اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: سورة البقرة. 7. قصة تابوت بني اسرائيل الأربعاء أكتوبر 27, 2010 4:14 pm | |
| سورة البقرة. 7. قصة تابوت بني اسرائيل
7- قصة تابوت بني اسرائيل وردت هذه القصة في سورة البقرة آية رقم: 248, قال الله تبارك وتعالى: وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248)
التابوت كان عبارة عن صندوق خشبي, مرصعا بالجواهر الثمينة ما خفّ وزنها وارتفع ثمنها, وقد وضعت فيه ألواح التوراة, واعتاد بنو اسرائيل على حمله معهم أينما حلوا وأقاموا اعتقادا منهم أنه يجلب لهم الرحمة والنصر على أعداءهم.
وكما ورد في تفسير ابن كثير رحمه الله أنّ ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض حتى وضعته بين يدي طالوت والناس ينظرون.
عندما طلب بني اسرائيل من نبيهم أن يعيّن لهم ملكا منهم , عيّن طالوت, ولم يكن منبيت الملك أي من سبط يهوذا, بل كان جنديا من جنودهم, واحتجوا عليه بقولهم:كيف يكون ملكا علينا وهو فقير معدم, ونحن أحق منه بالملك, فكانت اجابته لهم بأنّ الله اصطفاه ولست أنا, والله أعلم حيث يجعل رسالته, وقد اختاره منكم ومن بينكم, فلست أنا الذي اخترته لترفضوه, بل هو أمر من الله وعليكم الامتثال والسمع والطاعة والا غضب عليكم ربكم غضبا لا يغضبه على أحد,فالله يفعل ما يشاء , يسأل سبحانه وتعالى ولا يسأله, تسألونولا يسأل واسع الفضل يختص برحته من يشاء من عباده.. وانّ علامة بركة ملك طالوت أن يردّ الله عليكم التابوت المسلوب منكم لما فيه من الوقاروالجلالة.
ولأنهم لم يمتثلوا لأمر نبيهم فقد سلط الله عليهم من لا يخافهم ولا يرحمهم فيالله, ذلك أن الله لا ينصر الا من ينصره, وهذه قاعدة وسنة أزلية لا تتخلفابدا, و عندما زاغوا عن الحق وبطروا وبطشوا أزاغ الله قلوبهم ومكّن أعداءهم منهم, وهذه أيضا سنة أزلية عند الله تعالى لا تتخلف, ذلك أنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.
ولم تنتزع التوراة والتبوت من بني اسرائيل الا لأنهم عاندوا الحق وتمادوا في طغيانهم وغيّهم, واتبعوا الشهوات فأضلهم الله ضلالا بعيدا.
وعلى هذه الأساس تم لطالوت بناء جيش قوي متماسك, فيه تلاحم وترابط واستعداد جيد, واضافة الى ذلك اراد تصفية الجيش من كل شائبة ليكون جيشه من أشد الجيوش قوة ومنعة, وان يكون مقبولا عند الله تعالى, مؤيدا بنصره, وقال للجند: ايها الناس! ان الله تعالى مبتليكم بنهر,يختبر فيه قوة احتمالكم وصبركم وصدق عزائمكم, فمن أحجم عنه طاعة لله فهو مني وأنا منه, وأما منعبّ منه وملأ بطنه فقد وقع في المحظور, ويستثنى من ذلك من اغترف قدر غرفةاليد يبرّد بها الظمآن جوفه.
ومضى طالوت مع الجند الصادقين الملتزمين ينشد العدو في ساحة الوغى ليقضي الله أمرا كان مفعولا ويحق الحق ويبطل الباطل ان الباطل كان زهوقا.
وما أن حين من موقع معسكر العدو حتى لاحت لهم بنود وأعلام وخيام تملأ المكان,وما أن وقع بصرهم على كثرة جنود كأنها جراد منتشر, حتى وقع في قلوب البعض منهم الرعب والخوف, فقالوا: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده, ومالوا الى الفرار من الزحف, وتراجعوا, وآثروا الحياة الدنيا عن الآخرة, وصمد مع طالوت قلة قليلة هم الصفوة من المؤمنين الذين ربط الله على قلوبهم, وقالوا له: امض لشأنك وأمرك, فنحن معك, والله ناصرك وناصرنا, ولن يخذلنا من قلة,نعم هو ما يقولون, : كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ وتقابل الجيشان, جيش جالوت ذات العدد الكثير والعدة الكثيرة, وجيش طالوت لا تكاد تذكر لقلة عددعا وعدتها, ولأنهم جند الله وأحباؤه وأهل طاعته وأصفياؤه فلن يخذلهم أبدا, تلك سنة الله وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً, وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً.
انّ التصفية التي قام بها طالوت في جنده كانت تمهيدا من الباري عز وجل لظهوربطلا منقذا مبعوثا من عنده سبحانه وتعالى, ترى من يكون هذا البطل؟ لقد كان مع جيش طالوت غلاما حدثا ما فتي يتنقل مع الجند, لا يحمل سيفا ولارمحا, ولا يتدرع, خفيف الحركة, نشيط البدن, قوي الساعد, متوقد القلب, تشع عيناه ببريق الايمان والعزم, هذا الفتى اسمه داوود عليه السلام.
خرج داوود عليه السلام من بيت لحم مع اخوته الثلاثة المنضمين الى جيش طالوت بوصية من أبيهم وبأمر منه بأن يكونوا أوفياء للحق يخلصون الطاعة لله عزوجل, لا ينكثون عهدا ولا ينكصون على أعقابهم.
ولم يخرج داوود عليه السلام معهم قاتلا أو محاربا, وانما سفيرا بينهم وبين أبيه, يزوده بأخبارهم ويسعى في خدمتهم, وحين راى داوود عليه السلام غطرسة جالوت وصولته فوق جواده في ساحة القتال وتجنب الناس لقاءه ومواجهته سأل داوود عليه السلام: من يكون هذا الفارس المتكبر؟ فقيل له: انه جالوت قائد جيش العدو, واشد الناس مراسا في الحرب, لا يبرز اليه مقاتل الا جندله أواثخنه جراحا, لهذا فان القوم تخشى منازلته خشية بطشه, فقال داوود عليه السلام: وما ظنكم بالذي يقضي عليه ويصرعه, ويخلصكم من شرّه أيضا؟ قالوا:ومن يقدر على ذلك؟ أجابهم عليه السلام: أنا بعون الله وتأييده أفعل ذلك,فهزوا رؤوسهم استنكارا وسخرية….
وتحقق وعد الله الحق في نصر رسله , فقال عزوجل: فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُوفَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ . والله فوق كل ذي علم عليم.
| |
|