ث، س، ش، ا، ص، ض، و، غ، ف، هـ،ي. ومعنى الشدة: انحباس جري الصوت عند النطق بالحرف. ومعنى الرخاوة: جريان الصوت مع الحرف. أما التوسط فلا ينحبس الصوت عند النطق بأحد حروفه كانحباسه في أحرف الشدة ولا هو يجري كجريانه مع أحرف الرخاوة. إذا انحصر صوت الحرف في مخرجه انحصاراً تاماً، فلا يجري جرياناً أصلاً ،سمي شديداً ، فإنك لو وقفت على قولك: " الحج" وجدت صوتك راكداً محصوراً.حتى لو أردت مد صوتك لم يمكنك. وأما إذا جرى جرياناً تاماً ولم ينحصر أصلاً، فإنه يسمى رخواً كما في "الطش". فإنك لو وقفت عليها وجدت صوت الشين جارياً تمده إن شئت. وأما إذا لم يتم الانحصار ولا الجري فيكون متوسطاً بين الشدة والرخاوة كمافي " الظل" فإنك لو وقفت عليه وجدت الصوت لا يجري مثل جري " الطش " ولاينحصر مثل انحصار " الحج" بل يخرج على حد الاعتدال بينهما.
3- الاستعلاء والاستفال:
حروف الاسعلاء سبعة، يجمعها قولهم: خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ. حروف الاستفال باقي الحروف، يجمعها قولهم: ثَبَتَ عِزّ مّنْ يُجَوّدْ حَرْفَهُ إذ سَلَّ شَكا. معنى الاستعلاء: ارتفاع اللسان عند النطق بالحرف إلى الحنك الأعلى. معنى الاستفال: انحطاط اللسان عند خروج الحرف إلى قاع الفم.
4- الإطباق والانفتاح:
حروف الإطباق: ص، ض، ط، ظ. حرف الانفتاح: باقي الحروف. معنى الإطباق: هو إلصاق اللسان بالحنك الأعلى عند النطق بالحرف. معنى الانفتاح: هو افتراق اللسان عن الحنك الأعلى، وعدم التصاقه به حال النطق بالحرف.
5-الإذلاق والإصمات:
حروف الإذلاق: ستة مجموعة في قولهم: فر من لب. حروف الإصمات: باقي حروف الهجاء. وسميت حروف الذلاقة لسرعة النطق بها وخروجها من طرف اللسان. وسميت حروف الإصمات بهذا لامتناع انفراد هذه الحروف أصولاً في الكلماتالرباعية أو الخماسية، فلا بد من وجود حرف أو أكثر من حروف الإذلاق فيالكلمات الرباعية أو الخماسية، فإن أنت لم تجد في كلمة رباعية الأصل أوخماسية حرف إذلاق فاحكم بأنها كلمة غير عربية.
ملاحظة: الصفات المتقدمة منها قوي ومنها ضعيف.
1-الصفات القوية: وهي: الجهر، والشدة، والاستعلاء، والاطباق، والاصمات،والصفير ، والقلقلة، والتكرير، والانحراف، والتفشي، والاستطالة.
2-الصفات الضعيفة: وهي: الهمس، والرخاوة، والاستفال،والانفتاح ،والاذلاق، واللين.
ط-أحكام متفرقة:
1-الروم: هو إضعاف الصوت بالحركة ( الضمة أو الكسرة) حتى يذهب معظم صوتها،فيسمع لها صوت خفي يسمعه القريب المصغي دون البعيد، لأنها غير تامة.
2-الاشمام: هو ضم الشفتين بُعَيْدَ الإسكان إشارة إلى الضم مع بعض انفراجبينهما ليخرج منه النفس، ولا يدرك لغير البصير. لأنه يسمع ولا يرى.
وتشم النون في قوله تعالى: { يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ } [يوسف: 11] إشعارا بحذف حركة النون الأولى: تأمننا.
3- السّكتات:
السكت هو قطع الصوت عند القراءة بدون تنفس مقدار حركتين. يجب السكت في أربعة مواضع على قراءة حفص:
1. قوله تعالى: { وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا * قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأْسًا…} [الكهف: 1-2]. 2. قوله تعالى: { قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ } [يس: 52]. 3. قوله تعالى: { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } [القيامة :27]. 4. قوله تعالى: { كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [المطففين: 14]. 5. وجاز في { ما أغنى عني ماليه * هلك } الوجهان السكت والإدغام.
عن موقع الدكتور خالد العبيدي
| |
| | | اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: رد: المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم الخميس أكتوبر 21, 2010 7:46 am | |
| المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء الثاني عشر
إعجاز القرآن
أ-الإعجاز: الإعجاز: إثبات العجز، والعجز: ضد القدرة، وهو القصور عن فعل الشيء.
ب-تعريف المعجزة: هي أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة. يظهر على يد مدعي النبوة موافقاً لدعواه.
ج-شروط المعجزة.
1- أن تكون المعجزة خارقة للعادة غير ما اعتاد عليه الناس من سنن الكون والظواهر الطبيعية. 2-أن تكون المعجزة مقرونة بالتحدي للمكذبين أو الشاكين. 3-أن تكون المعجزة سالمة عن المعارضة، فمتى أمكن أن يعارض هذا الأمر ويأتي بمثله، بطل أن تكون معجزة.
د-الفرق بين المعجزة والكرامة والسحر: قد يكرم الله تعالى بعضأوليائه من المتقين الأبرار بأمر خارق يجريه له، ويسمى ذلك: الكرامة. وثمةفرق شاسع بين المعجزة والكرامة ، لأن الكرامة لا يدعي صاحبها النبوة،وإنما تظهر على يده لصدقه في إتباع النبي. لأن هؤلاء الأبرار ما كانت تقعلهم هذه الخوارق لولا اعتصامهم بالاتباع الحق للنبي صلى الله عليه وسلم.وهذا يبين لنا أن شرط الكرامة للولي صدق الاتباع للنبي صلى الله عليهوسلم، لكن ليس من شرطه العصمة ، فان الولي قد يقع في المعصية، أماالأنبياء فقد عصمهم الله تعالى. أما السحر فهو أبعد شيء عن المعجزة أو الكرامة، وان كان قد يقع فيه غرابةوعجائب، لكنه يفترق عن المعجزة والكرامة من أوجه كثيرة تظهر في شخص الساحروفي عمل السحر. فمما يفترق به الساحر عن الولي:
1- ركوب متن الفسق والعصيان. 2-الطاعة للشيطان. 3- التقرب إلى الشياطين بالكفر والجناية والمعاصي. 4-الساحر أكذب الناس وأشدهم شراً.
وأما عمل السحر فقد يكون مستغربا طريفا، لكنه لا يخرج عن طاقة الإنس والجنوالحيوان، كالطيران في الهواء مثلا، بل هو أمر مقدور عليه لأنه يترتب علىأسباب إذا عرفها أحد وتعاطاها صنع مثلها أو أقوى منها. لذلك ما أن نواجه السحر بالحقيقة حتى يذهب سدى، { وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } [طه: 69]. ومن هنا خضع السحرة لسيدنا موسى عليه السلام، لأنهم وهم أعرف الناسبالسحر، كانوا أكثر الناس يقينا بحقية معجزته، وصدق نبوته، فما وسعهم أمامجلال المعجزة الإلهية إلا أن خروا سجدا وقالوا: { آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى } [ طه: 70]. هـ- تنوع المعجزة وحكمته:
تنقسم المعجزة إلى قسمين:
القسم الأول المعجزات الحسية: مثل: معجزة الإسراء والمعراج ، وإنشقاقالقمر، ونبع الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، تكثير الطعامالقليل…
القسم الثاني: المعجزات العقلية: مثل الإخبار عن المغيَّبات، والقرآنالكريم. وقد جرت سنة الله تعالى كما قضت حكمته أن يجعل معجزة كل نبيمشاكلة لما يتقن قومه ويتفوقون فيه. ولما كان الغرب قوم بيان ولسانوبلاغة، كانت معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الكبرى هي: القرآن الكريم.
و- تحدي القرآن للعرب وبيان عجزهم.
1. لقد تحدى الله العرب -وهم أهل الفصاحة- بل العالم بالقرآن كله على رؤوس الأشهاد في كل جيل بأن يأتوا بمثله، فقال تعالى: { أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ } [الطور: 33-34]. وقال تعالى: { قُلْلَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْلِبَعْضٍ ظَهِيرًا } [الإسراء: 88]. فعجزوا عن الإتيان بمثله. 2. ولما كبلهم العجز عن هذا، فلم يفعلوا ما تحداهم، فجاءهم بتخفيف التحدي، فتحداهم بعشر سور، فقال تعالى: { أَمْيَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِمُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْكُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُواأَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَهَلْأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [هود: 13-14]. 3. ثم أرخى لهم حبل التحدي ، ووسع لهم غاية التوسعة فتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة، أي سورة ولو من قصار السور، فقال تعالى: { أَمْيَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْاسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [يونس: 38].
ولقد تكلمنا بإسهاب في موضوع الإعجاز وأصنافه وعلومه في مقالات أخرى.
المراجع والمصادر:
1. الإتقان في علوم القرآن-2 جزء-، الشيخ العلامة أبي الفضل جلال الدينعبد الرحمن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة 911 هـجرية رحمه الله تعالى، دارالكتب العلمية، ط/1، بيروت – لبنان، 1407هـ، 1987م. 2. الإشارات العلمية في القرآن الكريم بين الدراسة والتطبيق, أ.د. كارمالسيد غنيم, دار الفكر العربي, ط/1, القاهرة- مصر, 1415هـ-1995م، بتصرف. 3. إتقان البرهان في علوم القرآن. د . فضل حسن عباس ط: الأولى. مطبعة دار الفرقان بعمان. 4. الإعجاز العلمي في القرآن والسنة(تأريخه وضوابطه), عبد الله بن عبدالعزيز المصلح, ط /1, هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بمكة المكرمة,1417هـ. 5. البرهان في علوم القرآن –4 أجزاء-، الإمام العلامة بدر الدين محمد بنعبد الله الزركشي المتوفى سنة 794 هـجرية رحمه الله تعالى، تحقيق محمد أبوالفضل ابراهيم، دار الجيل، بيروت – لبنان، 1408هـ - 1988م. 6. القرآن منهل العلوم، الدكتور خالد فائق صديق العبيدي، ط/2، دار الكتب العلمية – بيروت. 7. مباحث في علوم القرآن. د . صبحي الصالح: ط : العاشرة . دار العلم للملايين. بيروت 8. مباحث في علوم القرآن. مناع القطان. ط : الحادية عشرة . مطبعة المدني بمصر. 9. علوم القرآن. منشورات جامعة القدس المفتوحة. ط : الأولى 1993 . 10. معجم تفاسير القرآن الكريم، ج/2.
عن موقع الدكتور خالد العبيدي | |
| | | | المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |