الخوف والمطر
أول معركة خاضها محمد صلى الله عليه وسلم بين الكفر والإسلام في غزوة بدر الكبرى حيث خرج المسلمون وهم قلة يريدون قافلة الكفار وإذا الأمر تحدث فيه المفاجآت فهم أمام جيش قوي كبير أضعافهم عدد وتدور المعركةويثق الكفار بأن النصر لهم قال تعالى ( وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً) فوثق الكفار بالنصر , إن المسلمين قلة ثلاث مئة أو يزيدون عددا قليلاأما الكفار فكانوا ألفا فيهم مائتا فارس والفارس يحسب بعشرة من المقاتلين. لما نظر الكفار المسلمين وقد زاد عدد الكافرين وقد قل المسلمون في نظرالكافرين أيضا أيقنوا أن النصر لهم , فأرادوا أنيسجلوا نصرا في مجال العقيدة , إلى جانب النصر المضمون في مجال المعركةفخرجوا يستفتحون الله يقولون : اللهم من كان منا على حق فانصره .. لكنالله لا يضيع عبادة .. لا يضيع رسوله صلى الله عليه وسلم لقد علم الرسولأنها موقعة فاصلة , فاستغاث بربه فأنزل الله قوله ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) الأنفال - 9 -10 فعندما يرى المسلمون جند الله بينهم تطمئن القلوب ,وما النصر إلا من عند الله , لا من عند الملائكة ولا من عند البشر ثم ماذا؟ هذا النعاس الذي جعله الله نعمة للناس , إذا ناموا استعادت أبدانهمقوتها بعد إجهاد وتعب يشاء الله أن يخرق السنة للمسلمين الخائفين ليلةالمعركة , فنزل عليه نعاسا يغشاهم جميعا , في لحظة واحدة ,فينام كل واحد منهم على حاله ومع هذا النعاس الذي غشيهم جميعا حيث النومالعميق والأمان القوي .. احتلم بعض المسلمين فأجنب فقاموا في الصباح, فجاءالشيطان واعظا لهم يقول : كيف تدخلون معركة وأنتم جنب ؟!! كيف تقتلونوتلقون الله وأنتم جنب ؟! فرد الله كيد الشيطان فأنزل مطرا من السماءليطهر المسلمين به , ويذهب عنهم رجز الشيطان !
يقولالأطباء عند الخوف تفرز في الدماء مادة معينه ترتعش منها الأطراف فلا تثبت, ومن وسائل تثبيت الأطراف بتقليل هذه المادة أن يرش من هذه حالته بالماء, وقد كان نزول الماء أيضا من الأسباب المادية التي جعلها الله وسيلةلتثبيت الأقدام , بتقليل هذه المادة في الدماء إلى جانب تثبيت الأرض التييسير عليها المجاهدون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكون ثابتة تحتأقدامهم , لأن الرمال إذا بللت تماسكت وسارعليها السائر بعزم وثبات وتتقدم القدم فلا تغوص ونزل الماء على الكفارفعطلهم عن السير ترى عندما التقى الجيشان ماذا كانت النتيجة ؟ بعد المعركةوبعد أن التحم الصفان صفت الملائكة مع المؤمنين إذا بالمؤمنين يزدادونعددا في نظر الكافرون , ويرونهم مثليهم رأى العين بعد أن كانوا يرونهمقليلا ( قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْن).
المصدر " العلم طريق الإيمان " للشيخ عبد المجيدالزنداني