صلاح نوح عضو جديد
رقم العضوية : 6 عدد المساهمات : 15 نقاط : 41 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| موضوع: قصة ابراهيم ابن ادهم رحمة الله الجمعة ديسمبر 17, 2010 11:01 am | |
| منقول من كتاب السفينة المباركة
قصة ابراهيم ابن ادهم رحمة الله
وسبب زهده في الدنيا وخروجه منها وما وقع له من الكلام العجيب على التمام روى الشيخ ابو الوليد رحمة الله عليه ان سبب زهد ابراهيم ابن ادهم وبدو توبته وخروجه من ملكه وسبب طريق الزهد والعبادة ولم يكن في دولته احد مثله وانه كان يخطب له على اربعة الاف منبر واربعمائة منبر وكان له في كل مدينة اثنعشر قائد تحت يد كل قائد اثنعشر الف فارس وكان اذا ركب الى الصيد يمشي بين يديه اربعة الاف غلام وفي يد كل غلام جوكان من الذهب الاحمر بمناطق الذهب فركب ذات يوم الى الصيد وفي يده باز وسائر اجناس الملوك قدامه الى المدينة واذا هو بشيخ بين يديه قد نصب له كرسيا ليجلس عليه وقاية له فجلس الشيخ وارباب دولته ينتظرون خروج ابراهيم فخرج والغلمان بين يديه وهم بالقضبان الذهب يضربون الناس ليتنحوا عن الطريق فاتا بعض الغلمان الى الشيخ فقال له الشيخ ما شانكم قالوا قد جاء اليك الملك فقال ويلكم لا تقولوا الملك ولكن قولوا المملوك العبد الخاطئ الفقير الحقير الذليل العاصي وانشد الشيخ يقول شعرا
انا ميت وعز من لا يموت قد تيقنت انني ساموت ليس ملك يزيله الموت ملك انما الملك ملك من لا يموت
قال فلما سمع ابراهيم كلام الشيخ فنادى على الغلمان وقال لا تضربوا احد فلما وصل ابراهيم الى الشيخ فقال له ايها الشيخ بما يصل العبد الى الكل قال الشيخ بترك الكل فجاته العناية السابقة وعلم كلام الشيخ فرجع عن الطريق ودخل قصره وامر بغلق الابواب ويتضرع ثلاثة ايام بلياليها فتقاتلت الناس على الابواب وارادوا كسرها فدخلوا الخدم على ابراهيم وقالوا ايها الملك اتاذن لنا في فتح الابواب فقال افتحوا فلما دخلوا على ابراهيم قالوا ايها الملك ما الذي اصابك فقال جئتم تقولوا ايها الملك وانما انا عبد فقير عاصي مولاه ذليل حقير فقالوا ايها الملك اخبرنا بقصتك فقال قد زهدت في الدنيا ولذاتها وقد عزمت على الخروج منها واسلك طريق الاخرة فقالوا بما زهدت في الدنيا قال بثلاثة اشياء علمت ان القبر بيتي وليس معي مؤنس ورايت الطريق بعيدا وليس معي زاد وعلمت ان قدامي جبار يحاسبني وليس علي حجة فقالوا له ان كان ولابد من ذلك فاعبد الله تعالى في مكانك فقال لهم لا تصح الدنيا والاخرة في مكان واحد فقالوا له دعنا نكون معك وفي خدمتك ونسلك الطريق الذي تسلكه قال انا ما كنت في بطن امي الا وحدي ولا ادخل القبر الا وحدي ولا احاسب الا وحدي فما اصنع بكم معي فقالوا له الحجاب والنواب والخواص لو قطعتنا اربا اربا ما فارقناك قال معاذ الله ان اقطع منكم احدا ولكن نمضي الى الشيخ الواعظ فلما دخلوا عليه قال له ابراهيم ايها الشيخ بما يصل العبد الى الكل قال بترك الكل قال ابراهيم سمعتم ما قال الشيخ قالوا نعم قال ابراهيم لا حاجة لي بكم ولا بصحبتكم قالوا له فما نصنع في هذه المماليك والاموال قال كل مملوك هو لي فهو حر لوجه الله تعالى وكل مملوك هو لغيري فهو مردود على اهله وكل من بيده مدينة او قرية فانا بريء منه يعمل ويخلص نفسه ثم ان ابراهيم صبر الى الليل وخرج ولم يعلم به احد هاربا الى الله تعالى ولم ياخذ معه من ملكه شيئا سوى مصحفه وسيف نقمته وجواده الذي كان يركبه وكان اذا اطلق عنانه يسير في ليلة واحدة اربعين فرسخا وكان لاولاده اربعمائة سرير فلما كان ليلة خروجه جاز على بعض الرعاة فقال له يا راعي ما تاخذ وتعطيني جبتك هذه فقال نعم فخلع ابراهيم ما كان عليه من الثياب من ملابس الملوك واعطاهم للراعي واخذ منه الجبة الصوف ولبسها ولم يزل سائرا طول ليله حتى اصبح عليه الصباح وقد قطع ثمانين فرسخا على ذلك الجواد اربعين في العمار واربعين في الخراب فنظر ابراهيم واذا هو بمرج اخضر وفيه عين ماء تجري فنزل عن جواده واخذ لجامه واطلقه وحفر حفيرة ودفن السيف فيها خوفا ان يؤذي به احدا من الناس بعده وكان ذلك السيف له في كل اسبوع له جهاز جديد يعني حفيرا من حدته وعظم سقايته ثم عمد بعد ذلك الى مسجد فاقامه بالحجارة واقام في ذلك المكان اربعين يوما لا ياكل ولا يشرب الا قليلا فلما كان بعد الاربعين يوم جلس يتفكر في شانه وهو يقول في نفسه ياليت علمي هل قبل الله توبتي ام لا قال فبينما هو متفكر في امره اذ غلب عليه النعاس فوضع جنبه الى الارض فنام فجاءه اسد ولبوة ففرشت جنبها برفق ووقف الاسد فوق راسه بالطول يمنع عنه المطر فانتبه ابراهيم فحس بشيء لين تحته قبل ان فتح عينيه ففزع وظن انه يكون قد رجع الى الفراش واللحاف الذي كان له ففتح عينيه واذا هو باسد فوقه يمنع عنه المطر ولبوة تحته تمنع عنه الخشونة والبرودة من الارض فقال ابراهيم لا اله الا الله صدق الشيخ الواعظ في قوله من ترك الكل وصل الى الكل هؤلاء هذا وان كانوا اعداء فقد جعلهم الله اصدقاء قال فكان من كلام لسان اللبوة ان قالت يا ابراهيم انت رفه البدن ولا تقدر على المشي ولكن اجعلني من بعض دوابك واركبني الى ان تصل الى العمار وسرحني فان الله تعالى قد امرني لك بالطاعة قال فركب ابراهيم ولم يزل سائراالى ان وصل الى اطراف البلاد والعمار فنزل عن اللبوة وسرحها وجعل على وجهه برقعا حتى لا يعرفه احد ثم انه دخل الى المدينة فسال عن حاكم المدينة فقالوا فلان المتولي من بعض مماليك ابراهيم فجاء ابراهيم الى رجل بقال فدفع اليه المصحف على شيء ياكله بدرهم قال فلما اكل ابراهيم حمد الله تعالى وشرب ومضى يطلب انسانا يعمل معه وياخذ اجرته ويستفك المصحف من الرهينة فراه بعض غلمان المتولي فقال له احمل لي تلك الحملة على راسك الى دار المتولي واعطيك درهما قال نعم فحمل الحملة على راسه الى دار المتولي فعرق عرقا شديدا من التعب فلما حط الحملة قال اعطوني اجرتي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعطوا الاجير اجرته قبل ان يجف عرقه فلما سمع المتولي كلام ابراهيم ونظر اليه وكان جالسا على سرير وعليه ثياب من الديباج وعلى راسه شاش من الذهب وبيد ميل يلعب به وقد ثنا رجلا علا رجل كانه جبار عنيد واوما بالميل الى ابراهيم وقال من هو الذي ياخذ منا اجرة وانما نحن ناخذ ولا نعطي فقال له ابراهيم يا هذا ان اعطيت فما خرجت عن العدل قال وكان المتولي قد سمع بخروج ابراهيم من ملكه وزهده في الدنيا فظن به في تلك الساعة فنزل عن سريره وكشف البرقع عن وجه ابراهيم فعرفه قال يا مولاي انت في هذه الحالة وانا حي في الدنيا ثم انه عمد الى سكين ليقتل بها روحه فقبض ابراهيم يده وقال له لا تفعل ما امر الله بهذا ولكن اعطني اجرتي درهما حتى انصرف عنك قبل ان يعرفني احد وانا اقسم عليك بالله ان تكتم امري قال يا مولاي انا مملوكك وقد جمعت لك من مدة عشرين سنة خزائن ذهب وفضة قال له ابراهيم ان كنت مملوكي فانت حر لوجه الله تعالى وان كانت البلد بلدي فقد وليتك امرها فاستعمل العدل فاني قد برئت منك وان كنت قد جمعت لي مالا فرده الى اهله واعطي كل ذي حق حقه اعطني درهما استفك به المصحف واصرف انت باقي المال على الفقراء والمساكين قال فاحضر بين يديه كيسا فيه عشرة الاف درهم فاخذ منه درهما وترك الباقي واقسم عليه ان لا يتبعه فاتى ابراهيم الى البقال واعطاه الدرهم واخذ المصحف وخرج هاربا على وجهه الى الله تعالى ولم يزل سائرا الى ان وصل الى انطاكية فدخل الى مسجد فلما صلى العشا اتى اليه البواب وقال له اخرج يا فقير حتى نغلق باب المسجد قال له ابراهيم يا اخي انا رجل غريب وليس لي موضع اوي اليه وهذه ليلة شتاية قال له البواب اخرج ولا تطول فاننا لا ناوي الغربا في مساجدنا قال وكانوا يخافون من الروم فسكت ابراهيم ولم يرد جوابا قال له البواب قم والا جررت برجلك ولو كنت ابراهيم ابن ادهم قال له انا ابراهيم ابن ادهم قال له البواب ما كفاك حتى تكذب على ابراهيم ثم عمد الى ابراهيم واخذ برجله ولم يزل هكذا يحره حتى اخرجه الى الزقاق وقد غشي عليه مما ضربه يمينا وشمالا ثم ان ابراهيم طلب مكانا يتاوى فيه من المطر وقد صار كل شيء عليه طين فنظر الى مكان قريب منه وفيه سراج فتقدم اليه ابراهيم واذا هو بعبد اسود يوقد في تنور الحمام فدخل ابراهيم على العبد وسلم عليه فلم يرد عليه السلام وهو يهمهم بشفتيه فخشي ابراهيم ان يكون العبد اقسى قلب من القيم الذي اخرجه من المسجد فلم يدن من النار وجلس على ناحية من الزبل فعمد العبد الى قرصين من شعير ووضعهما بين يديه ورجع الى شغله قال ابراهيم الظاهر ان في قلب هذا الاسود رحمه فاكل ابراهيم القرصين وتقرب الى النار ونشف جبته ولم يزل العبد يوقد النار طول الليل ولسانه لا يفتر عن ذكر الله تعالى فلما اصبح الصباح بطل العبد الوقيد ورد السلام على ابراهيم قال له ابراهيم يا سبحان الله سلمت عليك اول الليل وترد السلام علي اخر الليل قال له يا عبد الله ابسط اليك العذر اعلم اني مملوك وانا في خدمة مولاي الاكبر ومولاي الاصغرفقلت لمولاي الاصغر اتختار مني اخدمك في الليل ام في النهار فاختارني في الليل في هذا المكان فخشيت ارد عليك السلام فتسالني عن شيء اخر فاشتغل بك عن الخدمة فلم اكن قد نصحته وانا الساعة قد خرجت من خدمته وقضيت نوبته وجائت نوبة مولاي الكبير وهو كريم قال ابراهيم كيف ما تسال الله تعالى ان يعتقك من الرق قال ان مولاي الاصغر قد عاهد الله عز وجل انه ان وقع بصره على ابراهيم ابن ادهم وراه يعتقني قال انا ابراهيم ابن ادهم قال له انت ابراهيم قال نعم فانكب العبد على رجلين ابراهيم يقبلهما الا وسيد العبد داخل عليهما قال للعبد من هذا قال يا سيدي من هو الذي قلت ان وقع نظرك عليه تعتقني قال ابراهيم ابن ادهم قال هذا هو قال يا سيدي صحيح انت ابراهيم ابن ادهم قال نعم فوقع على يديه يقبلهما وقال له يا سيدي امضي معي الى البيت قال حبا وكرامة فمضوا جميعا الى البيت فدخل الرجل واتاهم بشيء من الزاد قال له ابراهيم لا اكل شيئا حتى تقوم بالذي قلت لهذا العبد قال نعم هو حر لوجه الله تعالى فاكل ابرهيم حتى اكتفا وودعه وسار الى داخل المدينة فبينما هو سائرواذا برجل ضرير تعلق به وقال له يا سيدي انا اهل عيال فهل معك شيء تعطيني لله تعالى استغيث به قال له ابرهيم ما املك شيئا ولكن خذني الى السوق بعني وانتفع بثمني قال له وكيف ذلك يا سيدي قال رضيت بذلك فاخذ بيده وسار به الى السوق فوجدتا تاجرا من اعيان التجار التي في تلك المدينة فقال له الى اين هذا الرجل قال الى السوق ابيعه قال هل لك ان تبيغني اياه بهذه الخمس دراهم وانا اخذه واستعمله عندي اياما قلائل فاذا فرغ شغله عتقته قال له رضيت قال نعم فقبض ابراهيم الثمن ودفعه الى الضرير وقال له اذهب الى عيالك ثم اقبل ابراهيم على التاجر وقال له يا سيدي في أي شيء تستعملني قال لي بستان وفيه تل تراب كبير ان نقلته عتقتك فاخذ التاجر ابرهيم واتى به الى البستان واذا به تل تراب كبير فلما نظر اليه ابرهيم قال استعنت بالله ثم قال للتاجر اتيني بزنبيل ومجرفة وقرص شعير وبدا في نقل تل لتراب بالمجرفة والزنبيل وبعد بذل جده كبير تعب وارتكى جانب تل التراب الكبير الذي نقص شيء بسيط لا يذكر بالنسبة لحجم التل وكان في المكان القريب من التل حية سامة حيث ان كل من حاول نقل التل من العمال التي اتا بها التاجر قد قتلت بسبب هذا الحية ولكن عندما ارتكى ابراهيم جنب تل التراب فاتت الحية وفي فمها عرق وريحان وجعلت تنش الذباب واثناء نومه انتقل تل التراب بقدرة الله تعالى وهذا حدث اثناء فترة نوم ابرهيم فبعد زمن اتا التاجر فلم ير ذلك التراب فتعجب ثم نظر الى الحية وهي عند راس ابرهيم تنش عنه الذباب وهو نائم فصاح التاجر صيحة عظيمة فانتبه ابرهيم وقال ما شانك يا مولاي فهل انكرت من امري شيئا قال التاجر ايها العبد الصالح لا تقل لي مولاي بل انت مولاي وانا المملوك قال ابرهيم وكيف ذلك قال رايت منك امرين عجيبين الاول التراب الذي ما كان ينتقل ولا ينتزح في مدة طويلة والثاني الحية التي قتلت لي ثلثمائة مملوك تروح عليك قال ابرهيم ما كان بيننا اذا فرغ التراب تعتقني وقد زال التراب بقدرة الله تعالى قال له التاجر اقسمت عليك بعزه العزيز من انت؟ قال اذا قلت لك تعتقني, قال انت حر لوجه الله تعالى فقال انا ابراهيم ابن ادهم, قال التاجر كل شئ معي من بعض احسانك واني قد اشتريت مائة مملوك وكنت مسافرا بهم الى بعض بلادك, اشهدك على انهم كلهم معتوقون لوجه الله تعالى لانك قد بعت نفسك وقد اوهبت لكل واحد منهم نفسه, قال ابراهيم ما احسن المعامله مع الله تعالى ثم انه خرج هاربا الى الله..ثم بعد عشرين سنه وهو في مكه وحوله جماعه من الفقراء, فقالو له يا شيخ اوصنا بما ينفعنا قال اوصيكم بتقوى الله تعالى ولا تتذللوا لغير الله واياكم والنظر الى المردات, فما استتم ابراهيم كلامه في تلك الساعه ومن احسن الشباب قد جاز عليه ومعه عشرون غلام وفي اجيابهم دنانير يتصدقون بعم على الناس فجعل ابرهيم يطيل النظر اليه فخطر في بال الفقراء انه ينهي عن شيء وهو يفعله فقال لهم ابرهيم لعلكم انكرتم علي قالو وقد كان ذلك قال لو علمتم من هذا ما انكرتم علي هذا ولدي تركته في الرضاع من مدة عشرين سنة فلما رايته عرفته وقد جاء يسال الله بان يراني في الدنيا قالوا لم لا تعرفه بمكانك قال لا اقدر على ذلك وانشد يقول شعرا
هجرت الخلق طوي رضاك ويتمت العيال لكي اراك فلو قطعتني في الحب اربا لما حن الفؤاد الى سواك
قال ثم انه نهض ودخل الى الشام واتى الى جبله واللاذقيه ومات بها وهذا ما انتهى الي من حديثه ونعوذ بالله من الزياده والنقصان وصلى الله على رسوله واله وسلم...
[/center] | |
|