اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: قصص سورة الكهف- 2 - قصة صاحب الجنتين الخميس أكتوبر 28, 2010 9:54 pm | |
| قصص سورة الكهف- 2 - قصة صاحب الجنتين
بسم الله الرحمن الرحيم ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري ثانيا- - قصة صاحب الجنتين
وردت هذه القصة القرآنية ما بين الآيات 32- 44
ولكي نُسهل على القاريء الكريم فهم هذه القصة القرآنية فانني سألجأ الى تسميى الرجلين اللذين تناولتهما هذه القصة, ولنطلق على الرجل الصالح, صالح اسما , وعلى الآخر عبد الله اسماً.
كان صالح وعبد الله جارين متجاورين في المسكن والعمل, وكان صالحاً رجلاً فقيراً , شحيح الدخل, قليل المال, قانعاً بما قسمه الله عزوجل له من رزق,آمن بالله رباً الها واحدا لا شريك له. بينماعبد الله رزقه الله تعالى من حيث لا يحتسب, فكانت له دارا كبيرة مزودة بكلنفيس وغالٍ أطغوه عن طريق الحق حتى نسي ذكر الله عزوجل, بركونه الى الدنيا وايثارها على الآخرة , فانغمس في طريق الشيطان وعبد الأوثان والأصنام من دون الله.
وكان له أرضاً خصبةً خيّرةً, قد أودعَ الله عزوجل فيها ذروة العطاء, قسّمها الى حديقيتين يتدفق فيهما الماء الرقراق لتسقي وتغذي أصول أشجاهما من كل الثمرات التي رزقه الله عزوجل اياها, فما زادته الا طغياناً وكفراً بأنعم الله تعالى غروراً وتكبُراً على خلق الله تعالى.
ذات يومٍ وعند مدخل الحديقيتين كان عبد الله قد التقى بجاره صالح , فراح عبدالله يحادثه في أمر الكسب تارة متعالياً عليه, ثم يتطرّق الى أمر الاسلام ورسوله تارةً أخرى ساخراً هازئاً.
ثم نظرعبد الله الى من حولاه من الولد والخدم , ومدّ بصره الى حديقتيه وماتحملان من ثمار وزروعٍ وبهجة, فجاشت نفسه الشريرة بحبِّ الدنيا ونعيمهاوزخرفها وزينتها, ثم قال لصالح: ألا ترى بأمّعينيك يا صالح النعيم الذي اتمرغ به؟ ثمّ دعاه للدخول الى الحديقتين وقت الله: أنظر يا صالح الى هذه الأشجار والثمار التي لا أظنها أن تفنى , أو لازلتَ تظنُّ أنّ الساعة قائمة كما تدّعي, وعلى أية حال حتى لو جاءت على حدّزعمك ورُدّدت الى ربّي سأكون أوفر حظاً منك, فكل شيء من حولي يؤهلني لأكون كذلك.
فأجابه صالح بهدوء الواثق برحمة الله عزوجل: يا عبد الله ! اتق الله ولا تنسى أبداً ممَّ خُلقت؟ خلقت من ترابٍ ثمَّ من نطفةٍ كما خلق الله عزوجل السموات والأرض ومن فيهنّ, فأنت لست الا أحد مخلوقات مالك الملك الذي أحسن كل شيءٍ خلَقهُ , وخلق الانسان من طين,وتذكر بأنّ الله عزّ وجلّ هو من أنبت لك كل هذه الثمار , اما أنا فو اللهلا تغرني حياتك الدنيا التي تعيشها ولا أموالك وثمارك التي تتنعم بها,فمآلها الى الزوال كما نحن.
أحمده تعالى أن هداني الى سبيله سبيل الحق, فآمنت بالله رباً وبالاسلام ديناً وبمحمدِرسول الله صلى الله عليه نبيا ورسولا, فالقناعة يا عبد الله كنز لا يفنى,وكلنا في هذه الدنيا عابري سبيل, وما الدنيا التي نعيشها الا جسر نعبر منه على الآخرة, فلنتزوّد من ممَرِّنا لمقرِّنا وخير الزاد تقوى الله عزوجل.
فهزَّعبد الله رأسه شاخراً بما يقوله صالح, ثمّ شمخ بأنفه , وهمّ بالذهاب بعدموعظة صالح التي لم يقتنع بها, الا أنّ عبد الله استوقفه قائلا له: على رسلك يا عبد الله , لا تذهب قبل أن أُكملَ حديثي كما فسحت لك المجال لتكمل حديثك معي, انه من تمام الشكر للمنعم المتفضلُ سبحانه وتعالى أن تقول عند معاينة نعمة ما أنعم الله بها عليك: ما شاء الله, ذلك أنّ النعم لا تدومالا بشكر نعم الله عزوجل, وتذكر أنّ زرعك وأشجارك وثمارك هذه كلها هي منتوفيق الله عزوجل ومشيئته وحده من غير لا حولٍ منك ولا قوة, فان كنت تفخرعليّ بكثرة مالك وأولادك , فانما هذا استدؤاج من الله تعالى , ليختبرك انكنت ستشكر أم تكفر, فكفاك وهما وغروراً, فالله تعالى قادر على أن يزيل عنك كل هذه النعم بأمره الكائن ما بين الكاف والنون, وتذكر أنذ الذي اعطاك كل هذه النعم قادرٌ على أن يسابها منك بلمح البصر, وقادر على أن يُعطيَني خيراً ممّا أنت فيه , فاتق الله ولا تكفر, اسمه نصيحتي وعد الى الله عزوجل تائبا, ثم غادره وانصرف. وقد عبّر القرآن الكريم عن هذا بقوله تعالى: وَٱضرب لَهُم مثلا رجلين جعلنا لأحَدِهِمَا جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنابينهما زرعا * كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا, وفجّرنا خلالهمانهرا * وَكَانَ لَهُ ۥ ثَمَرٌ۬ فَقَالَ لِصَـٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥۤ أَنَا۟ أَكۡثَرُ مِنكَ مالاً وأعزُّ نفَرا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ ۥوَهُوَ ظَالِمٌ۬ لِّنَفۡسِهِۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هذه أبدا *وما أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قائمةً, ولئن رُدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّى لَأَجِدَنَّ خيراً منها منقلبا * قَالَ لَهُ ۥ صَاحِبُهُ ۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ۥۤأَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِى خَلَقَكَ مِن تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا* لكناهُوَ ٱللَّهُ رَبِّى ولا أُشركُ بربي أحدا* ولولا اذ جَنَّتَكَ قلت مَاشاء ٱللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بالله إِن تَرَنِ أنا أَقَلَّ مِنكَ مَالاًوَوَلدا * فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤتيَنِ خَيراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرسِلَ عَلَيها حُسبَانًا مِّنَ ٱلسَّمَاءِ فَتُصحَ صَعِيدًا زَلَقًا *أَويُصبِحَ مَاؤُهَا غَورًا فَلَن تَستَطِيعَ لَهُ ۥ طَلَبا
وماأن غادر صالح جاره عبد الله الذي لم ينصت لنصائح جاره حتى تلبدّت السماءبالغيوم السوداء, لتهبّ ريحٌ عاصف قلعت كل شجر من جذوره ثم تلقي به بعيداً, تبعتها هطول المطار الغزيرة التي أغرقت الأرض بالماء , نظر عبدالله الى البساتين من حوله ووقف مذهولا لما يرى, فقط بستانيه اللذين أُصيبا بالمطر والريح, بينما البساتين من حوله لم تمسسها قطرة ماء واحدةعلى الاطلاق, ودون أدنى شعور منه راح يركض هنا وهناك كالمعتوه الذي أصابته لوثة عصبيّة, ودموعه تنحدر على وجنتيه مدراراً على رزقه وأرضه التي غدت خاوية على عروشها , ثمّ وبعد أن هدأت العاصفة وتوقف هطول المطر كانت كل الأشجار قد تحولت الى حطب وعيدان متناثرة هنا وهناك, فوقف مبهوتا مذهولاثم قال: يا ليتني لم أشرك بري أحدا. في هذه الأثناء كان صالح قد مرّ بجاره عبد الله وكان قد حال تبدّل من حالٍ الى حال فقال: هل آمنت الآن يا عبد الله بأنّ الله حق؟ وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيها وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِها وَيَقُولُ يَـٰلَيتَنِى لَم أُشرِك بِرَبِّى أَحَدًا * وَلَم تَكُن لَّهُ ۥ فِئَةٌ۬ يَنصُرُونَهُ ۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا * هُنَالِكَ ٱلوَلَـٰيَةُ لِلَّهِ ٱلحَقِّ هُوَخَير ثَوَابًا وَخَيرٌ عُقبا
وبقوله تعالى نكون قد أتينا على مسك الختام والى أن نلتقي مع القصة الثالثة: موسى والعبد الصالح عليهما السلام, نترككم برهاية المولى عزوجل, نعم المولى ونعم النصير | |
|