اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: قصص سورة الكهف- 3 - قصة موسى والعبد الصالح عليهما السلام الجمعة أكتوبر 29, 2010 8:31 am | |
| قصص سورة الكهف- 3 - قصة موسى والعبد الصالح عليهما السلام بسم الله الرحمن الرحيم ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري وردت هذه القصة القرآنية ما بين الآيات الكريمات 60- 82
كان لنبيّ الله موسى عليه الصلاة والسلام أسلوباً مميزاً في الوعظ والارشاد وضرب الأمثال , ولأنه استحوذ على مشاعر الناس وعقولهم وجذبهم اليه فقدأنصتوا اليه وقد فُتنوا بعلمه الفيّاض
وذات يوم وقف عليه الصلاة والسلام خطيباً في بني اسرائل , يحضهم على الايمانب الله عزوجل , ويحثهم على طاعته , ويدعوهم الى التمسّك بشريعته سبحانه وتعالى
وما أن انتهى من حديثه اليهم حتى سأله بعضهم: من أعلم الناس يا موسى؟ فأجاب على الفور: أنا, دون أن يُعلق الأمر الى المشيئة الالهية
وكانت الأنا , هذه الكلمة سببا في عتاب الله عزوجل له عليها, اذ يجب علينا نحنك عباد لله أن نردّ كلّ أمرٍ اليه سبحانه وتعالى العالم بكل شيء
بعد ذلك أوحى الله عزوجل الى موسى عليه الصلاة والسلام أنّ عبداً من عبادي عند مجمع البحرين , قد آتيناه منا علماً واسعاً , وطلب منه عزوجل أن يقصده ويتعلم منه ما يجهله من العلم الفيّاض الذي وهبه الله تعالى له وخصّهُ به.
عندهااستشعر موسى عليه الصلاة والسلام بالخطأ الكبير الذي ارتكبه ندم على على ما فرّط في جنب الله, ثم عزم على لقاء هذا العبد الصالح استجابةً لأمرالله عزوجل , وتكفيراً لذنبه, واكتسابا للعلم والمعرفة
ولكي يستدل موسى عليه الصلاة والسلام على مكان لقاءه بالعبد الصالح سأل الله عزوجل أن يهديه الى علامة توصله اليه, فقيل له: احمل معك سمكة كبيرة, ضعهافي مكتل (قُفّة) وحيث تفقد السمكة تلتقي بالعبد الصالح
نفذ موسى أمر ربه عزوجل واصطحب معه ابن خالته يوشع بن نون عليهما الصلاةوالسلام كرفيقا وأنيساً له في رحلته الايمانية, وانطلق نحو مجمع البحرين الكائن عند الطرف الغربي الجنوبي من سيناء على أكثر أقوال أهل العلم
لم يكن الطريق مفروشا بالورد والرياحين كما نظن, بل كان طريقا صحراوياً وعراً شاقاً لا يخلو من كثبان الرمال المقرونة بحرارة الشمس الللاهبة
وتمتدالمسافات شاسعة فينال التعب من يوشع عليه الصلاة والسلام ويرهقه الجهدلدرجة أنه لم يعد يقوى على متابعة المسير, فذكر ما يعانيه لموسى عليه الصلاة والسلام, فاستشعر منه موسى عليه الصلاة والسلام أنه يطلب منه العودة أو صرف النظر عن متابعة السير والسعي, الا أنّ موسى عليه الصلاةوالسلام ما هو الا عبدٌ مأمورٌ برحلته هذه, ولا بدّ من بلوغ الهدف وتحقيقالغاية التي خرج لأجلها, فقال لفتاه: لن يصرفني عن بلوغ الهدف وتحقيق الغاية شيءٌ في الدنيا, ولا بدّ لنا من الوصول الى المكان المنشود ولقاءالعبد الصالح تنفيذا لأمر الله عزوجل, حتى وان اقتضى الأمر مني سنواتعديدة.
وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى
واذ قال موسى لفتاه لا أبرحُ حتى أبلغَ مجمعَ البحرينِ أو أمضيَ حُقُبا
وتابعا سيرهما حتى اذا أتيا على اذا أشرفا على الوصول الى المكان المنشود بدأت نسمات البحر الرطبة تهبُّ ناعمةً , فتخفف عن موسى وفتاه علهما الصلاةوالسلام من وطأة القيظ ولهيب الحرارة, وما أن وصلا مجمع البحرين جلسا ليستريحا قليلا, وما أن استظلا بصخرة كبيرة, حتى استسلم موسى عليه الصلاةوالسلام للقيلولة لكسر التعب الذي لقيه من سفره , على عكس يوشع عليه الصلاة والسلام الذي ما أن وصل الى الشاطىء حتى استعاد نشاطه, فجلس ينظرهنا وهناك يتأمل قدرة الله عزوجل في كل شيء من حوله, وفي غفلةٍ منه تقفزالسمة من المكتل ومع موجةٍ قادمة تسللت السمكة الى عرض البحروهو ينظراليها جفلاً في حيرة وعجب لم تمكنه في أن يفعل شيئا
وما أن افاق من قيلولته حتى كان قد استعاد نشاطه, عندها طلب من رفيق رحلته أنيتابعا سيرهما حتى يبلغا مقصدهما, فلبى يوشع طلب موسى عليهما الصلاةوالسلام دون أن يذكر له شيئا عما رأى من السمكة, وكيف قفزت ودخلت في البحر
ولما قطعا شوطاً كبيراً في المسير وجدا واحة خضراء فاستحسن موسى أن يجلسا تحتشجرة وارفة الظلال ليتناولا طعام الغداء, عندها تذكر يوشع عليه الصلاةوالسلام وتنبّه من ذهوله لتنزاح عن بصره وبصيرته غشاوة الشيطان الذي أنساهما كان من أمر السمكة , فقال لموسى عليه الصلاة والسلام: لقد تذكرت أناخبرك ما حدث, عندما كنا عند الصخرة, لقد قفزت السمكة وبفقدرة قادر عليممن المكتل بقدرة لتسلل مع الموج الى عرض البحر, ولا شكّ أنه الشيطان منأنساني أن أخبرك هذا
فالتمس موسى ليوشع عليهما الصلاة والسلام العذر وقال: لقد كان فقداننا للسمكة غاية مقصدنا,وآية وعدنا مع الرجل الصالح, هيّا بنا فلا بدّ لنا من العودة حيث كنا
وماأن بلغ موسى وفتاه عليهما الصلاة والسلام الصخرة حتى وجدا عندها رجلامهيباً يُضيُ وجهه اشراقاً , وتشعُّ عيناه بالتقوى, وتكسوه سيماء الصلاح,انه عبدٌ من عباد الله الصالحين ملأ الباري عزوجل قلبه رحمة , ومن لدنهُسبحانه وتعالى آاتاه علماً , وما أن رآه موسى عليه الصلاة والسلام حتىتاقت نفسه الى مصاحبته ومرافقته, ليتعلم منه ما يجهله, وليستزيد منالمعرفة الحقيقية, لذا نجد موسى يطلب من العبد الصالح عليهما السلام ذلك,فما كان منه الا أن قال : يا موسى! انّ مرافقتي ومصاحبتي للتعلم واكتسابالعلم تتكلب طاقةً كبيرةً من الصبر وهي فوق احتمالك وقدرتك ولن تستطيعها,اذ كيف ستصبر على أمور قد تدرك ظاهرها ولكنك لن تدرك حكمة خفاياها
لم يتقاعس موسى عليه الصلاة والسلام من اجابته بل ربط صبره على طلب العلم بمشيئة الله تعالى, ثم تعهد مشترطا على نفسه ألا يعصيه في أي أمرٍ يتلقاه منه مهما كان فيه من المشقة والغموض
روى ابن جرير رحمه الله من حديث ابن عباس رضي الله عنهما, أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: سأل موسى عليه السلام ربّه عزوجل فقال: أي ربّ ! أيُّ عبادك أحبُّ اليك؟ قال: الذي يذكرني ولا ينساني, قال: فأيُّ عبادك أقضى؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا يتبِّعُ الهوى, قال: أي ربّ أيُّ عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي علم الناس الى علمه عسى أن يصيب كلمة تهديه الى هدى أو تردُّهُ عن ردى, قال: أي ربّ ! هل في أرشك أحد أعلم مني؟ قال: نعم, قال: فمن هو؟ قال: الخضر, قال: وأين أطلبه؟ قال: على الساحل عند الصخرة التي ينفلت عندها الحوت, قال: فخرج موسى يطلبه حتى كان ما ذكر الله وانتهى موسى اليه عند الصخرة, فسلم كل منهما على صاحبه, فقال له موسى: اني أحب أن أصحبك, قال: انك لن تطيق صحبتي, قال: بلى, قال: فانّ صحبتي : فلا تسألني عن شيءٍ حتى أُحدِثَ لكَ منهُ ذكرا, قال: فسار به في البحر حتى انتهى الى مجمع البحرين, وليس في الارض مكان أكثر ماءٍ منه, قال: وبعث الله الخطاف (طيراً) , فجعل يستقي منه بمنقاره, فقال لموسى: كم ترى هذا الخطاف وزأ من هذا الماء؟ قال: ما أقلّ ما رزأ, قال: يا موسى! فانّ علمي وعلمك في علم الله كقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء, وكان موسى قد حدّث نفسه أنه ليس أحد أعلم منه أو تكلم به, فمن ثمّ أمر أن يأتي الخضر... وذكر تمام الحديث في خرق السفينة, وقتل الغلام, واصلاح الجدار, وتفسير ذلك
بعدما وافق موسى على شروط الخضر عليهما السلام انطلقا, وبينما موسى والخضر ويوشع بن نون عليهم السلام على الشاطىء , اذ مرّت بهم سفينة تمخر عباب البحر,فأشار الخضر عليه السلام لربانها, فمال اليهم وسألهم عن حاجتهم, فقال الخضر عليه السلام: نريدُ أن تنقلنا معك الى شاطىء البر الثاني, فرحّبَببهم ونقلهم دون أن يأخذ منهم أجرا , اذ كانت لهربان السفينة بالخضر عليه السلام سابق معرفة, وله به صلة, لهذا لم يأخذ منهم أجرا, وسارت السفينة تشق الماء , وبينما موسى والخضر عليهما السلام يتحادثان وهما جالسين عندأحد جوانبها, اذ شاهدا عصفوراً طائراً قد هوى على صفحة الماء, فنقر نقرةًثم وقف على حافة المركب, فقال له: يا موسى ! انّ علمي وعلمك ما هو الا كنقرة هذا الطائر من الماء الى جانب علم الله عزوجل
ولمااقترب الخضر وموسى عليهما السلام من مكان نزولهما , كانت السفينة قد دنت من الشاطىء لترسو, عندها عمد الخضر عليه السلام الى حديدة نزع فيها لوحا من ألواح السفينة فبدأ الماء يتدفق الى قلبها, لم يتمالك موسى عليه السلام نفسه حتى قال: كيف تفعل هذا وتلحق الضرر باناس أكرمونا وحملونا منغير أجر, انك لتأتي منكرا من الفعل, فالتفت اليه الخضر عليهما السلام ,وقال: لقدأخبرتك يا موسى من قبل وقلت لك بأنك لن تستطيع صبرا على ما سوفترى مني, ولكنك عاهدتني بأن ك ستكون أكثر صبرا, فأين وفاؤك؟
فاعتذرله موسى عليه السلام وقال: لا تؤاخذني بما نسيت, وارجو ألا تقرهقني بأمورمن العلم لا طاقة لي بها ولا قدرة لي عليها, فاحتملها الخضر عليه السلام,ثم نزلا عند الشاطىء, واتجها نحو قريةٍ ساحلية, ولما اقتربا منها وجدا مجمعة من الاولاد يلعبون ويمرحون, فاقترب الخضر عليه السلام من أحدهم وأمسكه ثم جذبه اليه جذبة قوية جعل كل الاولاد من حوله يفرون من أمامه, ثموضع الخضر عليه السلام كلتا يديه حول عنق الغلام وشدّ عليه بقوة حتى أرداه قتيلا, وعندما لم يطق موسى عليه السلام على جريمةٍ تُرتكبُ أما عينيه, قال محتداً غاضباً: كيف تقتل نفساً بريئة طاهرة بغير ذنب جنته؟ فنظراليه الخضر عليه السلام وقال: ما حيلتي معك وقد أعلمتك من قبل أنك لنتستطيع معي صبرا على ما ترى, فأطرق موسى عليه السلام قليلا ثم قال: لنأسألك بعد هذا عن شيءٍ أبداًو ولئن فعلت فلا تصاحبني, فقال له الخضر عليهالسلام: قد بلغت من لدني عذرا .. يا موسى
ومضواباتجاه القرية, وكان الجوع قد نال من ثلاثتهم عليهم السلام, فسأل الخضرعليه السلام بعض أهل بيوتات القرية عن طعامٍ يسدُون به رمقهم, الا أنه لميجد استجابة من أحد, فخرجوا منها ليقصدوا بستانا في احدى ضواحيها وقد وقعبعض حائطه, فراح الخضر عليه السلام يعيد الحجارة المتداعية الى مواضعها,ورصّها فوق بعضها حتى أكمل بناء الحائط وأقامه كان كان, فعل الخضر كل ذلك وموسى عليهما السلام في ذهول وعجب, ولم يستطع السكوت فقال: لو أردت لنلتعلى ما فعلت أجرا؟ وعندما لم يُطق موسى عليه السلام سكوتا وصبرا, وكذلك الخضر عليه السلام لم يستطع تحمُّل ظواهر علوم البشر, وسطحية تفكيرهم ومقاييس وموازين أعمالهم وتصرفاتهم , فقال لموسى عليهما السلام: يا موسى! هذا حدُّ المصاحبة, وهذ نهاية المرافقة, وليسلك كل منا طريقه وسبيله, ولن أتركك تمضي دون أن أخبرك بتأويل وتفسير ما لمتُطِق عليه صبرا, ولتعلم كم هي علوم الناس من الضآلة والضحالة الى جنب علمالله عزوجل الذي ليس له حد ولا نهاية
أما السفينة التي خرقتها فقد كانت لجماعة من الناس مساكين, وهي مصدر رزقهم وعاشهم,فأردتُ أن أحدث فيها عيبا وأفسد صلاحيتها للعمل حتى لا يأخذها منهم ملك البلاد الطاغية, انه يُصادر كل مركوب وراكب, ويستولي على أموال الناس ومتاعهم ظلما وغصبا وقهرا
وأما الغلام الذي قتلته فقد كان مولودا لأبوين مؤمنين صالحين , وكان ينتظر منه أن يرهقهما ويُشقيهما بكفره وانحرافه وسوء سلوكه, فأراد ربك سبحانه وتعالى أن يُعوَّضهما خيرا من هذا الولد بغلام آخر أكثر عطف عليهما ورحمة بهما وبرالهما.
وأما الجدارالذي بنيته , فقد كان ملكاً لولدين من أهل القرية, وكان تحت هذا الجداركنز لهذين اليتيمين, ولأنّ كان أبوهما رجلا صالحاً , لإاراد الله تعالى أن يشُبّا ويكبرا ثم يستخرجا هذا الكنز
وأخيرايا موسى: اريدك أن تعلم بأنّ كل تصرف تصرفته كان بأمر الله عزوجل وعلمه سبحانه وتعالى, وليس لي فيه يد الا التنفيذ, غفر الله لك يا أخي والسلام عليك
ثممضى الخضر عليه السلام في سبيله, وعاد موسى عليه السلام أدراجه من حيثأتى, وقد استفاد درساً عظيماً من مصاحبة هذا الخضر عليهم الصلاة والسلام
وصدق الله العظيم القائل وما أُتيتُم منَ العلمِ الا قليلاً | |
|