اسد البراري المدير العام
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 466 نقاط : 1134 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 63 الموقع : https://sanabel.ahlamontada.net
| موضوع: الوقت أنفاس لا تعود الجمعة نوفمبر 19, 2010 10:43 am | |
| { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ } المؤمنون 115
إن رأس مال المسلم في هذه الدنيا وقت قصير.. أنفاسٌ محدودة وأيام معدودة..فمن استثمر تلك اللحظات والساعات في الخير فطوبى له, ومن أضاعها وفرط فيهافقد خسر زمناً لا يعود إليه أبدا. وفي هذا العصر الذي تفشى فيه العجز وظهر فيه الميل إلى الدعة والراحة..جدبٌ في الطاعة وقحطٌ في العبادة وإضاعة للأوقات فيما لا فائدة..
قال تعالى: { وَالْعَصْرِ * إِنَّالإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواالصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }العصر أقسم تعالى بالعصر وهو الدهر الذي هو زمن تحصيل الأرباح والأعمال الصالحةللمؤمنين وزمن الشقاء للمعرضين, ولما فيه من العبر والعجائب للناظرين
وعمر الإنسان القصير والذي لا يتجاوز عشرات معدودة من السنين سيُسأل عن كل لحظة فيه وعن كل وقت مر عليه وعن كل عمل قام به. قال رسولنا الكريم "لاتزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال: عن عمره فيم أفناه؟وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذاعمل فيه؟".جامع الترمذي
ومن جَهِل قيمة الوقت الآن فسيأتي عليه حين يعرف فيه قدره ونفاسته وقيمةالعمل فيه, ولكن بعد فوات الأوان, وفي هذا يذكر القرآن موقفين للإنسانيندم فيهما على ضياع وقته حيث لا ينفع الندم. الموقف الأول: ساعة الاحتضار, حيث يستدبرالإِنسان الدنيا ويستقبل الآخرة, ويتمنى لو منح مهلة من الزمن, وأُخر إلىأجل قريب ليصلح ما أفسده ويتدارك ما فات. الموقف الثاني: في الآخرة حيث توفى كل نفسما عملت وتُجزى بما كسبت ويدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، هناكيتمنى أهل النار لو يعودون مرة أخرى إلى حياة التكليف , ليبدءوا من جديدعملاً صالحاً.. هيهات هيهات لما يطلبون فقد انتهى زمن العمل وجاء زمن الجزاء. ونلحظ في زماننا هذا الجهل بقيمة الوقت والتفريط فيه..هذا الزمن زمن العجز.. زمن الدعة والراحة والكسل، ماتت الهمم وخارت العزائم تمر الساعات والأيام ولا يحُسب لها حساب بل إن هناك من ينادي صاحبه تعال.. لنقضي وقت الفراغ..!! أخي.. أختي ... هل لدى المؤمن وقت فراغ؟
اسمع قول الله تعالى { فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ }الشرح إذا فرغت من شغلك مع الناس ومع الأرض ومع شواغل الحياة.. إذا فرغت من هذا كله فتوجه بقلبك كله إذن إلى من يستحق أن تنصب فيه وتكد وتجهد العبادة والتجرد والتطلع والتوجه هذا مع أن المسلم باحتسابه وإخلاصه في أعمال الدنيا في عبادة, وهو في جهاد في حياته.. ولقد أجمل جلّ وعلا ذلك كله في آيات محكمات.{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات
لنعد قليلاً.. في سطور مضيئة وكلمات صادقة إلى حال من سبقنا لنرى كيفنظروا إلى هذه الأوقات.. وماذا عملوا فيها.. وكيف استفادوا منها.. قال عبدالله بن مسعود: ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي.
تسافر بالراكب الأيام وتسير به الليالي.. في وضح النهار وفي غسق الدُجى..آناء الليل وأطراف النهار.. رحلة متواصلة.. وسيرٌ حثيث.. حتى تحط بهالركاب. فالناس منذ خلقوا لم يزالوا مسافرين, وليس لهم حَطٌّ عن رحالهم إلا في جنةأو نار, والعاقل يعلم أن السفر مبني على المشقة وركوب الأخطار, ومن المحالعادة أن يُطلَب فيه نعيم ولذة وراحة. إنما ذلك بعد انتهاء السفر, ومنالمعلوم أن كل وطأة قدم أو كلّ آن من آنات السفر غير واقفة, ولا المكَّلفواقف , وقد ثبت أنه مسافر على الحال التي يجب أن يكون المسافر عليها منتهيئة الزاد الموصل, وإذا نزل أو نام أو استراح فعلى قدم الاستعداد للسير إن الليالي للأنام مناهل ... تطوى وتنشر دونها الأعمار
فقصارهن مع الهموم طويلة ... وطوالهن مع السرور قصار أن الساعات ثلاث: ساعة مضت لا تعب فيها على العبد كيفما انقضت في مشقة أورفاهية, وساعة مستقبلة لم تأت بعد لا يدري العبد أيعيش إليها أم لا؟ ولايدري ما يقضي الله فيها, وساعة راهنة ينبغي أن يجاهد فيها نفسه ويراقبفيها ربه, فإن لم تأته الساعة الثانية لم يتحسر على فوات هذه الساعة, وإنأتته الساعة الثانية استوفى حقه منها كما استوفى من الأولى. ويطول أملهخمسين سنة فيطول عليه العزم على المراقبة فيها, بل يكون ابن وقته كأنه فيآخر أنفاسه فلعله آخر أنفاسه وهو لا يدري، وإذا أمكن أن يكون آخر أنفاسهفينبغي أن يكون على وجه لا يكره أن يدركه الموت وهو على تلك الحالة. وتكونجميع أحواله مقصورة على ما رواه أبو ذر رضي الله عنه من قوله عليه السلام"لا يكون المؤمن ظاعنا إلا في ثلاث: تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم" أحمد ابن حيان والحاكم
إن الصحة والفراغ والمال هي الأبواب الذي تلج منها الشهوات المستحكمة،ويتربع في فنائها الهوى الجامح فيأتي على صاحبه، وقد صدق من قال: منالفراغ تكون الصبوة. وقد تميز المؤمن عن ذلك كله فهو كما قال قتادة بن خليد... المؤمن لا تلقاهإلا في ثلاث خلال.. مسجد يعمره، أو بيت يستره، أو حاجة من أمر دنياه لابأس بها فإن العاقل الموفق من أدرك حقيقة ذلك، فاغتنم عمره في علم نافع يحفظهويحفظ الأمة من نفسها ومن عدوها، ويجعلها أمة يدها هي العليا وليست هيالسفلى، في جهاد مبارك.. قلماً ولساناً وسناناً، في أمر بمعروف ونهي عنمنكر، في تربية لعقول وأفئدة وأحاسيس تنفع الناس وتمكث في الأرض لتؤتىأكُلها كل حين بإذن ربها. إن أمضى يومه في غير حق قضاه، أو فرض أدّاه، أو مجد أثله، أو حمد حصَّله، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه وظلمه. هذا يتحسسه أشد ما يكون عند ساعة احتضاره، عندما يراه قد أودى به إلىالخسران المبين، فيتمنى على الله أن يؤخره حتى يُصلح ما أفسده، ويتدارك مافات، وأنى له أن يُمْهلَ وقد تحتم الأجل ونزل الموت في ساحته.
اللهم انفعنا بأوقاتنا وبارك لنا فيها واجعلها خالصة لوجهك الكريم | |
|